«قدر الله» شماعة اللامهنية .. هدى حنايفه

mainThumb

08-10-2018 06:20 PM

قصة قصيرة 
 
قدر الله لا مفر منه ، وإن كنا نبقى على قيد الأمل . نحتال لأنفسنا الحياة. أقص معاناة  لا تحرق القلب على من فقد وحسب، بل وتفقد الثقة بمن نسلم أرواحنا لهم لتبرأ جراحنا . هنا نصل حربة هنا مقتل المسؤولية. 
 
    قبيل نوفمبر  الماضي أقبل أبو راشد على لائحة حقوق المرضى قبالة سرير أبيه.  انتزعها من على الجدار كمن يريد أن ينفض غبارا ، ولكنه ليس بأي غبار " هذا غبار اللامبالاة والتكتم .."  كما وصفه .سؤال حائر لف الصمت. تكاد جدران المشفى ان تذيعه . صرخة روح "كيف يأذن بخروج والدي على هذه الحالة بعد عملية  زرع  جهاز  Crt  ! قدماه لا تحملانه ،انتفختا كبالون ، نحوله ،ذبوله، أنفاسه.. مصاب فجر بركان يغلي في نفوس اخوته ، أثارته عينا أبيهم  الممد  بعجز لم  يألفه  من قبل ..
 
 عملية لم تكتمل.  أخرجوا نصف الحقيقة  وأردفوا" لكنها ناجحة." المشهد الأول، استدار المستشار المختص وطاقمه للباب .هموا بتجهيز الأوراق لخروجه! قبل أن يتعدوا عتبته أوقفهم ذوي المريض بقاتم النظرات. وقال أحدهم ":عن أي خروج نوقع ؟!  قرأنا التقرير في نهايته توصية بعملية الثلاثاء القادم لإستكمال هذه .."  لم ينبس أحدهم بكلمة ! فتبادر لأبنائه  إما  أنهم  عموا وهذه حيلتهم، أو ظنوا أن مرافقي المريض جهلة !  فحسموا امرهم وقرروا  كتابة التماسا  للديوان الملكي على صفحات التواصل الإجتماعي  للتحقق من الحالة .
 
باتوا  ليلتهم  يتدبرون  نص الشكوى  مستذكرين  أيام أبيهم الأولى على سرير الباطنيه، عندما تم تأخير دخوله قسم القلب لاسبوعين ؛ لنقص الأسرة. آنذاك .  في صباحات الباطنية فيما كان يقيم صلاته  مبتهلا لله . على قرب خطوة  منه اختلف  طبيب مع زميله الذي اقترح زراعة جهاز . بقوله " إذا بده قلب يروح للهند " و " الطب لا يصنع المعجزات " كانت النبرة جارحة كحد السيف.. 
 
ظل والدهم يحرص على رؤية الشمس  ويحث من حوله على رفع الستار، ينهر من يسدله. ظل متمسكا برقي حواره مستعطفا اياهم ، إلى أن  وعد بأن يدرج اسمه على قائمة من سيزرع لهم الجهاز .  قال أحد الأطباء "المفروض أنه زرع  من سنين!
حين علم بضعف  عضلة قلبه لما دون ٢٥%  فيما كان  بالأصل نحو ٤٥% في ملفه ٢٠٠٥م بعد عملية قسطرة وزراعة شبكة ناجحة  تبعها رعاية لعامين أعادته لعافيته لأثنتي عشرة عاما . 
 
مؤمنين بان قرارهم كان صائباً. بدأ تفاعل الناس على المنشور . رنين هاتف أبو راشد لا يهدأ   " مرحبا من معي" المركز الإعلامي لمستشفى س " تفضل .هل افيدك؟  " نعم . لطفا احذف المنشور على الفيسبوك ومن بعض المواقع " ما السبب .حقنا
!" حقك محفوظ " اخبرهم لا حذف قبل الإتفاق على مطالبنا ،  وهكذا كان . حدد موعد مع رئيس القسم ، حيث كانت الدهشة عظيمة  في هذا المشهد. إذ وعد  رئيس القسم  المختص بأنه قد  أوصى على جهاز جديد  من بريطانيا سيصل الخميس القادم !وهنا الصدمة.  كيف أفتوا بخروجه  إذن وهذا كبيرهم  يقضي لنا بجهاز آخر!؟ "ما علة الجهاز المثبت ! وهل يعني الأمر ان الاحتجاج نبههم بأن ثمة إنسان بين يديهم ! صحيح أنه نوه لخطورة العملية الثانية  ،وصحيح أن الروح صعدت لبارئها بعد خميسهم بأيام . مات وقالوا قدر الله. تلك الأيام أصر على أن يكتب ذووه  شكرا لطاقم العملية على انهم أخيرا نظروا لأمره رغم ما أخفوه.. قتلوه قبل أن يمت. قتلوا الأمل .بكل ما هذروا به وما كتموا. الأمل  الذي طالما تمسك به المرء في حياته حتى آخر نفس ..أمل لم يفقده بالنصر في هضبة الجولان وغيرها! 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد