خيارات الحكومة المحدودة .. د. قاسم العمرو‎

mainThumb

15-09-2018 03:55 PM

 من الواضح ان قانون ضريبة الدخل الجديد القديم الذي تروج له حكومة الدكتور عمر الرزاز من خلال جولات الوزراء على المحافظات والحوار مع المواطنين يلقى صعوبات في تفهم الشعب لمبررات الحكومة، فتارة تدفع بمقولة ان الدولة بحاجة لسيولة للحفاظ على قيمة الدينار ومرة أخرى ان الاردن يواجه صعوبات أقتصادية هائلة ولا سبيل للحكومة الا بفرض قانون ضريبة جديد يوفر 280 مليون دينار سنويا للخزينة، وهناك الكثير من المبررات الغير مُقنعة التي تقدمها الحكومة في محاولة لكسب تأييد الشارع لها، نعلم ان الحكومة مُطلة على تعقيدات المشهد الاقتصادي والسياسي بحكم واجبها ودورها في إدارة شؤون الدولة وهي مكلفة دستوريا بذلك وعليها ان تقوم بواجبها تماما من حيث اقتراح القوانين واتخاذ الاجراءات المناسبة لتحسين حياة الناس، ومكافحة الفساد والتهرب الضريبي وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهي غير معذورة اطلاقا ان تراجعت في ذلك ويجب ان تتحمل المسؤولية.

كما يبدو ان الحكومة غير معنية بالاستماع للنصائح التي تحاول اقناعها بتغيير اسلوبها في تحسين ايرادات الدولة، والامثلة كثيرة، أصوات كثيرة بُحْت وهي تطالب بحل الهيئات المستقلة والغاء نصف السفارات بالخارج والغاء السفريات الخارجية، لكن لا حياة لمن تنادي، واعتقد ان المواطن ذكي واصبح مطلعا على كل جوانب الخلل وإن كان يبالغ احيانا في توجيه النقد.
 
لقد ورد بند في قانون الضريبة المقترح وهو تحصيل 1% من الدخل الخاضع للضريبة للتكافل الاجتماعي، وهذه قصة مشروخة وسبقها اجراءات مشابهة كثيرة مثل دينار تلفزيون، وتم انشاء محطة غيرها بهدف تحسين الاداء بدلا من انقاذ وضع التلفزيون نفسة، ايضا دينار جامعات، والجامعات مديونة وبعضها لا يستطيع دفع رواتب، وفلس كهربة الريف وخلافه...وكان الهدف من ذلك الدعم وتحسين الخدمة ولكن دون جدوى.
 
ولان الوضع غير مريح وان الناس ترفض هذا القانون المقترح جملة وتفصيلا لانه لا يعالج التهرب الضريبي بل يركز على الشرائح الملكفة اصلا إذ سيرتفع العبْء الضريبي عليهم بواقع 30% بالقانون الجديد المقترح، وهذا سيؤثر على الشريحة الوسطى من المجتمع التي تعد صمام الامان للمجتمع والامن بشكل عام، إذ توفر هذه الطبقة اسباب الامن الاجتماعي وتعين اجهزة الدولة على  ضبط الامن، بسبب تشابك مصالحها.
 
ومن واقع التجربة فإن الحكومة ليس لديها أية خطط لمواجهة التهريب والتهرب الضريبي، ومن يريد ان يرى بعينه فليذهب لاقرب كشك او دكان ويطلب دخان مهرب سيجده بسهوله وهذا يعني ان قصة الدخان لن تنتهي بهروب مطيع الى خارج الوطن، مضافا اليها فرق سعر المحروقات على فاتورة الكهرباء وعملية تسعيرة النفط برمتها من يشتري ومن يبيع ومن يسعر.
 
ولان هذه الحكومة لا تملك وسائل حقيقية وان كانت تحاول لإن حُسن النوايا وحده لا يكفي، باقناع الناس بجديتها في إصلاح الوضع الاقتصادي، وصيانة المال العام الذي ينهب وبالقانون ولان خياراتها محدودة وهي اقرب الى السقوط من الاستمرار.
وحتى لا نبقى في دائرة نقد الحكومة فقط فأني اقدم الاقتراح التالي شريطة اعلانه للناس والبدء بتطبيقه فورا، اولا كبديل لضريبة الـ 1% للتكافل الاجتماعي، وهو تأسيس صندوق بأسم الشعب"صندوق الشعب" تكون ايراداته من خلال فرض ضريبة بواقع 5 قروش على كل باكيت دخان وبحسبه بسيطة ستتجاوز ايراداته الـ90 مليون دينار  سنويا، ويتم تشكيل هيئة لادارته لا تتقاضى اية رواتب وان يكونوا من اصحاب الخبرات المشهود لهم بالاستقامة، اما مجالات عمل الصندوق فتكون في محافظات المملكة باستثاء عمان والزرقاء وهدفه انشاء مشاريع تنموية انتاجية، لتشغيل الايدي العاملة وفتح الاسواق امام هذه المنتجات وان يستثمر الصندوق في جميع المجالات ، الطاقة، التعليم، الصناعة، العقارات، والصناعات الكيماوية . 
 
وان  تصرف نسبة لا تتجازوز 1% من ارباحه كمكافأة للعاملين فيه، ويترك المجال لاصحاب الاختصاص لوضع نظام خاص به ولالية عمله...وعند نجاح التجربة تنشأ صناديق مشابه من خلال فرض ضرائب مقطوعة على السلع الكمالية،وبهذا تكون الحكومة قد تجنبت الاضرار بمستوى معيشة الفرد وحياته وان تتفرغ لمكافحة الفساد واعادة هيكلة الجهاز الاداري البيرقراطي المترهل المُكلف الذي يخلق شرخ عميق بين ابناء الوطن من خلال التنفيعات والواسطات.   
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد