طبق الجيران في رمضان .. تفوح منه رائحة الألفة والمحبة والرحمة

mainThumb

26-05-2018 03:09 PM

السوسنة - كانت رائحة الطعام الزكية في شهر رمضان المبارك تصل الى أنوف الجيران وتسبق الطبق قبل أن يحين موعد الافطار، فتفوح منه رائحة الألفة والمحبة والرحمة بين أبناء الحي الواحد في مختلف المدن والقرى الاردنية.

 
يعود الستيني فتحي السالم إلى ذكريات الطفولة في شهر رمضان، عندما كان الاطفال يهيئون أنفسهم وهم ينتظرون إعداد "طبق الجيران"، ويتنقلون من بيت إلى آخر وكل همهم الوصول إلى جيرانهم قبل وقت الافطار.
 
ويضيف، "كانت المائدة غنية بأصناف مختلفة من الطعام والحلويات والعصائر، التي تصنع وتعد من ربات الجيران، فكنت أميز بين مذاق كل طبق، وأعرف أي بيت أعده، وكانت أمي تفتخر حينما تعرض كل طبق بمسميات من أرسلوها لهم وتقول هذا من أم محمد، وهذا من أم فيصل وهذا وذاك من خيرات ونعم الله".
 
ويستذكر بشوق تلك الأيام بقوله "أم فتحي كانت تعد الطعام بكميات كبيرة، وترسلني الى الجيران وفي جعبتي طعامها، أطرق الابواب بابا بابا ولا أنسى السعادة والابتسامة المتبادلة بيني وبين الجيران، وبعد الافطار نكون على موعد معهم إذ يجتمع جيراننا في كل يوم ببيت في اجواء سهرات رمضانية يتبادلون الاحاديث والقصص في زمن لم تكن تكنولوجيا ووسائل الاتصال وصلت اليه".
 
وبعد تلك السنين ما زال يحن السالم الى تلك الايام التي يفتقدها، ولربما بحسب تعبيره، ما زالت هذه العادة موجودة في بعض الارياف والقرى، الا ان الحنين لتلك الايام لم ينسه طعم مذاقات المحبة والألفة بين الجيران.
 
تبادل الطعام بين الجيران سنة حميدة وعادة طيبة مدير العلاقات العامة والتعاون الدولي في دائرة الإفتاء العام المفتي الدكتور حسان أبوعرقوب، يقول إن تبادل الأطباق في رمضان سنة حميدة، وعادة طيبة؛ لأنه ينمي روح التعاون والمشاركة بالطعام والشراب، ما يزرع المحبة بين أفراد المجتمع، مشيرا الى أن تبادل الاطباق يزيد من المودة بين الجيران، ويعبر عن التواصل والتراحم فيما بينهم، وفيه عمل بوصية سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر: (يَا أَبَا ذَرٍّ إِذا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فَأَكْثِرْ مَاءَها، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ) رواه مسلم.
 
وأوضح ان في ذلك حرصا على تحصيل ثواب إفطار الصائم الوارد في الحديث الشريف، (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) رواه الترمذي، كما فيه عمل بوصايا النبي صلى الله عليه وسلم بالجار، والحرص على بناء علاقات طيبة معه.
 
وتقول استاذة علم الاجتماع بكلية الاميرة رحمة في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتورة لبنى العضايلة، إن المجتمع الاردني ما يزال بخير ما دامت أواصر القربى بين الناس مستمرة، فالناس بطبيعتهم يحبون التواد والتواصل والحميمية في العلاقات، وفي شهر رمضان يصبح الناس في حالة تواد وقرب روحي بعيدا عن المشاحنات والمصالح.
 
وأضافت، ان هذه العادة الموروثة لا تزال مستمرة في مجتمعنا الاردني مثل تبادل الاطباق (الطبخات) بين الجيران، وهذا يدل على التقارب بين الناس وحب الخير بينهم والتواصل مع الآخرين، إذ ان من صور التواصل الاجتماعي تبادل اطباق الطعام فيما بين الاسر، حيث ترسل الاسرة طبقا من الوجبة التي اعدتّها لعدد من الاسر المجاورة من الجيران.
 
وأوضحت ان مائدة الطعام في موعد الافطار تشيع روح المحبة والالفة والتراحم والطمأنينة والتكافل بين الناس، ويتبدد الخوف وتتلاشى القيم المنفعية والمصالح بين الناس، كما تسهم في تعرف مكونات الطبق بين الجارات، وفي تعزيز ثقافة الأكلات، وإحياء الأطباق الشعبية التي اندثرت، مؤكدة أنها عادة جميلة أن نربي الاجيال عليها، فعندما يحمل الاطفال الصحن فهي عادة تكبر معهم، حتى أصبحت موروثا شعبيا ما زال موجودا، لكن بدأت الى حد ما تندثر في مناطق الاكتظاظ، لأن نمط الحياة العصرية اختلفت في ظل الاوضاع الاقتصادية التي يعيشها الناس.
 
وقالت رئيسة جمعية أيام زمان للمحافظة على التراث هيام طوالبة اننا نهتم في الجمعية بالتراث الوطني بالجانبين المادي والشفوي الذي يتمثل في الاكلات الشعبية، مبينة ان الجمعية هي الوحيدة في الشمال التي تهتم بالأكلات الشعبية والقديمة للأجداد.
 
وتؤكد أهمية تشجيع الأكلات الشعبية بين الناس مثل المكمورة والشوشبرك والكعاكيل والحلويات واللزاقيات وكعك الفلاحين وأقراص العيد، وتطبخ ربة المنزل هذه الأكلات وتوزعها على الجيران، فنحن نحاول ان نرجع أيام زمان.
 
-- (بترا)


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد