دام عزك يا وطن

mainThumb

07-06-2018 01:53 PM

يشهد الاردن هذه الايام ظروفا صعبه وقاسية لم تحدث منذ ازمة عام 1989, حيث ارتفعت نسبة المديونية  والتضخم والفقر والبطالة بشكل ملفت للأنظار, ويبدو لي ان هناك دورا واضحا للبنك الدولي في هذه الازمة  حيث وضع برامج قاسية للإصلاح الاقتصادي من خلال تحرير الاسعار ونهج الخصخصة. يمكن القول ان  العجز والفساد والمديونية هى تراكم حكومات سابقة غير ان القرارات المتسارعة التي اتخذتها الحكومة السابقة  ارهقت المواطنين وطالت الامن المعيشي والاقتصادي لكل الطبقات حتى خرجت بقرارات رفع الدعم عن الخبز ,مشروع نظام الخدمة المدنية  قانون ضريبة الدخل بشكلة الحالي وهذه الفشة التي قسمت ظهر البعير  مما جعل هناك تفاعل جمعي تنادى له الجميع  فكان السبق للنقابات المهنية  التى تصدت بحزم  مرفقة بأجماع وطني  وشعبي رافض لمشروع قانون ضريبة الدخل. وبداية اود ان اتطرق الى ما يلي:

 
1-الاردن بحاجه الى تشريع جديد  لضريبة الدخل( يكون متوازنا  يراعى فية مصلحة الطبقة الفقيرة والوسطى )من اجل الحصول على منح من الدول الصديقة والتي قدرت من الجهات المختصة بحدود900مليون دولار, وما زالت هذه المنحة عالقة تنتظر قانون ضريبة الدخل  والمشكلة ان المانحون  لا يعطون شيئا  الا اذا صادق  صندوق  النقد لدولي على مراجعة اجراءات اداء الاقتصاد الاردني.
 
2-اقرار قانون ضريبه للدخل جديد يمكن الحكومة من الحصول على قروض من مؤسسات  دولية وصندوق النقد الدولي بفوائد اقل مما يجعل الحكومة  ترتاح من القروض ذات الفائدة العالية ويمكن بنفس الوقت خزينة الدولة من وقف نمو الدين فى المرحلة الاولى تدريجيا
 
3-كان على حكومة د. هاني الملقي  ان ترتقي بمستوى الحوار الوطني حول قانون  الضريبة مع  النقابات ومؤسسات المجتمع المدني ورجالات الغرف الصناعية والتجارية  لا ان تصر على عنادها  على ارسال القانون (بدون اية تعديلات)  او مشاورات مع القوى السياسية او النقابية ودون مراعاة لأوضاع الناس مما ادخلت الوطن فى حالة تأزيم واستنزاف اقتصادي من خلال الاضراب الاولي والذي قدرت خسائره بمئات الملايين من الدولارات
 
4-نجاح النقابات المهنية فى الدعوة للأضراب الذي  دعت له يعد نجاحا ,  حيث  أدى الى سحب البساط من تحت ارجل الاحزاب السياسية والبرلمان الاردني الذى اصبح مؤسسه مسيرة في يد السلطة التنفيذية حيث تحافظ هذه المؤسسة (اعضاء البرلمان)على امتيازات اعضائها ومكاسبهم الشخصية وبالتالي يمكنني القول ان المواطن الاردني  وصل الى مرحلة اللاعودة بالنسبة للأحزاب والبرلمان
 
4- هنالك عوامل اقليمية ودولية مارست ضغوطها على الاردن  وخاصة فى المجال الاقتصادي, حيث ان البعض من هذه القوى الاقليمية  تحاول ادارة الملفات  الاقليمية فى المنطقة  (سوريا ,القدس ,صفقة القرن ) من خلال تحجيم دوره الإقليمي ورفع يده عن قضية في منتهى الحساسية  الا وهى قضية الوصاية الهاشمية على القدس, ومحاولة اظهار الاردن  الدولة  التي لا يعتمد عليها فى التحالفات  الحالية  الهشة والمطلوب منه تنفيذ اجندة ليست فى مصلحة استقراره وأمنه الحدودي ومصالحه الوطنية العليا ,فالأردن دولة  لها وجودها في هذا الاقليم  وليس من السهل تجاوزها وعلى الاشقاء قبل الاصدقاء ادراك ذلك  وأن الاردن  ليس من السهولة  بمكان تغيير تحالفاته الاستراتيجية بمجرد  أن يطلب منه ذلك  ولا يقبل الإملاءات من احد  بقطع العلاقة مع الدولة الفلانية  او غيرها .ونذكر هؤلاء  الاشقاء والاصدقاء بان  زعزعة الامن الداخلي من خلال عدم الاستقرار  واستمرار الفوضى لأسباب اقتصادية سوف ينعكس على هذه الدول والتي تعتقد انها بمنأى عن ذلك ..غير انه عليهم ان يدركوا تماما  ان الشعب الاردني مارس حقه الدستوري  فى الاحتجاج  والتعبير بطريق حضارية  وتعاملت اجهزته الامنية بمنتهى الحرفية واحترام حق التعبير للمواطن مما اربك  ممن كان   يراهن على الشعب والنظام والوطن  في الاردن فكان الرد الأردني " الوطن والملك فوق الجميع "وما كان من جلالة الملك الا ان انتصر لشعبة فى اقالة حكومة التأزيم والدعوة الى حوار وطني ونهج  اصلاحي شامل
 
 
 
 استاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد