حقيقة الدولة المُستَعمرة

mainThumb

13-10-2018 09:57 PM

 يغفل الناشطون السياسيون في البلاد المحتلة من الغرب وأميركا، جانبا مهما فيما يتعلق بالدولة القطرية، وما هي العوامل التي صنعتها، وما هي قدرتها وطبيعتها، ومستوى أدائها، وما هو المدى المفترض لها وهل هي قابلة للتطور والنمو مع الوقت، أم أنها تضعف مع التقادم، وتشيخ حتى تفقد كل نشاطاتها الحيوية، ثم إن مهامها ليست سياسية أو إدارية، بل نشاطها الأكبر يقوم على إضعاف الشعب ونهب مقدراته دون أن يشعر! والأخطر من ذلك سحب كل ما من شأنه أن يجعل هذا الشعب أو ذاك يعتمد على نفسه، ويكون عنده مقومات عيش تجعله مكتفيا ذاتيا، بل إن مهمتها هي ربطه بالدولة المستعمرة، فتبقى الدول القطرية ممن اقترب عمرها من 100 عام تعيش على المساعدات والمنح والقروض ولا يسمح لها بالاعتماد على مواردها، ولا تستطيع أن تضع خططا تنموية لتستفيد من طاقاتها البشرية، بل تعطل كل هذه الطاقات لتجعل الشعب مكتوف الأيدي أمام أي حركة من شأنها أن تقرر مصيره وترسم مستقبله، وتضعه في متاهة حتى تبقى اسرائيل باقية وتتوسع.

 
هذا النهج استخدمته دول الاستعمار مع كل الشعوب، فأي شعب يقف في وجه تغول أميركا وأوروبا على مقدراته، يواجَه بالعقوبات الدولية، فتخنقه دولته التي غيرت نمط حياته قبل أميركا، فدولته سلبت منه الزراعة وحرمته من موارده لصالح الدول الغربية المجرمة، فإذا لم يكن عبدا للمستعمر فالفقر والعوز والتعثر هم نصيبه، وإذا كانت الدولة المحتلة احتلالا مباشرا كالدول العربية مثلا، تملك موارد وأرادت الدولة الكبرى استخراجها وأخذها، تعطيها جزءا بسيطا منها، ولا تجعلها تتقدم وتصنع مؤسسات حكم حقيقية، فهناك شيء يسمى الفساد، فتأمر الدولة الكبرى موظفيها في الدولة المحتلة فيستولوا على عوائد النفط يوزعونه على أعوانهم ومحاسيبهم، ثم تستعين بجيش من المرتزقة والجهلة والمارقين ليتولوا المناصب المهمة، كي يُعينُوا الفاسد الكبير في أداء مهامه ليخدع الشعب بأن لهم دولة تقوم على دستور وقانون ونظام ولها حدود ونشيد وطني ومصالح وتتغنى بقوتها واستقلالها، وحتى تكتمل الخدعة، يُسمح لهم ببناء مظاهر مدنية، وأجهزة أمنية زمامها ليس بيدها، وتبادل تجاري وحركة أسواق، وكل المظاهر التي لا تدعم بناء دولة لها شخصيتها وتخدم مواطنها ولا تكون ضعيفة سياسيا بحيث تنهار أمام أي قرار من أميركا بفرض عقوبات عليها.
 
كل عربي يغفل واقع دولته ويطلب منها أمورا، لم تصنع ابتداء من أجل القيام بها، هو واهم، ويعيش في الخيال، وينكر واقعه، ولم أجد أبلغ من هذه الآية القرآنية لتصوير واقع دولنا مقارنة بالدول الحقيقية، وهو أمر لابد لنا من فهمه جيدا لنتحرك حركة سليمة:
 
(ضرب الله مثلا رجلين، أحدُهُما أبكمُ لا يقدرُ على شيء وهو كلٌّ على مولاه، أينما يوجهُهُ لا يأتِ بخير، هل يستوي هو ومَن يأمرُ  بالعدل وهو على سراطٍ مستقيم... 76 النحل)..
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد