لا لشرعنة الشرعية - د.محمود العمر العمور

mainThumb

22-07-2018 02:11 PM

 الشرعية هي تلك المنظومة الأخلاقية والعقلانية والعملية التي تؤسس للعقد بين الحاكم والمحكوم، والتي تلزم الطرف الأول بتقديم الخدمة المثلى للثاني، وتلزم الطرف الثاني بالطاعة والقيام بالواجبات الموكولة إليه.
 
  وبما أن النتائج تعتمد على جنس العمل، فالشرعية كنتيجة تعتمد على ذلك العقد الملزم بتقديم الخدمة المثلى للمحكومين، تبدأ من احترام الدستور والعمل بمضمونه الصريح، وتطبيق القانون بعدالة بين الجميع، وحماية الوطن والأمة، والمحافظة على مقدّراتهما، والإنجاز على جميع المستويات بما يحفظ الماضي ويبني الحاضر ويرسم لمستقبل زاهر، وبالتالي يمكن أن نختصر مفهوم الشرعية بمفهومي الإلتزام والإنجاز.
 
 فتكون الشرعية مستمدة من هذا العقد بين الطرفين، فأي إخلال بأي بند من بنود العقد يُفقد الشرعية، ويصبح الطرف الثاني في حلّ منها، بحيث يستند في فسخه للعقد على مجلس نيابي رقابي قادر على القيام بواجباته في مراقبة ومحاسبة الحكومة،  أو من خلال صناديق الاقتراع المباشر في انتخابات حرة ونزيهة ومضمونة، أو اللجوء إلى قضاء عادل ونزيه إن وجد، يبتُّ في العقد بين الطرفين. وإذا لم تتوافر الجهات السابقة للبت في الأمر، فللطرف الثاني عدم الالتزام بتفيذ ما عليه بطرق حضارية ومدنية وأخلاقية، ويتحمل الطرف الذي استحال تنفيذ التزامه تبعية ذلك.
 
 وأما ما قام ويقوم به البعض في شرعنة الشرعية، وإخراجها من مفهومها الصحيح، بحيث تستند على قواعد غير عقلانية ولا اخلاقية ولا عملية، من خلال الاستناد في شرعيتهم إلى قواعد دينية؛ كتأليه الحاكم، أو تقديسه، أو صبغ أي صبغة دينية عليه تعطيه الشرعية. أو قواعد عرقية أو قبلية أو عصبية أو أسرية أو حزبية تعطيه الشرعية، دون القيام بالالتزام ببنود عقد الشرعية الحقيقية التي ذكرناها آنفا، فكل هذه الشرعنة للشرعية تخرجها عن حقيقتها ومفهومها الصحيح، وبالتالي تنشىء عقد استعباد للمحكومين لا عقد شرعية.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد