القانون في عالم متغيّر

mainThumb

02-05-2018 08:11 AM

جاء مؤتمر كلية حقوق جامعة اليرموك "القانون في عالم متغير"، تجسيدا لدور الكلية في بناء المعرفة القانونية، وسن التشريعات، وتبادل الخبرات بين الباحثين والقانونين في رفع الوعي المجتمعي بالقوانين السارية المفعول، وتعزيز المعرفة بها لضبط سلوك الأفراد والجماعات على حد سواء.
كان القانون مذ وجد عامل تنظيم وضبط للمجتمعات البشرية، وتطبيقه دليل تحضرها، ويقاس تميز المجتمع بمدى جاهزيته في مواكبة التغييرات المتسارعة والتحولات الكبيرة ، فالهدف الأسمى للتشريع هو تنظيم الواقع وخلق البيئة القادرة على صناعة المستقبل، ومجتمع يؤمن بتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
 
ارتبط التاريخ القانوني بتطور الحضارات وسواء وقع في سياق التاريخ الاجتماعي، أو كان فرعًا من فروع التاريخ الفكري، فإنه نتاج لتطور الفكر الإنساني على مر العصور فالقانون المصري، الذي يرجع تاريخه إلى 3000 سنة قبل الميلاد، كان قانونا مدنيا متميزًا بالتقاليد، والخطاب البلاغي، والمساواة المجتمعية، وفي القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد قام الحاكم السومري أورمانو، بصياغة أول مدونة قوانين، تتكون من بيانات إفتاء، أما شريعة حمورابي، فكانت الأشهر وقد ترجمت في القرن التاسع عشر، إلى لغات مختلفة، منها الإنجليزية، والألمانية، والفرنسية. وكانت أثينا القديمة، عاصمة اليونان، أول مجتمع يعمل على استيعاب المواطنين، ولم يكن بأثينا علوم قانونية، وكانت تفرق بين القانون الإلهي، والمرسوم الإنساني والعرف، ومع ذلك احتوى القانون اليوناني القديم على ابتكارات دستورية في تطور الديمقراطية.
 
ساهمت الأمم الأخرى ومنها الإسلامية بوضع لبنات مهمة في القانون شكلت جسرًا نحو قوانين العالم الحديث، فمرت نشأة القانون في المجتمعات البشرية مذ كانت بمراحل كثيرة لمواكبة التطورات التي لحقت المجتمعات الإنسانية من مجتمع رعوي إلى زراعي فصناعي، ومن مجتمع القرية إلى المدينة فالدولة؛ مما تطلب استحداث قوانين قادرة على استيعاب ما يجد من متطلبات، وما تحتاجه هذه المجتمعات من تشريعات قضائية تفصل بين الناس جنبا إلى جنب مع الأعراف والتقاليد الاجتماعية، أما القضاء الشرعي، فقد نشأ من خلال المعابد، الأمر الذي تطور لاحقا عندما انتقلت المجتمعات إلى مراحل جديدة، فتم سن القوانين المدنية بالإضافة إلى الشرعية لتحكم أفراد المجتمعات، واستمرت الحاجة إلى مواكبة التطور الحضاري الامر الذي أدى إلى مأسسة القانون في الدولة من خلال إنشاء المؤسسات الرسمية المشرفة على تطبيقه.
 
لقد أصبحت المجتمعات الإنسانية متحولة مما يتطلب صحوة إنسانية قادرة على استيعاب التحولات المختلفة والتعايش معها، ويعد هذا المؤتمر اختبارا المدى استجابة المنظومة القانونية للمستجدات والتحولات المعاصرة، والحال التي أصبحت عليها القواعد القانونية في ظل عالم متغير.
 
واليوم وقد تغير العالم كثيرا، في ظل قفزة تكنولوجية هائلة، وانتشار واسع لوسائل التواصل الاجتماعي، والجرائم الالكترونية، وتحوّل في القيم والمبادئ، وكثرة الحروب ومن ثم اللجوء، فقد صار لزاما على المشرعين تحديث تشريعاتهم، ووضع القوانين القادرة على استيعاب التغيير، ومواكبة الثورات التكنولوجية والطبية، وقضايا الحروب واللجوء. وإلا سيبقى القانون قاصرا، وتبقى المجتمعات حائرة، وقد تترك لمصيرها من التخبط.
 
 
 
 
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد