بلدي ويا بلدي ..

mainThumb

14-10-2018 09:18 AM

قبل يومين كانت هناك كلمات تُغنى بالمذياع عن بلدي ، بلدي ويا بلدي ويا محلى ريحة بلدي والتي تعود الى مطرب لبناني اسمه محمد جمال على ايام زمن الجميل في مطلع الثمنينات، أتت هذه الأغنية تزامناً مع اضراب عمال الوطن في بلدي الاردن ، في وقت كانت شوراعنا في ابشع صورة ظهرت لها، ولم تظهر كمثل هذه الحالة منذ زمن طويل متغاضيين رداءة الطرقات والمطبات والحفر  التي تعودنا عليها ، لكن عبّرت صدفةً عن ما بداخلنا بأننا شعب غير مبالي لدرجة أننا لم نكترث ابدا حينما خرجنا أول كيس  نفاية من بيتنا ووضعناه في الحاوية ومن بعدها على اطراف  الشوارع لحتى يأتي عامل الوطن ويأخذها ويتخلص منها ، وللأسف ايضا لم نكترث بأن عامل الوطن أصلا لم يأتي  !  ولم نكترث ابدا حينما رأينا أن كمية النفايات زادت وتكومت وخرجت من الحاوية ، وايضا لم نكترث ابدا حينما رأينا القطط تمزق أكياس النفايات وأخرجت ما بداخلها ، وايضا ممن ينبشون بتلك الحاويات لأخذ ما يفيدهم لبيعها كعلب مشروبات الغازيه أو أشياء أخرى مما ادى الى زيادة بشاعة المنظر   .
 
 واعتقد ربما كانت مقصودة هذه الأغنية التي اختارها منسق الأغاني في تلك المحطة واستعان بها، ربما لانه شاهد احدى الحاويات تحرق ما بداخلها لتخفيف من كميات النفايات وتعال الدخان وخرجت  منها الروائح الغريبة المزعجة، وربما ايضا اخذه الخيال  بان الحال قد تبدل وان شوارع وطننا كلها مزروعة بالورود والأشجار مع تردده  لبعض كلمات الأغنية وزرغل يا مزمار وخلي اهل الدار كبار وصغار يغنوا بلدي يا بلدي .. ويا محلى ريحة بلدي   . 
 
إن أبرز الحقائق التي وجدناها في داخلنا أننا رأينا التغيير الأولي في شوراعنا وكان همنا ان تكون  بيوتنا هي فقط  النظيفه  ، لكن ففي اليوم الاول لم نهتم وكأننا نقول لأنفسنا الآن يأتي عامل النظافة ليأخذ النفايات الى مكانها  كعادته ، وفي اليوم الثاني تجاهلنا وكأننا لم نرى القذورات زادت ،بل اكثر من ذلك تبادلنا الأتهامات لبعضنا بمن سبّب في رمي النفايات ، ومضت ليلة وأتى الصباح ، لكن رأينا في اليوم الثالث عبارة عن مكبات للنفايات واختفت هذه الشوارع ، ولم نحتمل !.
 
   هكذا نحن  وصلنا للحد الإختناق لدرجة أننا لجأنا الى التنفس الاصطناعي وهددنا بحالة بيئية كارثية، وكان الخطأ الكبير هو جعل وطننا في ابشع صورة له بل وتعمدت في بقائها على مدار تلك الأيام ونشرت عبر المواقع والتلفزه العربية ، حتى اتت الفزعة  واخيرا وتشارك الجميع في نظافة الشوارع وتمت ازالة النفايات ، نعم نحن مع الحصول على كامل حقوق عمال الوطن الوظيفيه وندافع عنهم لأنهم من اخوتنا ومن اهلنا والواجب علينا الدفاع عنهم  لكن بدلا من مساعدتهم والوقوف معهم للاسف وجدنا بأن انفسنا جميعا نحتاج الى اعادة التهيئة الفكرية والعملية ، وكيف لنا تقبل هذا الوضع ؟ 
 
      لكن في نهاية المطاف قد اعترفنا بأننا أخطأنا في حقنا وفي حق هذا البلد  ونظافته وخاصة ان بعض شوارعنا ضيقة واسواقنا  وحاراتنا معروف مين سكانها ، وما بين تصريحات المسؤولين ومطالب العمال الوطن وموظفين البلديات وتنفيذها كشفنا على حقيقتنا ، بأنه لا يوجد لدينا انتماء كافي واخلاص في المحافظة على وجه البلد الجميل ، بالرغم كل القضايا الفساد  والمشكلات والقرارات التي ارهقتنا ، بل حرصنا بان ننشر صور الفوضى وبعض عبثياتنا عبر صفحاتنا الفيسبوكية  ونعترض عليها ونحن بالأصل سببها .. وتبقى تلك الأغنية أغنية والواقع مختلف ،،، ويا بلدي يا بلدي ويا محلى ريحة بلدي .
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد