انتصار الخان الأحمر

mainThumb

04-11-2018 11:02 AM

لا تملك قرية الخان الأحمر البدوية الفلسطينية شرق القدس غرب أريحا، المكانة التي يشغلها الحرم القدسي الشريف – المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، لما تمثلانه من رمزية دينية وتعبير عقائدي في نفوس المسلمين والمسيحيين، ولكن الأثر الكفاحي الذي تحقق بالتراجع المماثل لحكومة نتنياهو جعل من الخان الأحمر قضية وطنية لا تقل أهمية من الناحيتين السياسية والأخلاقية عن قضيتي الحرم القدسي شهر تموز 2017 وكنيسة القيامة شهر شباط 2018، والانتصار لهما، ليشكلا حافزاً لفعل وانتصار القضية الثالثة : قرية الخان الأحمر في تشرين الأول 2018، على العدو الإسرائيلي المتفوق وهزيمته في العناوين الثلاثة التي سجلت مجتمعة عنواناً للصمود الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي. 
 
منذ أن تقدم مستوطنو المستعمرات كفار أدوميم ونوفي برات وألون المجاورة للقرية، بما ينسجم وسياسة حكومة نتنياهو الاستيطانية الاستعمارية، مطالبين بترحيل أهل القرية من مكان سكناهم، وحصول المستوطنين المستعمرين على قرار الإخلاء من المحكمة يوم 18/5/2018، ورداً على قرار الإخلاء ومع تاريخ البدء بتنفيذ الإخلاء تمهيداً للهدم بدأ الاعتصام الفلسطيني المنظم منذ 19/6/2018، ليكون مقتصراً على الفلسطينيين، لأكثر من أسبوعين، ولكنه اتسع ليشمل التظاهر والاعتصام متضامنين وشركاء إسرائيليين وأوروبيين، أدى في نهاية المطاف إلى قرار حكومة نتنياهو يوم 21 تشرين أول 2018، بتأجيل الإخلاء والهدم مؤقتاً ليسجل أهل الخان الأحمر ومن معهم من المتضامنين انتصارهم المعنوي بعد 137 يوماً من الاعتصام الجماعي، ويضيفوا انتصاراً لسجل الانتصارات الصغيرة التراكمية للشعب الفلسطيني كما حصل في قضيتي الأقصى والقيامة، في مواجهة العدو الإسرائيلي. 
 
انتصار الخان الأحمر يعود إلى ثلاثة أسباب هي : 
 
أولاً : صمود أهل القرية وعنادهم وثباتهم وصلابة موقفهم في وجه السياسات والاجراءات الإسرائيلية ورفضهم الإخلاء، والتصدي السلمي لجيش الاحتلال وشرطة القمع ومقاومة الشغب، وهم تعلموا من أقرانهم بدو العراقيب وأم الحيران في النقب الفلسطيني، ولولا هذا الصمود لما تراجع نتنياهو عن برنامجه ولو مؤقتاً. 
 
ثانياً : إتساع مظاهر التأييد والاعتصام ليشمل نشطاء فلسطينيين من مناطق الاحتلال الأولى عام 1948 أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة وخاصة من نواب الكنيست، ونشطاء من مناطق الاحتلال الثانية عام 1967 أبناء القدس والضفة الفلسطينية والذين يتجاوز عددهم الالف معتصم يتناوبون على المبيت في ظل مشاهدة ومراقبة إعلامية كفؤة ونشطة يخشاها العدو الإسرائيلي كي يتجنب فضح حقيقته العدوانية الاستعمارية وأدواته وأساليبه الهمجية في توجيه الأذى لأهل القرية وللمعتصمين عبر إستخدام القوة المفرطة بواسطة مسدسات الصعق، ورذاذ الفلفل، والقنابل الصوتية كما ينقل المراقبون، مما يمس بمكانة المستعمرة الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي، ويزيد من عمق مشكلة حكومة المستعمرة الإسرائيلية مشاركة أكثر من خمسين نشيطاً إسرائيلياً من رافضي الخدمة في جيش الاحتلال، ومن رافضي الاحتلال ومن مؤيدي نضال الشعب الفلسطيني، ومنهم من تعرض للأذى والمس وأُدخل للمستشفيات نتيجة إصابته مع النشطاء الفلسطينيين بما فيهم القائد الفلسطيني الشاب وليد عساف الذي يقود ظواهر التصدي للاحتلال وللاستيطان إمتداداً لتراث مروان البرغوثي المعتقل والشهيد زياد أبوعين الراحل . 
 
ثالثا ً : القرارات الأوروبية المتتالية التي أرعبت حكومة المستوطنين خوفاً من تعرض قياداتهم للمحاكم والمطاردات الدولية لإرتكابهم تجاوزات فيها مساس بحقوق الإنسان، فقد صدر عن الإتحاد الأوروبي يوم 13 أيلول 2018 بياناً وصف فيه عملية الطرد القسري لأهالي قرية الخان الأحمر على يد قوات الاحتلال بمثابة إنتهاك فظ للقانون الإنساني الدولي، وفي بيان أكثر حزماً يوم 17 تشرين أول 2018، إعتبرت المدعية العامة لدى المحكمة الجنائية الدولية فاتو بن سوده أن الفعل الإسرائيلي بطرد أهل القرية بمثابة جريمة حرب، مما ترك ذلك أثراً يصعب القفز عنه وعدم الاهتمام بتداعياته القانونية على السياسيين والعسكر الإسرائيليين من المخططين أو المنفذين. 
العوامل الثلاثة لا أسردها لمجرد التحليل، بل كي تكون عنواناً وأدواتاً كفاحية يتم تنظيمها وتأطيرها في مواجهة العدو الإسرائيلي المتفوق.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد