حرب إسرائيلية إيرانية قد تشعل المنطقة

mainThumb

18-05-2018 05:39 PM

قد يحلو للبعض القول إن ثمة تعاون وتنسيق يجريان من وراء الكواليس بين إسرائيل وإيران ضد العرب، وذلك لالتهام ما تبقى من خيرات المنطقة ومقدراتها، لكن الواقع يقول عكس ذلك.
 
فلكل من الدولتين، إيران وإسرائيل، أهداف تختلف عن الأخرى، وأما إسرائيل فلا تطمع بأكثر من الاستمرار باحتلال كافة الأراضي الفلسطينية، وخاصة ما تبقى من الضفة الغربية وضمّها مرة واحدة وإلى الأبد، وإلى إقامة علاقات اقتصادية وربما دبلوماسية مع عالم عربي مشتت.
 
ويكاد القادة الإسرائيليون ومؤيدوهم بأنحاء العالم يفقدون وعيهم من هول الصدمة، ذلك وهم يرون أن بعض القادة العرب صار هو الذي يضيِّق الخناق على الفلسطينيين ويثقل الأعباء على كاهلهم أكثر مما يفعل الاحتلال الإسرائيلي البغيض نفسه.
 
الإسرائيليون هذه الأيام مبتهجون وهم يرون الولايات المتحدة تفتح سفارتها في القدس المحتلة، وتبتهج أكثر وهي ترى كبريات الدول العربية تنهار الواحدة تلو الأخرى، وهم مندهشون أكثر وهم يرون بعض قيادات الدول العربية تتسابق في التقارب مع إسرائيل، لدرجة الدفاع عنها، سواء بفعل مطرقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أو من أجل سندان عيون كريمته ومستشارته إيفانكا، فضلا عن مآرب أخرى.
 
ولعل من بين ما يجمع أعداء الأمس، ممثلين في معظم العرب وإسرائيل، هو البعبع الإيراني. لكن إيران لم تعد بعبعا ولا هي عادت مجرد فزّاعة، بل إنها حقا تسعى إلى بسط نفوذها في المنطقة برمتها غير آبهة ولا هيّابة.
 
فإيران بسطت نفوذها في أربع دول عربية حتى الآن، ممثلة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهي أكملت رسم الهلال السياسي الشيعي، وصارت ترصِّعه بمليشيات من شتى أنحاء الدنيا.
 
أهداف إيران تختلف عن تلك التي لدى إسرائيل، فإيران تسعى إلى السيطرة على مقدرات الشرق الأوسط وإلى بسط نفوذها على المنطقة برمتها تحت ذرائع شتى.
 
إيران بدأت فعلا بقضم المنطقة، القضمة تلو الأخرى، وهي لا تريد أن تبقي بشرا ولا حجرا ولا شجرا، وبعض مثال ذلك ما يجري منها ومن وكلائها في سوريا، وهي تحاول إنشاء قواعد عسكرية ثابتة في سوريا يكون من شأنها أن تشكل رادعا مباشرا لإسرائيل.
 
وربما كانت إسرائيل في ما مضى تعرف من أي تؤكل الكتف، وهي عملت على تجزئة الدول العربية وتفرقتها أكثر ما يكون، وكانت إلى وقت قريب تتفاخر بجيشها الذي لا يُهزم وبطيرانها الذي يصول ويجول في فضاءات العرب، وبعزمها الذي لا يلين.
 
لكن المعادلة الآن اختلفت، فإيران تمضي قُدما في تطوير مختلف أنواع الصواريخ، حتى البالستية منها وبعيدة المدى، وهي تمضي بلا هوادة نحو امتلاك السلاح النووي وتحقيق الطموحات الإستراتيجية الأخرى قوية الصدى.
 
هذا الخطر الإيراني الداهم صار حقا يرعب إسرائيل التي ترى فيه تهديدا حقيقيا لوجودها، وصار فعلا يخيف السعودية التي ترى فيه تهديدا واقعا وواقعيا لدورها الإقليمي، وخاصة بما يتعلق بقيادة العالم السني وخدمة الحرمين الشريفين.
 
وصار يمكن القول إن حربا جديدة واقعة لا محالة –وإن كنا لا نتمناها- تصطف فيها الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية وبعض حلفائها وبعض الدول العربية الأخرى التي يأتي دورها لاحقا مثل مصر بحسب تطورات الموقف، وذلك ضد إيران، وحيث تكون ساحة الحرب في سوريا وتتطور إلى لبنان، وذلك قبل أن تتحول إلى ضرب المنشآت النووية في العمق الإيراني نفسه، وسط صمت روسي وصيني ودولي.
 
وخلاصة القول، ألا تستطيع إيران تجنيب نفسها والمنطقة كل هذه المآسي؟ فتلملم ميليشاتها وتعود أدراجها بعيدا عن العراق وسوريا ولبنان واليمن وعن كافة أطراف ديار العرب وأنحاء العالم الأخرى.
 
 تعود فتهتم بشعبها وبالتطوير العلمي حتى تصل إلى الفضاء العلوي، بدلا من فضاءات جيرانها العرب، وتحافظ على بناء علاقات اجتماعية ودبلوماسية واقتصادية مع الجميع بدلا من هذه المغامرات العسكرية التي قد تودي بمقدرات الجميع وتؤدي بهم إلى ما يشبه التهلكة.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد