مش وقته يا عنترة

mainThumb

25-06-2018 10:08 AM

 عندما عاد عنترة من معركة حامية الوطيس وغاب عن بيته أكثر من ستة أشهر وجد عبلة في كامل زينتها وتألقها واشتياقها له جالسة في غرفتها متعطرة وقد أعدت النمارق وارتدت أجمل الثياب فتبسمت في وجهه واحتضنته وقالت له : اشتقت إليك فرد عليها : ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني .... وبيض الهند تقطر من دمي .... ووددت تقبيل السيوف التي لمعت .... كبارق ثغرك المتبسم فقالت له : أبو العناتر ربي يرحم والديك هذا ليس وقت الشعر والسيوف والرماح والمعارك .

 
ربما أخذتنا السياسية بعيدا وشغلتنا عن أمور كثيرة في حياتنا فأصبحت الشغل الشاغل وحديث الشارع والعامة ومختلف فئات المجتمع فأدخلناها حتى غرف نومنا وحملنا أنفسنا أكثر مما نطيق ونصبنا أنفسنا جميعا محللين سياسين وخبراء عسكريين وقواعد بيانات للنبش في أخلاق المسؤولين وجلساتهم الخاصة ونشرها على مواقع التواصل الإجتماعية والخوض في أعراضهم وماضيهم فغابت وتلاشت الحميمية بين أفراد الأسرة الواحدة لتنخر في أركان بيوتنا الوحدة والفرقة بعد أن تخلى رب البيت عن مسؤولياته وانشغاله في الجدل السياسي العقيم فتهدمت بيوتنا على رؤوسنا وخسرنا الأبناء وبأيدينا قدمناهم هدايا للمتربصين بهم مستغلين غياب الأب وعدم متابعته لأبنائه ليسقطوا فرائس سهلة لبعض التطبيقات الذكية على هواتفهم ومبتكريها ليوجهون اراداتهم ويلقون بهم في مواقع التهلكة لنندم حين لا ينفع الندم وبعد أن نفقد أحد ابنائنا بحادثة انتحار أو تجنيد من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية.
 
يوجد في العالم سبع عجائب منها البتراء وحقيقة كان لا بد من إضافة عجيبة ثامنة وهي كثرة المحللين السياسين والإقتصاديين والعسكريين في الأردن لما تشتهر به ومن كثرة تواجدهم فمن بين ثلاثة أشخاص تجد خمسة محللين من بينهم إمرأة يتناولون جميع جوانب السياسة والإقتصاد في الأردن والعالم والعالم العربي وتجدهم لا ينفكون من الدخول بمعمعة السياسة ودهاليزها وهم لا يفقهون منها أي شي الأمر الذي أدي لأن نترك وتتأثر أسرنا وأبنائنا وجميع أمور حياتنا وأصبح الكبير والصغير وسيدة كانت أم رجل يتقن التكلم في السياسة ومصطلحاتها والتنظير بها الظاهرة حتى اصبحت ظاهرة تدق ناقوس الخطر ولابد من التعرض لها وتوجيه الناس لتركها والإنتباه لأمورهم الحياتية والخاصة .
 
ثمانُ سنواتٍ عِجاف مضت تكلمنا فيها الكثير إنتقدنا ومارسنا هوايتنا في الردح والشتم والإتهام بلا دليل فهل تغير الحال ....؟ لا والله لم يتغير وما تغير فقط هو أشكالنا وزيادة الشيب في رؤوسنا وأمراض القلب والسكري والضغط والإكتئاب الذي يلازمنا نتيجة إلتزامنا بالوقار الزائد المصطنع والذي أرهق اعصابنا وأحالنا إلى جثث لا تنام إلا من خلال المهدئات فضاقت الدنيا وبيوتنا علينا بما رحبت به من الحب والسكينة لتتحول إلى ساحات حرب مابين الأب والأم والأبناء وكل ذلك بفعل السياسة التي أدمنا تعاطيها ولا نستطيع التخلص منها .
 
عد إلى حياتك وعائلتك وتخلى عن هاتفك وعن نشرات القتل والفتنة والدمار ومواقع الضلال الإخبارية ولتجتمع مع أسرتك لمشاهدة فيلم من أفلام الزمن الجميل الرومانسي أو أغنيه تثير في النفس الشجن والعواطف الإنسانية والذكريات ولتكمل مسيرتك والغاية التي كُلفت بها فبيوتنا أولى من حكوماتنا وقبلها فمنها التغيير ومنها يُنجب ويربى الرؤساء والزعماء وأصحاب القرار والعظماء الذي سيقودون المسيرة ولتترك السياسة وقذارتها لأهلها هم أعلم بها وأسرارها ورأيك السياسي احتفظ به لنفسك فهو لا يقدم ولا يؤخر ولن يَأخُذَ به أحد فَعِش حياتك .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد