يا .. الله عفوك

mainThumb

14-04-2018 10:48 AM

 حَطبٌ يأكل بعضه , نيران تشتعل في الصدور يوقدها هَم وغَم وحِقد وسخطٍ وحَسد , طَوقنا أعناقنا في حبال من مسد فَتَبت أيادينا بألف تَبٍ وَتَب , ضاقت علينا الأرض بما رَحبت فلا ماؤها ولا فضاؤها ولاعَطاؤها ولا الخير الذي فيها يملأ أعيُننا فلا كَثيرٍ به نَشبِع ولا قليلٍ بِهِ نَقنع .

 
فاضت عيوننا بدموع مالِحَة تُحِرِقُ أجفاننا وتُرهِقَها وشفاهٌ تَصَنَعَت ضَحِكات مَبتورة شاردة خائِفة رُبما من ذَنبِ اقترفناه أو مُصيبة دفينة في الذاكرة , موسيقانا حَزينة وأعيادنا كئيبة وأفراحنا منقوصة فَضاقت الحلقاتُ واستحكمت ولا اظنها تُفرج مع هذا التوهان وهذا البُعد وهذا السَعي لغاياتنا المفرطة والبعيدة عن الإنسانية .
 
جَعَلنا أنفُسَنا اعواد ثِقاب نَحرِقُ بها أمتنا وتاريخها وتلك الحقول الجميلة في ماضينا فما عادت تُزهر حُقول القمح وما عُدنا ننتشي برائحة زَهر اللوز والليمون ورائحة المطر ولا بِقطرات الندى على نَبتَة الريحان التي تُزين شرفات منازلنا , باركنا أكل الثور الأبيض ثم شاركنا بتشيع جنازة الثور الأسود .
 
عِندما شَبَت النار في حارتنا لم نطفئ البيت الأول ولا الثاني ولا الخامس حتى وصلت إلى أقدامنا ولفحت وجوهنا فهل ينفع مع النار ابتهالاتنا ودعواتنا وتوسلاتنا واللهم لا تُحملنا مالا طاقةَ لنا به ..؟ لا والله لن تنفع ولن تُنقذنا مما نحن فيه أبداً .
 
لنعود للوراء قليلاً كيف كُنا ...؟ ولِنَنظر لواقعنا كيف أصبَحنا ... ؟ كانت فِلسطين وِجهَتُنا وَمَحِجنا وقبلتنا ولها نَبتَهِلُ بِدَعَواتنا الصادِقة آما الآن فلمن ندعوا للعراق ولسورية أم إلى ليبيا واليمن وعلى من ندعوا على إسرائيل أم الأمريكان أم روسيا والشيعة وأؤلئك الذين بيننا يوقِظون الفِتنة ويؤججون لنار تأكل الأخضر واليابس وتدمر البلاد وتَقتُلُ العِباد , نارٌ موقَدة تحاصرنا وتقتل أفئدتُنا وتَخنُقنا بِسَنا دُخانها وغَيظِها .
 
بِسم الله الرحمن الرحيم ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) هذا هو الطريق للخلاص وإطفاء النار التي تشتعل فيها صدورنا وهو الطريق للخلاص من ذُلِنا وعُبودِتنا وتابعِيَتِنا وخُضوعِنا فنجن والله كأمة لا ننتصِر بقوةِ عتاد وعُدَة ولا بكثرة مال وسلاح , نحن أمة لا ننتصِر إلا بِمقدار إتصال قلوبنا بالله سبحانه وتعالى .
 
بسم الله الرحمن الرحيم ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) تِلك هي حالنا وهذا ما أوصلنا للحالة التي نحن نعيشها ضنك في الحياة ضيق في العيون والأنفس أنانية واستحواذ وحب تملك كُلنا مسكونون بالألم والخوف والضيق وأمراض النفس وصراع على لا شيء .
 
هما طريقان لا ثالث لهُما إما أن نتقي الله فنشفى مما نحن فيه وإما إعراض عن ذِكر الله فنشقى ونبقى فيما نَحن فيه .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد