المُتَكلّمونَ الجُدد .. ‎

mainThumb

20-10-2018 11:04 AM

 ليس المقصود  ب"المتكلمين" علماء "علم الكلام" الاسلامي الذي يهتم بمعرفة الله عز وجل والإيمان به، وما يجوز عمله وما لا يجوز عمله في الدين الاسلامي، بل أقصد الكلام "المحض" الذي لا يفضي الى عمل أو يدل إلى مدلولات لها واقع أو تخلص الى نتيجة، كالذي نشاهده يتردد بين الدولة والشعب هذه الأيام..

 
 يعني مثلما كانت تغني صباح منذ نصف قرن: ( كلام..كلام..كلام ..بس.. ما باخذش منك غير كلام.. علقت قلبي في الهوى.. بكلام كثير راح في الهوا.. واحلفت لي ...... وانت اتاريك بياع كلام).
 
 أو كما قال الشاعر ايليا أبي ماضي:
 
ليس يرويني مقالك لي// انها العقيان منسكبا
 
إن صدقا لا أحس به // هو شيء يشبه الكذبا.
 
كلنا يطربنا الكلام، وكلنا نمتهن الكلام، ليست الحكومة فقط وليس مجلس النواب فقط، الكلام أصبح دثارنا نتدثر به من الظلم والجور والفساد وامتهان الكرامة، وكذلك الفاسدون يتدثرون به منّا!! يعلمون أننا متكلمون فقط، فيكيلون لنا الكلام من أفواههم لنتسلى به وأيديهم تمتد الى مقدراتنا لتنهبها وإذا انتبهنا، تكلموا! ليقنعونا بأن الفساد غير موجود وإنما أوجده تلاقح الكلام بين الناهب والمنهوب..
 
لا أستطيع أن أتصور قيمة الكلام العالية التي أتقنتها حتى الأحزاب والنقابات واجهزة الدولة، ومؤسساتها القانونية والرقابية، ووسائل الإعلام بكل أشكالها، ومواقع التواصل الاجتماعي، فكل حدث كَبُر أو صَغُر يعالج بالكلام، مع أن الناس يعرفون أن كلام المسؤول إن لم يقترن بالعمل المحسوس يكون حجة عليه وليست له، ولكنهم يكتفون بالكلام لأنهم في الوقت الحالي لا يملكون غيره، وقد يصل في وقت ما الى أكثر من الكلام...
 
وحتى نكون منصفين يجب الإقرار بأن الكلام من الأعلى الى الأسفل ليس كالكلام من الأسفل الى الأعلى، وكلام من يستطيع العمل ليس ككلام من أسقط في يديه ولا يملك إلا الكلام، ورحم الله معاوية حين قال:"إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني....." ويقصد أن الشيء الذي يحتاج علاجا بالسيف من العجز أن تستعمل له السوط،... أما أن تلقي كل هذه الأسلحة وتكتفي بالكلام الذي لا يقدم ولا يؤخر، ولا يسمن ولا يغني من جوع، وأنت تملك كل الأسلحة، فتلك المصيبة بعينها..


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد