عبد الرحمن سوار الذهب .. رجل خير تثمن إنجازاته بالـ(ذهب) - د. عصام يوسف

mainThumb

21-10-2018 12:20 PM

لم تكن للفرادى أن تشمل جزئية التسليم الطوعي للسلطة من جانب زعيم عربي، بل هنالك العديد من حالات التفرد التي شملت جوانب عدة من شخصية الراحل القائد والشيخ عبد الرحمن سوار الذهب.
 
 
 
فتميز المنهاج والتوجهات كانت سمةً يعبر عنها سوار الذهب في الفكر والسلوك، يدلل على ذلك عدم تمسكه بالسلطة عند تسلمه مقاليد الحكم في بلاده السودان عام 1985، بل وتنفيذه تعهده الذي قطعه بتسليم السلطة لحكومة مدنية تأتي بها صناديق الانتخاب بعد عام.
 
 
 
وعند النظر للحدث بشيء من التعمق، تتضح معالم بقية الفرادات في شخصية سوار الذهب، فالتخلي عن السلطة، بكل ما تعنيه من مغريات، وبريق يخطف لب الكثير من البشر، يعني لدى سوار الذهب تساميه عن الخوض في معتركات السياسة وما تحويه من منزلقات وأخطاء قد يرتكبها الزعيم مرغماً أو طوع نفسه.
 
 
 
وفي جوانب أخرى يعبر تخليه عن السلطة عن احساس عالٍ بالمسؤولية تجاه وطنه وشعبه الذي يطمح باختيار قادته ومن يمثله عبر صناديق الاقتراع، ومن يرتؤونه الأنسب والأقدر على تحمل أعباء الحكم والقيام بمسؤوليات التنمية بكل أشكالها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وغيرها، إضافة لتنفيذ خطط التطوير والتحديث للبلاد.
 
 
 
أما اعتزاله العمل السياسي والعسكري، فيما بعد، وتوجهه للعمل الدعوي الإسلامي، وخوض غمارات العمل الخيري والإنساني بشكل واسع، يفصح عن مكنونات الشخصية ذات الخصال الغنية، والمكتنزة بالمبادئ والأخلاقيات الرفيعة، من تواضع وحس إنساني، تضعه في مراتب عالية ممن اختاروا العمل من أجل السلام، ورفضوا أن يذكر في سجلهم وسيرتهم ما يمكن أن يوحي بتوجهات دموية أو أن يسيء لنظرتهم المتسامحة تجاه البشر كافة.
 
 
 
يظهر ذلك واضحاً من خلال اتخاذه العمل الخيري والإنساني مسلكاً، واحساسه بعذابات ومعاناة المعدمين في بلاده السودان وقارته الأفريقية، وقد بذل في ذلك الكثير من الجهود التي ترجمتها صروح الخير والتي ساهم في بنائها في مختلف أنحاء القارة، من مدراس ومساجد ومستشفيات ومؤسسات للطفولة، وملاجئ للأيتام، فضلاً عن حفر آبار المياه، وغيرها من مشروعات الخير التي تشير لفعائله الطيبة بالبنان.
 
 
 
وقد نال مقابل أعماله الخيّرة جائزة الملك فيصل عام 2004، نظير جهوده في العمل الإنساني خلال رئاسته لمجلس أمناء منظمة (الدعوة الإسلامية في السودان).
 
 
 
وكانت قضايا أمته حاضرة في عقله وقلبه دوماً، فانخراط سوار الذهب في العمل الإنساني والخيري من خلال مؤسسات وائتلافات خيرية من أجل فلسطين وشعبها، خير دليل على ذلك، ولعل تجربته بالعمل في إطار "إئتلاف الخير" الذي ضم مؤسسات عربية وإسلامية ودولية تعمل في مجال العمل الإنساني والخيري، كنائب لرئيس الائتلاف في لبنان تؤكد على أن القضية الفلسطينية ومعاناة شعبها، كانت تشغل الكثير من تفكير فقيد الأمة.
 
 
 
ولا تقتصر جهوده في خدمة القضية الفلسطينية، وتسخيره الجهود من أجل دعم صمود أبناء الشعب الفلسطيني على أرضهم، على نشاطه الكبير والمتميز في مأسسة عمل "ائتلاف الخير"، وتطوير آليات العمل فيه، فقد اختير سوار الذهب كنائب لرئيس أمناء مؤسسة القدس الدولية التي ترك فيها بصمته التي تشدد على الالتزام بالثوابت والحقوق العربية والإسلامية والفلسطينية في أرض فلسطين المباركة.
 
 
 
وليس لشخصية بعمق سوار الذهب، تركت بهرجات الدنيا كي تكون قريبة من البسطاء ومعاناتهم، إلا أن تكون بدرجة من الإبهار لتتبوأ المزيد من المواقع والمراكز في قطاعات العمل الإنساني المختلفة، سيما اختياره نائباً لرئيس المجلس الإسلامي العالمي للدعوة في القاهرة، إضافة لاختياره كنائب لرئيس الهيئة الإسلامية العالمية في الكويت، واختياره عضواً في الوفد العالمي للسلام بين العراق وإيران.
 
 
 
لن يصادف المؤرخون أية صعوبات في التأريخ لسيرة عبد الرحمن سوار الذهب من منطلق جدليات قد تعلق بشخصيته عند سرد هذه السيرة، وذلك لما تحظى به من إجماع شعبي وحكومي، وتوافق لدى المراقبين والمثقفين والكتّاب كافة، على تاريخ رجل غلب عليه "نكران الذات" فوق كل النوازع الشخصية لأي بشري.
 
 
 
سيرة ستلخص حياة زعيم "ركل" أبهة السلطة والسلطان، وزخرف الدنيا، ليذهب بعيداً في اتجاه بساطة وعدم الفقراء، يلبي نداءاتهم، ويمسح دموع أطفالهم، ويضطلع بمسؤوليات العربي والمسلم الملتزم بقضايا أمته، ليرحل عبدالرحمن سوار الذهب، مكللاً بالورد والغار، كقائد وزعيم وحكيم، ورائد للعمل الخيري، تثمن إنجازاته وأعماله بالـ"ذهب".
 
رئيس الهيئة الشعبية العالمية لدعم غزة
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد