الجامعة الاردنية تنتخب وتصنع تاريخا

mainThumb

20-04-2018 03:39 PM

 صنعت الانتخابات الطلابية في الجامعة الاردنية أمس تاريخا بإجرائها وفق نظام قوائم التمثيل النسبي وهو حتى سنوات خلت كان من الأحلام. الجامعة تحت رئاسة د. عزمي محافظة تجرأت على التغيير ومحافظة يملك خلفية فكرية ديمقراطية وتقدمية فوق خلفيته المهنية العالية. وقد كانت الجامعة الهاشمية قبل سنتين أول من تجرأ على الأخذ بهذا النظام بدفع من رئيسها د.  كمال بني هاني صاحب الرؤية التنويرية الاصلاحية فوق تأهيله الأكاديمي المميز.

 
مع هذا التغيير الجذري في النظام الانتخابي لاتحاد طلبة الجامعة الاردنية يمكن توقع التحول في كل الجامعات من الانتخابات الفردية الى القوائم النسبية. وعلى كل حال فالقفزة الكبرى تحققت على المستوى السياسي الوطني بالتحول الكامل في الانتخابات البرلمانية الماضية الى نظام القوائم النسبية على ما شاب التفاصيل من اختلالات قللت قيمة التحول، لكن المبدأ على ما نرى يتمدد ويعم في كل مجال، وفي التعديلات على قانون نقابة المعلمين تم التحول الى التمثيل النسبي وهو كان في السابق نظاما اغلبيا قاسيا اذ يكون الترشيح بالقوائم المغلقة والقائمة التي تأخذ أصواتا أعلى تستولي على كل المقاعد. كان نظاما اقصائيا بإمتياز أما في القانون المعدل فكل قائمة تأخذ بنسبة أصواتها.
 
بقيت النقابات المهنية وحدها على  النظام الفردي القديم مع أنها الأكثر عراقة في الانتخابات حتى حين كانت البلد كلها تحت الحكم العرفي وفي النقابات بدأت أول المطالبات باعتماد النظام النسبي بل ان نقابة المهندسين اقرت في اجتماع هيئتها العام من زمان التوصية بالتحول الى النظام النسبي ووافق التيار الاخواني المهيمن على القرار لكنه عمليا يتهرب ويناور حتى الآن بسبب مصالحه الانتخابية في النظام القديم والذي اجريت بموجبه انتخابات الفروع وحصل التيار الاسلامي فيه على اغلبية نسبية من الأصوات لكن أغلبية ساحقة من المقاعد، وعلى نفس النظام ستجري انتخابات مجلس النقابة آخر الشهر، ونتوقع ان تكون آخر انتخابات بموجب النظام القديم، بعد ان تحولت البلد كلها الى نظام التمثيل النسبي.
 
نقول ذلك مع ان حجم توقعاتنا تواضعت الى درجة كبيرة بأثر هذا التغيير على الواقع السياسي الاجتماعي في المدى المنظور. ولننظر الى انتخابات الجامعة الأردنية فالقوائم نفسها تقوم على العصبيات والتحالفات العشائرية والجهوية ولا نستطيع لوم الطلبة على ذلك فتوحيد الناس في الانتخابات ليس له قاعدة يقوم عليها غير هذه فالطامح للمنافسه والترشيح لا يجد سوى استنفار العصبية والتضامن على اساس الانتماء الجهوي أو الاقليمي أو العشائري والجامعة الاردنية التي تضم أكثر من 40 الف طالب تختصر التركيبة الاجتماعية الاردنية ويوجد من ابناء العشائر الكبرى عدد كاف  للرهان عليهم كقاعدة انتخابية وللبقية هناك الانتماء الجهوي أو الاقليمي وقد تشكلت التحالفات على هذا الاساس باستثناء قائمتين سياسيتين واحد للاسلاميين وواحدة لليساريين.
 
النظام الانتخابي لا يستطيع بذاته ان يقلب الواقع الاجتماعي، فهذا الواقع يكيف نفسه مع اي نظام انتخابي بما في ذلك النوع المصمم خصيصا لتشجيع الاحزاب السياسية ! مع ذلك يمكن ان نتطلع للنصف الممتلىء من الكأس فالنظام الجديد يخلق حراكا مختلفا ويدرب الناس على الاتصال والدخول في مفاوضات والبحث عن تسويات لتمكين العمل المشترك والعمل الجماعي والترويج  لقضية مشتركة حقيقية او مفترضة تمثلها القائمة بدل الترويج الشخصي البحت، ويجعل من الانتخابات مرحلة تدريب قوي على المشاركة في الشأن العام. والنتائج جاءت مرضية للجميع اذ توزعت المقاعد بعدالة وفق ثقل الجهات المختلفة. 
 
نحن نفضل ان نبقى في حالة انكار دائم لواقع التخلف السياسي – الاجتماعي ونحمل جهة ما مثل الصوت الواحد المسؤولية. النظام الانتخابي له دور ثانوي فإما انه يساعد على بقاء الحال القديم او يسهل الطريق للتغيير مع توفر عوامل اخرى تسند التقدم
 
"  
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد