منذ عشرين عاما والسماء ترسل المطر - محمد غالب الربابعه

mainThumb

11-11-2018 08:32 AM

 جاء الشتاء بعد انتظار، نزلت أوّل حباته كرصاص على جبهة حرب ساخنة، نزلت كصاعقة حارقة، أخذت معها أنفس الأشياء ؛ أرواح أطفال كانوا يحلمون بغد أخضر.
 
بعد أقل من أسبوعين على فاجعة البحر الميت، حلت كارثة أخرى بالأردن ، منخفض جوي وحالة عدم استقرار جوي ، وعلى الرغم من متابعة رئيس الحكومة ووزرائه ومسؤولين لأوضاع السيول وتطورات المنخفض الجوي إلا أن السيول والأمطار الغزيرة أودت بحياة إثني شخصا، وسيول سحبت سيارة في مأدبا بها عائلة من خمسة أشخاص ، وسيول إغلقت وأوقفت الحياة في الجامعات والمدارس ، غير آبهة بالحكومة ورئيسها .
 
بدأت الفضائيات بنقل الحدث ، وتسابقت في التغطية الإعلامية ، فما أن يطلّ عليك أحد المندوبين ، في مقابلة مع حاكم إداري أومسؤول ، حتى يبدأ المسؤول بالقول بأن كثافة الأمطار لم تشهدها منطقته منذ عشرين عاما ،وأن المسؤول عن الكارثة ضيق "العبارات" وعدم قدرتها على استيعاب هذا الكم من الأمطار، أو طبيعة المكان فهي جبال وأودية ومناطق صحراوية ، وكأن هذه العوامل جاءت عبر الحدود بطريقة تهريب ، ونحن نصدّق ما يقول ، ولكننا نتساءل إذا كانت العبارات لا تتسع لهذه الكميات من الأمطار فمن المسؤول ؟؟ الأمطار أم العبارات ؟؟ ونتساءل ألم يكن هناك من يُجري دراسة لتحويل وتوسعة مجرى السيول وإبعادها عن المناطق المأهولة والطرائق الرئيسة؟؟ لكن السؤال الأكثر أهمية ، لماذا لم تؤدي هذه الأمطار إلى نتائج كارثية قبل عشرين عاما على الرغم من قلة الامكانات في تلك الحقبة ، وقلة الكوادر العاملة آنذاك؟
 
لا أجد سببا لما يحدث إلا أن الانتماء ، فنحن شعب قلّ من يشعر بالانتماء والحس الوطني ، فكلّ من تولى المسؤولية في وطننا الحبيب ، لم ير فيه سوى فرصة للانتفاع والكسب، لم يسع يوما لبناء وطن.
 
على تويتر كتب الناشط عبد الحميد "ساعة من الأمطار أغرقت معان ووادي موسى والبتراء !!أغرقت عائلة ووضع طفلة ذات السنة سيئ جدا بعد مداهمة السيول لمنزلهم.. كيف ستلاقون وجه ربكم؟ ما هذه البنية التحتية التي لم تستوعب ساعة أمطار"، وغرد يزيد جميل "تثبت السيول بلا شك عدم وجود بنية تحتية جاهزة لمواجهة منخفض جوي، لا نتحدث عن إعصار أو عاصفة استوائية مجرد منخفض جوي".
 
ووجه حديثه لرئيس الحكومة قائلا "لا نحتاج لجان تحقيق. نحتاج إلى برنامج عاجل لتصويب الأوضاع قبل أن نخسر حياة مواطنين آخرين، تذكر هذه مسؤوليتك أمام الملك والشعب وقبل ذلك أمام الله".
 
تساقطي يا حبات المطر وأميطي اللثام عن تلك الوجوه، اغسلي كلّ ألوان المكياج التي غطّت الغش والخداع.
 
يتملّكني حنين لا يوصف لأن أبكي ، في غرفتي المطلة على ظلمة الفضاء ، لا أسمع سوى صوت وقوع المطر،وصرخات أطفال لم تسعفهم عبّارات الفساد، ويبقيني على قيد الحياة، أنّ الحياة مستمرّة والأمل موجود.
 
وطنهم حقيبة وحقيبتي وطن، الغجر وحدهم يخيّمون في أغاني الليل والدخان، يبحثون عن مكان بين  الرصاص والمطر القاتل.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد