الملكة بلقيس في الإسلام

mainThumb

15-10-2018 02:48 PM

الحلقة الثانية عشرة 
أشار القران الكريم ,الى الملكة بلقيس ,وذكر قصتها مكتملة في سورة النمل ( اية 20 – 44 ) , حيث قال تعالى :  { وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ * لأعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ * أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْكَاذِبِينَ * اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنْ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
 
قصة بلقيس وسبأ في القران الكريم 
 
وردت قصة ملكة سبا في القرآن الكريم في سورة النمل. وفيها يحكي القران عن حوار سليمان مع الهدهد: (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) النمل 
 
إني وجدت امرأةً تحكم أهل / شعب "سبأ"، وأوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا، ولها سرير عظيم القدر، تجلس عليه لإدارة ملكها يسمونه العرش وهو عظيم بالمقارنة مع عروش الملوك في العالم آنذاك.
 
وهي امرأة وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يؤتاه الملوك من الأموال والسلاح والجنود والحصون والقلاع والجمال والجاذبية ورغد العيش ونعمة الحياة وطاعة الناس لها وحكمتها ورجاحة عقلها ونحو ذلك. وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ أي: ان كرسي الملك الذي تجلس عليه عرش هائل، وعظم (بكسر العين وفتح الظاء) العروش تدل على عظمة المملكة والملك وقوة السلطان وهيبته وسطوته وكثرة رجال الشورى. ولها سرير ملك فخم ضخم يدل على غناها وترفها، ورقى مملكتها فى الصناعة والتجارة وتوفر الامن والأمان وغيرها. وأوتيت من كل شيء يحتاج إليه الملوك من الآلة والعدة والجمال والبريق والهيبة 
 
ثم يصف القرآن لقاء ملكة سبأ سليمان واسلامها على يديه: (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44 النمل. وهي بذلك لم تجعل من نفسها طبقة ثانية او درجة ثانية تابعة لسليمان بل ان شعورها بعظمة الملك عندها وكرامتها الملكية قد جعلتها تنطق بمفهوم المساواة مع سليمان فيما يخص ابهة الملك فقالت (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وأنها مساوية له بين يدي رب العالمين. 
 
  وهذا منتهى الحكمة والفطنة والشعور بالإباء والقوة والسطوة والانفة، انها لم تجعل نفسها وشعبها وعرشها ومملكتها تابعين لسليمان ابدا بل امنت بقناعة بوحدانية الله واسلمت لله رب العالمين مساوية بالإيمان لسليمان عليه السلام، ومن ثم عادت، وحينها لن تتوانى عن الدفاع عن مملكتها وشعبها وعرشها إذا أراد سليمان ان يتعامل معها بفوقية او بمنطق التبعية له او الاحتلال او الاذلال، وقد توقف سليمان الى هنا ولم يتجاوز حدوده معها  
 
اما التوراة (العهد القديم من الكتاب المقدس) فتاتي فيه قصة ملكة سبا بالإصحاح العاشر من سفر الملوك الاول: 
 
“وسمعت ملكة سبأ بسليمان المقرب من يهوه فجاءت اليه تمتحنه بأسئلة صعبة فدخلت اورشليم في موكب عظيم ومعها جمال محملة أطيابا وذهبا كثيرا وحجارة كريمة والتقت بسليمان وسالته ما كان في خاطرها فأجاب على جميع اسئلتها  ..." 
وفي الانجيل وردت اشارة مقتضبة الى ذلك اللقاء مشيرة الى ملكة سبأ بلقب ملكة الجنوب او ملكة التيمن. 
 
جاء بإنجيل متي الاصحاح الثاني عشر: " وملكة الجنوب ستقوم يوم الحساب/الدين مع هذا الجيل وتحكم عليه لأنها جاءت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان، وهنا الآن أعظم من سليمان. " 
الملاحظ ان الكتب المقدسة الثلاث لا تذكر اسما محددا لملكة سبأ. ولكن نحن نعرف ان هذه الملكة تعرف عند المسلمين ببلقيس. وهذا ثابت في كتب السير والاخبار والتفاسير والذاكرة الشعبية. فمن اين تسرب اسم بلقيس الى المسلمين وهو لم يرد في القرآن الكريم؟ 
يقول زياد مني في كتابه (بلقيس) ان المستشرق مونتغمري وات، يرى ان لفظ بلقيس هو لفظ يوناني قديم pallakis بمعني عشيقة. وقد تسرب هذا اللفظ الى لغة التوراة حيث ورد بصيغة فلجش /فلجس في أكثر من موضع ليس كاسم وانما كصفة بمعنى جارية، ولكنه لم يأت مقرونا بملكة سبأ. (راجعت عدد من الترجمات الحديثة العربية والانجليزية للكتاب المقدس فلم أجد لفظ فيلجس في المواضع المشار اليها فقد ترجم الى ما يقابله من الفاظ اخرى).
 
ويضيف قائلا: (وإذا صح راي مونتغمري وات، فالعرب اما انهم اخذوا لفظ (بلقيس) من اليونانية مباشرة دون ابدال او انهم اخذوه من العبرية مع ابدال الفاء باء فصارت فلقس، بلقيس. والتبادل بين الفاء والباء معروف في اللغات السامية. فنحن نقول مثلا: براندا وباربور في فرندا وفابور. وهذه الظاهرة متفشية في العبرية، فكثير من الحروف التي كانت اصلا تنطق باء صارت في العبرية الحديثة تنطق فاء. مثل كلمة أب وطيوب (طيب) التي صارت تلفظ: أف وطيوف. وهنالك تبادل في العبرية بين السين والشين حيث تنطق الشمس، شمش كما في اللهجة السودانية وتكتب سبأ ايضا شيبا وسليمان في العبرية شلومو وسلام شالوم وهذا باب يطول الحديث فيه.) 
 
وقد سبق وفندنا هذا الادعاء ذلك ان اليونان احتلوا الأردن عام 333 ق.م. أي بعد بلقيس بسبعة قرون، والاصح ان نقول انهم اخذوا اسم فيلا كيس من اهل الأردن، وهم لم يصلوا اليمن وبالتالي لم يأخذوا الاسم من هناك بل من البلاد التي احتلوها وهي الأردن  
المهم في الأمر ان الكتب السماوية الثلاث لم تذكر اسما لملكة سبأ رغم انها ذكرت صفاتها وشخصيتها. اما كتاب الحبشة المقدس "كبر انجشت " فقد ذكر ان اسمها مكيدا. الا ان الملاحظة الجديرة بالوقوف عندها ان كتاب (كبر انجشت) يشير الى ملكة سبا ايضا بالملكة كنداكة. وقد شرحنا ذلك وفندناه أعلاه 
 
وهو يستلهم ذلك من الكتاب المقدس حيث جاء بسفر أعمال الرسل: 
 
“ان ملاك الرب كلم فيلبس قائلا قم و اذهب نحو الجنوب على الطريق المنحدرة من اورشليم الى غزة التي هي برية فقام و ذهب و اذا رجل حبشي خصي وزير لكنداكة ملكة اثيوبيا " وهنا تهمنا بصفة خاصة الاشارة الى كنداكة. فنحن نعرف ان كنداكه هو لقب ملكة مملكة مروي السودانية النوبي، ولا علاقة لها بالملكة بلقيس اﻻردنية العربية في شمال جزيرة العرب.
يورد مترجم كتاب كبر انجشت الى العربية في الهوامش نقلا عن قاموس الكتاب المقدس:
 
“ان كنداكة هي الملكة التي حكمت على الجزء الواقع في جنوبي بلاد النوبة المسمى مروي ، وقد اتفق سترابو وديون كانيوس ويليني ان مروي حكمتها في القرن المسيحي الاول سلسلة متتابعة من الملكات دعيت كل منهن باسم كنداكة" 
ونحن نرى ان ملكة سبا ليست واحدة من هذه الكنداكات باي حال ولا دليل. جاء في القصة القرآنية: " أنى وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم " – الآية
وفي كبر انجشت تقول ملكة سبأ لسليمان عن عادة حكم النساء: " انه كان من شريعة بلاد اثيوبيا ان تحكم امراة عذراء لم تتزوج برجل". وهذا قول دخيل ليس مقنعا ابدا حيث لا توجد إشارات الى مثل هذه التفصيلات لا في القران الكريم ولا في تفسيره ولا في كتب السيرة والتاريخ الا بكتاب الحبشة الذي نراه كتابا لا نعتد به في هذه الروايات، كما انه كتاب حديث تمت كتابته بعد بلقيس بحوالي ثلاثين قرنا ونيف 
 
كما ان القران انفرد دون الكتب السماوية الاخرى بذكر عبادة وسجود أهل سبأ للشمس. ونحن نعرف ان النوبيين والفراعنة عرفوا عبادة إله الشمس رع. وهذا بالنسبة لنا انهم قلدوا اهل سبأ وانهم كانوا ضمن مملكة بلقيس التي اخذت حيزها من الحكايات الشعبية في التراث النوبي والسوداني 
وحسب القصة القرآنية ان قوم ملكة سبأ كانوا يسجدون للشمس: " وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله " – الأية. 
 
    ونجد الخلط النشاز بين قصة بلقيس الحقيقية وقصة كنداكة الوهمية التي هي من اختراع الرهبان الاحباش والنوبيين كما يبدو لي، ونجد هذا الخلط والتخبيص في النص التالي حيث ترد عبادة الشمس بكتاب (كبر انجشت) ايضا.
    تقول ماكيدا التي يدعون انها ملكة سبا لسليمان: " نحن نسجد للشمس كما علمنا اباؤنا لأننا نقول هذه الشمس ملكة الالهة، اما الاخرون من دوننا فمنهم من يسجد للأحجار ومن منهم من يسجد للأشجار ومن يسجد للأصنام وتماثيل الذهب والفضة اما نحن فنسجد للشمس، فإنها تنضج الطعام وهي تضيء الظلمة وتزيل الخوف. 
 
 وتقول حسب الرواية الوهمية انها قالت ذلك بين يدي سليمان عليه السلام: (نحن نسجد لها لان احدا لم يخبرنا باله آخر سواها، ولكن سمعنا ان معكم يا اسرائيل الها اخر لا نعرفه، وأخبرونا انه أنزل تابوتا من السنوات. ووهبكم الواح شريعة الملائكة على يد موسى نبيه، سمعنا هذا، وانه يهبط اليكم بنفسه يحدثكم ويعلمكم حكمه ووصاياه. " 
ومن الواضح اننا لا نجد في غير هذ الكتاب الذي تمت كتابته بعد ثلاثة الاف سنة من الحدث من يذكر اسم كنداكة لا في المصادر العربية ولا الإسرائيلية، وإذا كان الحوار صحيحا الا ان السياق منحرف تحريفا واضحا عن الحقيقة، وقد أدى تشابه الأسماء الى خلط بالواقع والوقائع والتاريخ وكل يدعي الوصل بليلى وليلى لا تقر له بذاكا 
 
 والثابت ان هنالك مملكة قديمة باليمن تسمى سبأ اليمن وهي ليست سبأ بلقيس ومن أشهر آثارها سد مأرب. ويتحدث المؤرخون عن علاقة وثيقة بين ممالك اليمن القديمة والحبشة وهنالك شبه شديد بين اللغات الحبشية السامية واللغة الحميرية السبئية وان الخط الحبشي شبيه بالخط الحميري المسمى المسند. وكلمة سبأ لا تزال حية في اللسان الحبشي وتعني بالأمهرية الناس او البشر. 
 
  وهنالك نظريتان في أمر هذه العلاقة الوثيقة بين الحبشة وشرق افريقيا من جهة واليمن القديم من جهة أخرى. الاولى تذهب الى ان قبائل عربية هاجروا من اليمن الى الحبشة وافريقيا، واخرون يقولون ان الاحباش هاجروا الى اليمن من الحبشة، ونحن نرى حدوث الامرين كلاهما، ولكن الهجرة العربية الى الحبشة كانت هي الغالبة بسبب ما تعرض له اليمن من الحروب الداخلية والفيضانات والجفاف والصراعات القبلية، ونحن نرى أيضا ان الهجرة العكسية من الحبشة الى اليمن قد كانت تحدث ضمن الهجرة الراجعة الى ارض الوطن وهو اليمن للأسباب ذاتها التي أدت الى هجرتهم من اليمن الى الحبشة وشرق افريقيا.
 
تناقلت القصة بين عرب الجنوب، وتم الخلط بينها وبين ملكات عربيات أخريات مثل “الزباء” أو “زنوبيا” كما وصلتنا اللقى الأثرية على ذكرها، وهي ملكة تدمر.  والشبه كبير بين قصة الملكة بلقيس والملكة الزباء ملكة تدمر فى أصولهن وطريقة تملكهن ووصولهن الى العرش، كما أن كلاهما كانت ذات إسم مستعار وجمال صارخ وعرش عظيم وشجاعة منقطعة النظير وقدرة هائلة على الحكم وإدارة الدولة والدفاع عن الوطن.
 
    فالزباء ادعى البعض أنها فارعة أو ربما تكون هند !! ولا أحد يعلم ولكن الأكيد ان الزباء هى زنوبيا التي أكد وجودها علماء الأثار  حينما عثروا على لقى أثرية تفيد ذكرها وعلاقتها بتدمر مملكتها , وكانت زنوبيا ملكة من ملكات عمالقة الشام , ولذلك إرتأ  عرب الجنوب قبل الإسلام وقبل ميلاد السيد المسيح عدم إعطاء الحكاية التوراتية بالاً واعتبروها قصة لا أكثر, ولم يُعنوا أنفسهم فى البحث والتنقيب عنها ظنا منهم أنها تحمل الكثير من اللغط فى أصلها ووجودها والتي ربما سيتم الخلط بينها وبين ملكات عربيات أخريات , وهكذا وقع عرب الإسلام فى ذلك اللغط حينما أسبغوا على قصة بلقيس شذرات من قصة الزباء أو زنوبيا وأضفوا على بلقيس صيغة القدسية , وحوروا فى القصة قليلا لتتماشى مع وجهة نظرهم, وانا اتفق مع هذا الاستنتاجات
 
    كانت مملكة سبأ الأردنية في شمال جزيرة العرب، وكانت من الممالك الثمودية الروفائية الاردنية، وجزءا وامتدادا لمملكة أدوم الأردنية، وقد ورد اسم الجوف/ أدوماتو في القران الكريم باسم سبأ، وكانت معاصرةً للنبي سليمان عليه السلام، الذي يرجح أنه عاش في القرن العاشر قبل الميلاد (935-970م ق. م). وتتحدث بعض المصادر العربية، عن روايات عن اسمها واشتقاقاته، ليست الا من نسج الخيال، وغير مقنعة لمن يستخدم عقله من ذوي الاختصاص.  
 
      ويذهب بعض المؤرخين، أن سبأ كانت في مكان ما إلى الجنوب من فلسطين، أو في منطقة شمال غرب جزيرة العرب. ونحن نؤيد هذا الراي، الذي ينطبق على الأردن، ونرى انها في الجوف الشمالي المسماة سبأ الشمال. وان ظهورها كان سابقا لظهور حضارة سبأ في اليمن بعدة قرون.
        ومن الأخبار أنَّ بلقيس عندما اتخذت قرار الزيارة كتبت إلى النبي سليمان:" إني قادمة إليك بملوك قومي؛ حتى أنظر ما أمْرُكَ وما تدعوني إليه من دينك، ولتسأله مسائل عدة تمتحن نبوته وحكمته، ثم حملت معها هدايا كثيرة ودخلت بيت المقدس (أورشليم) بجمال تحملُ اللبان والطيوب والذهب والأحجار الكريمة، فاستقبلها سليمان بالترحاب، وأحسن وفادتها، وبهرتها حكمتُهُ وقوتُهُ وعجائبُ ما تصنع الجن له وهم في خدمته. 
 
   ثم قال لها: ادخلي الصرح، وكان قد عُمِل من زجاج أبيض كأنه الماء في صفاءِ لونهِ، وأرسل الماء من تحته، ووضع له سريراً فيه فجلس عليه، فلَمَّا رأته حسبته لجةً، وكشفت عن ساقيها ظناً منها أنه ماء لتخوض فيه، ثم استدركت، فقيل لها: إنه صرحٌ ممردٌ من قواريرَ، وليست لجةً، وأُسْقِطَ في يدها حين رأت عجيب ما صنع سليمان؛ فأقرت بحكمته ونبوته، وأسلمت وحسُنَ إسلامُها .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد