الهجرة النبوية وأثرها في واقع أمتنا المعاصر

mainThumb

08-09-2018 06:19 PM

في ذكرى الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، التي حدثت قبل (1440) سنة، والتي اعتمدها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بداية لتاريخ الأمة الإسلامية، فإن من المعاني والدروس التي تنعكس من هذه الحادثة العظيمة  على واقع أمتنا المعاصر هي أن أمتنا العربية والإسلامية في هذا الزمن بأمس الحاجة إلى الهجر ة(مجازا).

 والهجرة المقصودة  التي تحتاجها الأمة هي  أن تقوم بتغيير واقعها السلبي إلى واقع إيجابي، وهي ليست هجرة أرض ومكان وأبدان ولكنها هجرة فكر وقيم وأخلاق وسلوك.
فالأمة بحاجة إلى :  
هجرة من الجهل إلى العلم، ومن التخلف إلى الرقي والحضارة.
هجرة من الفرقة والاختلاف إلى الوحدة والائتلاف. 
هجرة من الكراهية والحقد إلى المحبة والتسامح.
هجرة من الاقتتال وسفك الدماء إلى حقن الدماء وتطييب الجراح.
هجرة من الانغلاق والجمود إلى الانفتاح على الآخر واحترامه وقبوله.
هجرة من الارتهان والتبعية للأغيار إلى الحرية والاستقلال والحفاظ على هويتها العربية والإسلامية بطابعها الخاص.
هجرة من الضعف والجبن والخوف والذل  إلى القوة والعزة والشموخ والكبرياء وتحرير المقدسات وتطهيرها من دنس الاحتلال. 
هجرة من المعاصي والذنوب وارتكاب الفواحش إلى العبادة والطاعة والكف عن المحارم.
هجرة من البعد عن شريعة الله السمحة، إلى الإقبال على شريعة الله والقرب منه.
هجرة من التآمر على بعضها بعضاً، إلى الولاء لأمتها.
هجرة من المنكرات، إلى الفضائل والمعروف.
هجرة من الظلم والتمييز، إلى العدل والمساواة.
هجرة من طبقية المناصب، إلى تكافؤ الفرص
هجرة من الإعلام المشوه والموجه توجيهاً سلبياً، إلى الإعلام الواقعي الحر المستقل الإيجابي.
هجرة من اللامبالاة والاتكالية ، إلى تحمل المسؤولية والعمل.
هجرة من الكسل والخمول، إلى النشاط والجد والاجتهاد.
هجرة من الأنانية والعصبية والعنصرية والطائفية، إلى الانتماء لجماعة الأمة.
هجرة من الفساد ونهب المال العام والخيانة والرشوة والترهل الإداري وسائر أشكال الفساد، إلى الإصلاح وحفظ المال العام وحسن الإدارة والأمانة. 
هجرة من الأخلاق والقيم  الذميمة التي نهى عنها الإسلام، إلى الأخلاق والقيم الحميدة التي أمر بها.
نعم إننا اليوم بأمس الحاجة إلى هجرة نحو القيم التربوية الإسلامية الإنسانية، تلك القيم التي هاجر إليها صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهم في مكة المكرمة،  منذ بداية الدعوة، وقبل أن يهاجروا هجرة الأرض والمكان والأبدان إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة.
 إنها تلك القيم التي ذكرها الناطق الإعلامي والمتحدث الرسمي باسم المهاجرين من المسلمين إلى الحبشة، الصحابي الجليل العربي الهاشمي القرشي ابن عم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جعفر بن أبي طالب، الذي قال للنجاشي ملك الحبشة:"أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف"ثم قال: “ونحن على ذلك بعث الله إلينا رسولًا منَّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه"، ثم قال - رضي الله عنه-: “فدعانا إلى الله لنوحِّده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة..”، وعدَّد -رضي الله عنه- من أمور الإسلام.: “فصدقناه واتَّبعناه على ما جاء به من عند الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرَّمنا ما حرم علينا، وأحْللنا ما أحلَّ لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا في ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان، وأن نستحل الخبائث، فلما قهَرونا وظلمونا وضيَّقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على مَن سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نُظلم عندك أيها الملك".
فالهجرة التي نحتاجها اليوم هي الهجرة إلى القيم التربوية الإنسانية التي تقرها العقول والفطرة السليمة ،التي احترمها ملك الحبشة النجاشي الذي كان حينها يعتنق المسيحية لأنها قيم تسامح ومحبة وعدل وحضارة ، هذه القيم التي ستخرج واقع أمتنا من الوحل الذي تعيشه إلى القمة والعلا والريادة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد