تخطيط المدينة

mainThumb

13-09-2018 02:52 PM

  إن من واجب المخطط - كما المعماري- أن يوفر قالبا حضريا يستوعب المعادلة الجمالية الوظيفية التي تحقق احتياجات السكان وتطلعاتهم وآمالهم.

 
   فالمدينة التي تعجز عن احتضان ما يجيش في قلوب أبنائها من الأمل والألم مدينة بلا قلب تدفع بسكانها الى الإحباط والتردي.
 
  وكما أن المدينة مليئة بمجالات اقتصادية واجتماعية وسياسية وتاريخية تشحن سكانها وتشكل وجدانهم وتشحذ روحانياتهم ( أو تطفؤها) فإن ذات المدينة مسؤولة عن توفير فضاءات عدة، لتفريغ شحناتهم الوجدانية السلبية التي تولدها ضغوط الحياة المدنية وإذكاء المشاعر الإيجابية لاستغلالها كقوة محركة باتجاه بناء المدينة وإعادة بنائها. وفي المقابل فإن غياب الحيز القادر على استيعاب التفاعلات آنفة الذكر سيولد حتما نتائج معاكسة تزيد من احتقان المشاعر السلبية نحو المدينة وإشاعة الإحباط الذي يفوت فرصا هامة للبناء والتجديد في روح المدينة وجسدها.
 
إن الفضاءات العامة في المدينة كفيلة بإتاحة الفرص لتفاعل الساكن مع مدينته وبيئته ومجتمعه تفاعلا ايجابيا يتجاوز دوره كمتلق و متأثر بما تقدمه المدينة، إلى محرك ومبادر وبالتالي مؤثر في بيئته المحيطة، وهذا التفاعل كفيل بزيادة وعي الفرد بالتحديات التي تواجه مدينته ومجتمعه وبالتالي تبني موقف إيجابي من محيطه. ويعزز هذا التفاعل الشعور بالمسؤولية نحو الممتلكات العامة – وخاصة عند توفر عدالة اجتماعية تحول دون محاباة مجموعة دون أخرى.
 
والفرد في هذه المعادلة جزء أصيل من مشهد المدينة لا حدث طارئ عليه ،لذا تجدر المحافظة على أي حيز عام أخذ دوره في حياة الناس واستقر في وجدانهم وذاكرتهم فأضحى أرشيفا لمن تأثروا به حتى بات الغاؤه الفيزيائي تهديدا وجدانيا لأهم الروابط النوستالجية بين سكان المدينة والمكان . ذلك أن الإرث الوجداني للفراغات العامة من ساحات ومسارح ومقاه وشوارع، يفوق في أهميته الإرث الفيزيائي . فمن السهل إيجاد فراغات عامة جديدة ضمن نسيج المدينة لكن الصعوبة تكمن في خلق انتماء لهذه الفراغات وتحويلها الى نقاط مركزية مستقرة في وعي سكان المدينة.  
 
ويمكن تقسيم مجمل نشاطات المدينة (الحياة المدنية) الى بنى أصغر تمتاز عن بعضها بنوع النشاط والحيز الفراغي الذي يتم فيه:
 
ولكي تحيا هذه النشاطات وتتطور فلا بد من وسط فيزيائي يحتضن هذه النشاطات ووسط معنوي ينظمها ويوجه تطورها أو يكبح تدهورها، والوسط الأخير يتمثل في التشريعات التي تصدرها السلطة أو يقرها المجتمع. إضافة إلى التقاليد الاجتماعية المتبعة والمرتبطة بالثقافة السائدة. ومما لا شك فيه أن هذه البنى الفرعية التي تمثل بمجملها حياة المدينة، متقاطعة فيما بينها ومتكاملة! إذ أن جميع هذه النشاطات من اقتصادية ودينيةوسياحية واجتماعية وثقافية وغيرها كثير –وان اتسم بعضها بالموسمية- تخدم ذات الفرد الذي يمارس طيفا كبيرا منها خلال حياته اليومية العادية-يمارس عمله ويتعبد ربه ويلتقي أصدقائه على طاولة مقهاه المفضل-.
 
* المدير التنفيذي لبلدية الوسطية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد