ما هو مصير الصحافة الورقية في العقد القادم؟ الجواب في مسيرة الجارديان - د. عزام أبو الحمام

mainThumb

14-07-2018 02:08 PM

 رغم أن السؤال لم يعد ملحا في ضوء ما أظهرته الصحافة المطبوعة من صمود حتى الآن، ورغم أن الكثير من التوقعات تنبأت بتعايش كل الأنماط الصحفية المعروفة، مثلما تعايش التلفزيون مع الانترنت مثلا، فإن الصحافة الورقية تظل مختلفة إلى حد كبير، لأنها تعتمد على الحامل المادي المحسوس، وهو الحامل الإعلامي الوحيد (إضافة للكتاب المطبوع) الذي ما يزال يحتاج إلى جهود إنسانية في مختلف مراحل انتاجه مرورا بتوزيعه وصولا إلى التخلص من مخلفاته الورقية والكيميائية.
 
لعل في دراسة تجرية صحيفة الجارديان البريطانية العريقة، لعل في ذلك بعض ملامح الطريق الذي يسير به هذا النوع من الصحافة. توصف صحيفة الجارديان بأنها "ضمير بريطانيا غير المطابق" أي غير المطابق لوجهة النظر الحكومية. بدأت الجارديان بالصدور منذ العام 1821 تحت اسم "ذا مانشستر غارديان" The Manchester Guardian، وظلت اسبوعة حتى العام 1855، إذ تحولت إلى يومية، في العام 1959 تحول اسمها إلى الجارديان وانتقلت بعد بضع سنوات من مانشستر إلى لندن. تعود ملكية الصحيفة إلى Scott Trust، وهي شركة محدودة المسؤولية، وتملك عددا من الصحف ومؤسسات الإعلام الأخرى منها صحيفة الأوبزيرفر الشهيرة.
 
تصدر صحيفة الغارديان من الإثنين إلى السبت، في أيام الأحد تصدر طبعة خاصة لها تحت اسم ذا ويكلي غارديان (بالإنجليزية: The Weekly Guardian).
 
حازت الجارديان على ثناء كبير جراء تحقيقاتها الاستقصائية العالية في مستواها المهني، واتصفت تغطيات الصحيفة بالانفتاح والاستقلالية وتمتد تغطياتها للقضايا الخارجية ذات الأهمية. 
 
في العام 2016 أقدمت الجارديان على خفض تكاليفها وتسريح 300 موظف خلال عامين، وهو ما ساهم في تحقيق عائدات إضافية. وفي هذا السياق فقد تحولت إلى نمط التابلويد Tabloid، وهي محاولة لتقليل نفقات الطباعة حسب ما أعلن القائمون على الصحيفة، مع الاحتفاظ بالسياسية التحريرية القائمة على الانفتاح والاستقلالية والتحقيقات الاستقصائية والتوازن بين الأطراف المتقابلة في الرأي.
 
ومما يدل على عمق أزمة الصحافة الورقية، فقد لجأت الجادريان العريقة التي تملكها شركة عملاقة على التوجه للقراء للتبرع لادامة صدور الصحيفة، وفعلا نجحت في تلقي الدعم من أكثر من 800 ألف من القراء، علما أن الصحيفة تضع منشورا ثابتا لذلك تطلب فيه التبرع لها بمبلغ دولار واحد أو أقل.
 
مع ذلك، فإن التوقعات أشارت إلى أن الصحيفة قد تسجل خسارة تشغيلية قدرها 25 مليون جنيه استرليني (34 مليون دولار) في السنة المالية 2016-2015.
 
ويعود السبب الرئيس لتلك الخسائر في تراجع عائدات الإعلان التي بدأت بالهجرة منذ أكثر من عقد نحو المنصات الإلكترونية، وتشير بعض المصادر إلى أن موقعي الفيس بوك وجوجل قد استحوذا على ما نسبته (20%) من عائدات الإعلان في السنة 2016. هذا يشير إلى إن الاتجاه نحو التحول من الصحافة المطبوعة إلى الرقمية يعني أن الاعتماد على عائدات الإعلان لم يعد كافيا لاستدامة المؤسسات الصحفية الكبيرة، ما يضع علامات استفهام على مستقبل هذه الصحيفة خلال العقد القادم على الأقل.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد