100 يوم قد لا تكفي لحكومة الرزاز - ياسر شطناوي

mainThumb

20-08-2018 05:24 PM

ربما قد تأثر كثيراً رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، بنماذج توماس هوبز، والحديث الدائم عن (العقد الاجتماعي) وما يرافق ذلك من إدارج مفهوم (فسلفته السياسية بشكل منمق)، بطابع لم يعتد عليه الأردنيون ، من خلال تبرير أهمية الحكم المطلق لحماية المجتمعات من الفوضى.

وربما زاد تأثر الرزاز بهذا النموذج من الإدارة والذي يعود عمره الى القرن الثامن عشر، من خلال حديثه (بشكل غير مباشر) عن اعادة إنتاج الدولة، وذلك بما يتعلق تحديداً بخلق توازن بين سلطاتها وسيرها على نسق واحد، بالتزامن مع فصلها وإحلال استقلالية خاصة لكل منها، في الوقت الذي يحاول محاربو الإصلاح عرقلة هذه المهمة ولو من تحت الستار. 
 
مناسبة الحديث تأتي في إطار ما تبقى من مهلة الـ 100 يوم على عمل الحكومة، وإنجازها الذي وعدت به، بعد أداء القسم امام جلالة الملك، وما اوضحه الرزاز بأن حكومته الجديدة مرنة، وقريبة من هموم وآلام الناس. 
 
وكما هي المقولة (إن الشيطان يكمن دوماً في التفاصل) والحديث هنا عن وعود بأن يلمس المواطن بوادر الإصلاح، في حين أنه ليس من السهل تفكيك قوى التصارع بالمشهد السياسي الأردني، لاسيما مع وجود شظايا لحالة التداعيات المستمرة التي تنبئ بملحمة سيكون عنوانها الأبرز (كيف نوجد دولة مدنية، وسط تيار محافظ متشدد وقاس احيانا؟).
 
القصة تأتي أن حلم الإصلاح المنشود والذي يبتغيه الجميع على مدار تشكيل الحكومات، يقف عادة امام امرين اساسيين، أولهما التغيرات المتسارعة في (نستولجيا العقل الجمعي) للشارع العام، فما كان له الحنين قبل يومين أصبح منسياً اليوم، وما يخلفه ذلك من وجود بيئة مواتيه لمعرقلي الإصلاح - وهم غالباً اصحاب مناصب- بأن يعيدوا تدوير البوصلة بالاتجاه المعاكس لتوفير متنفس من الوقت للتموضع من جديد واعادة تفصيل الأحوال على مقاسهم.
 
الامر الآخر والبالغ الاهمية، عدم قدرت الحكومات المتلاحقة على امتلاك ولايتها العامة بشكل كامل، وبالتالي الفشل في فرز التيار المحافظ والمتشدد، والذي تشكل نتاج تداعيات وتغييرات منذ أكثر من 10 اعوام، أضف الى ذلك القرين الجديد وهو تيار اللبراليين الجدد وما يسعى اليه من مصالح تجرد الحكومات من ولاياتها الكاملة. 
 
بمحصلة الحديث، على الحكومة ورئيسها الرزاز  التفكير جلياً في طرق (حلحلة) الواقع الأردني، والقدرة على إثارته، من خلال إحياء الامل مجدداً بالشارع العام بشأن امكانية تحقيق التغيير، مع تضييق الخناق على محاربي الإصلاح وتفويت الفرصة عليهم بأن لا يكونوا متولين زمام الامور، وهذا يتطلب حرفياً ان تكون الحكومة كاملة الولاية، وان تجمع بين الشدة واللين في آن واحد، ولانجاز ذلك ربما يتطلب الامر اكثر من 100 يوم .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد