ماذا يعني تتويج محمد صلاح؟ وماذا بعد؟ - حفيظ دراجي

mainThumb

26-04-2018 09:06 AM

 تتويج محمد صلاح بلقب أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي الممتاز للموسم الكروي الجاري كان متوقعا، مستحقا ومنطقيا لم يختلف بشأنه الكثير، بالنظر لما قدمه النجم المصري فنيا هذا الموسم مع فريقه ليفربول في الدوري المحلي ودوري الأبطال، ولِما أظهره من صورة مثالية عن لاعب عربي وافريقي خلوق ومنضبط جعل جماهير ليفربول بأطفالها وشبابها وشيوخها يسجدون لله مثله ويتغنون به مع كل هدف يسجله، ما جعل أغلبية لاعبي الدوري الأقوى والأفضل في أوروبا يصوتون له على حساب دي بروين وهاري كاين والحارس دي خيا الذين تألقوا بدورهم مع نواديهم طيلة الموسم. 

صحيح أن تتويج الموهبة صلاح هو تتويج للمهارة والبراعة والتميز الذي أظهره مع ليفربول هذا الموسم، وتتويج للأكثر تألقا وتهديفا في الدوري الإنكليزي، والأكثر تتويجا بلقب لاعب الشهر، لكنه أيضا تتويج لبداية تخلص الانكليز من عنصرية متجذرة في المجتمع ضد الأجانب والمسلمين بفضل مجهود ومهارات محرز وكانتي سابقا، مع المعجزة ليستر، ثم محمد صلاح اليوم رغم وجود نجوم مميزين تألقوا بدورهم في إنكلترا، وهو الأمر الذي يحمل دلالات كثيرة ويثير التساؤل بشأن ما هو قادم! 
 
تتويج المصري صلاح فيه دلالة على تجسيد وتكريس مبدأ الحياد والموضوعية الذي تحلت به أسرة كرة القدم الإنكليزية للمرة الثالثة على التوالي في اختيار الأفضل بدون أدنى اعتبار للأصل واللون والمعتقد والجنسية، كما كان عليه الحال في وقت قريب. تتويج صلاح فيه تأكيد على تغيير الصورة النمطية التي ترسخت مؤخرا في أوروبا عن المساجد والمسلمين، على الأقل في الوسط الكروي وجماهير الكرة خاصة، منذ صار صلاح وأوزيل وبول بوغبا ومحرز ونغولو كانتي وساديو ماني يظهرون التزامهم الديني في ملاعب الكرة كل مرة بالسجود ورفع الأيدي عند قراءة الفاتحة. تتويج صلاح هو تجسيد لفكرة ضرورة الاحتراف لكل لاعب عربي وافريقي يملك المهارات ويحلم ويسعى لتحقيق ذاته لأن صلاح لو بقي في مصر لما تمكن من تفجير طاقاته، ولما توج حتى بلقب أفضل لاعب في إفريقيا بكل ما يتميز به من مهارة وبراعة، لأن لقب أفضل لاعب افريقي صار حكرا على المحترفين من الأفارقة. تتويج صلاح وقبله كانتي ومحرز هو تأكيد جديد على توفر القارة السمراء على مهارات وفنيات خارقة تحتاج لبيئة ملائمة وفضاءات نظيفة حتى تفجر طاقاتها ومهاراتها ومواهبها العديدة. التتويج الثالث على التوالي للاعب افريقي الأصل بلقب أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي صار مصدر إلهام وفخرا للكثير من الشباب العربي والافريقي، أمر قد يفتح الشهية ويعد بالمزيد، ويحمل دلالات كبيرة يجب الاستثمار فيها رياضيا واجتماعيا وفكريا وثقافيا لتشجيع الشبان العرب والأفارقة على مزيد من السعي للانسجام في المجتمعات الأوروبية من خلال تألقهم رياضيا وفكريا وعلميا في مختلف المجالات. 
 
رغم أن التتويج ليس الأول من نوعه عربيا وافريقيا، ورغم أن صلاح لم يتوج بلقب الدوري الانكليزي ولا بدوري الأبطال بعد، لكن فوزه بلقب أفضل لاعب واقترابه من التتويج بلقب أفضل هداف للموسم الواحد في تاريخ الدوري الإنكليزي، يبقى انجازا فنيا كبيرا جاء من مصر وخاض تجارب عدة صقلت مواهبه قبل الانضمام الى ناد كبير يقوده اليوم نحو بلوغ نهائي دوري الأبطال، وقد ينافس على كل الألقاب الموسم المقبل، وسيزيد من تغيير صورة الانكليز تجاه كل ما هو مسلم وعربي وافريقي في وسط أوروبي معروف عنه عنصريته المعلنة. المعطيات التي أفرزت تتويج محمد صلاح تزيد من حظوظه في التنافس على لقب أفضل لاعب في العالم نهاية السنة وتكرار ما فعله الليبيري جورج ويا سنة 1995، خاصة اذا توج بدوري الأبطال مع ليفربول وتألق في مونديال روسيا مع منتخب مصر واستمر بداية الموسم المقبل على النسق والمستوى الذي ظهر به هذا الموسم. المهمة ليست مستحيلة خاصة إذا استمر صلاح مع ليفربول على الأقل لموسم آخر حفاظا على استقراره وتوازنه، لكنها لن تكون سهلة لأن الأضواء ستسلط عليه الموسم المقبل، ولن يكون الأمر سهلا بالنظر لتجارب سابقة مع لاعبين عرب وأفارقه تألقوا ثم تراجع مردودهم لأسباب ذاتية وموضوعية لأن ثبات مستوى صلاح الموسم المقبل هو تتويج آخر خاصة مع الضغوطات الجماهيرية والاعلامية التي صار عرضة لها مع صعود نجوميته التي جلبت له الاضواء منذ انتقل الى ليفربول وصار هداف الدوري وأفضل هداف عربي في دوري الأبطال بثلاثة عشر هدفا، وصار مطالبا بالمزيد من جماهير ليفربول ومصر والعرب والأفارقة.
 
إعلامي جزائري


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد