صاروخ جديد سيغير طبيعة القتال الجوي للأبد .. تفاصيل

mainThumb

11-11-2018 01:18 PM

السوسنة - كشفت مجلة أمريكية أن قدرة الطائرات على التخفي لم تعد أفضلية للطائرات الحربية إبان ظهور تقنية جديدة أحدث، تمنح الطائرات قدرات غير مسبوقة.
 
وأشارت “ناشونال إنترست” إلى أن العديد من التطورات التكنولوجية الهامة ظهرت مع نهاية الحرب الباردة، واستُخدمت في المعارك الجوية، وكان أكثرها بروزًا التخفي، كما هو الحال مع قاذفات “إف – 117 ” و”بي – 2″ ذات الشكل الماسي المميز والمقاتلة الشبح “إف – 22”.
 
وأكدت المجلة أن هناك ثورة تقنية أخرى في طريقها إلينا، وتحمل في طياتها تغييرات هامة لسلاح الجو الأمريكي وغيره من القوات الجوية.
 
فقد بدأ الصاروخ الموجه بالرادار النشط (ARH)، وهو صاروخ جو-جو، يُستخدم بدلًا من صواريخ جو-جو شبه الموجهة بالرادار النشط (SARH) كسلاح رئيسي متوسط وبعيد المدى لجميع المقاتلات.
 
معيقات الصواريخ شبه الموجهة بالرادار النشط
 
أوضحت المجلة أن الاختلاف بين الصاروخ الموجه بالرادار النشط والصاروخ شبه الموجه بالرادار النشط يكمن  في أن الجزء المسؤول عن تتبع الهدف في الصاروخ الموجه بالرادار النشط يحمل راداره الخاص الذي يُرسل الإشارات فضلًا عن استقبالها أيضًا، أما الصواريخ شبه الموجهة بالرادار فهي تحمل جهاز استقبال وتتطلب من الطائرة التي أطلقته أن تستخدم رادارها الخاص لإحكام الهدف على الطائرة المعادية من أجل إطلاق الصاروخ.
 
وهذا يجعل من الصواريخ شبه الموجهة بالرادار النشط أن تُعاني من المحدودية في الاستخدام، على حد تعبير المجلة، حيث  يتوجب على الطائرة المُطلقة أن توفر إشارة رادار، وبذلك عليها أن تستمر في توجيه رادارها نحو طائرة العدو.
 
ولأن أجهزة الرادار عمومًا لها مجال محدود في الحركة من أجل البحث، فيجب على الطائرة أن تستمر بالطيران باتجاه طائرة العدو لتتمكن من توجيه الصاروخ شبه الموجه بالرادار النشط.
 
وأفادت المجلة أن هذا يعني أيضًا أنه في حال تحطمت الطائرة أو اضطرت للمناورة للتصدي أو الابتعاد عن طائرة أو صاروخ آخر، فإن الصاروخ شبه الموجه بالرادار سيفقد التوجيه وينطلق في طريقه بلا هدف.
 
وذكرت ناشونال إنترست أن الصاروخ شبه الموجه يعاني من مشكلة أخرى تتمثل في أنه محدود بمجال إطلاق الطائرة التي تُطلقه فقط: فإذا كان الرادار ضعيفًا جدًا أو كانت طائرة العدو بعيدة جدًا، فإن جهاز التعقب لن يكون قادرًا على إحكام الهدف قبل إطلاق الصاروخ. وتمت محاولة تجاوز هذه المحدودية في الصواريخ شبه الموجهة بالرادار النشط الأحدث من خلال تزويدها بالقدرة على الإحكام على الهدف بعد الإطلاق، إلا أن ذلك لم يُفلح تمامًا في تخطي المحدودية في الاستخدام.
 
ميزات الصواريخ الموجهة بالرادار النشط
 
أما الصواريخ الموجهة بالرادار النشط فإنها تحُل تقريبًا جميع المشاكل التي تعاني منها الصواريخ شبه الموجهة بالرادار النشط، بحسب المجلة التي أوضحت أن الطائرة تستطيع أن تناور بحريتها بعد إطلاق الصاروخ باتجاه الطائرة المعادية، حيث سيستمر الصاروخ باللحاق بهدفه بعد تفعيل جهاز التعقب الخاص به دون الحاجة للتوجيه المستمر من الطائرة التي أطلقته.
 
وأوضحت المجلة أنه يمكن إطلاق هذه الصواريخ بنمط يسمى “المستعر”، وفيه يعمل جهاز التعقب على الإحكام على الهدف من خلال أول إشارة رادار تصله بعد الإطلاق. هذه التكتيكات تُعطي الطائرات المقاتلة السريعة بما يكفي القدرة على “الإطلاق والإحكام على الهدف” بشكل فعّال، مما يتيح لها المجال لتجنب الدخول بشكل مباشر في قتال جوي بعد إطلاق صواريخها.
 
تقنية ليست حديثة للغاية
 
ورغم أن هذه الصواريخ انتشرت بشكل واسع مؤخرًا، إلا أن المبدأ كان موجودًا منذ زمن بعيد، بحسب ما كشفته المجلة.
 
وكانت المحاولة الأولى في حقبة الخمسينيات حين حاولت الولايات المتحدة أن تطور نسخة من صاروخ إيه آي إم-7 سبارو شبه الموجه بالرادار النشط ، وأُطلق عليه اسم سبارو2 في ذلك الوقت، وكان يحمل جهاز تعقب موجه بالرادار النشط، غير أن هذا النموذج فشل، لأن التقنية في ذلك الزمان لم تكن قادرة على إنتاج جهاز تعقب يمكنه إرسال واستقبال إشارة الرادار بحجم ملائم يتناسب مع وزن وقطر صواريخ سبارو متوسطة المدى.
 
وذكرت “ناشونال إنترست” أن أوائل الصواريخ الموجهة بالرادار النشط التي تعمل بشكل فعلي كانت صواريخ “إيه آي إم-54 فونيكس”، وكانت تعتبر “اليد الطائلة” لأسطول مقاتلات البحرية الأمريكية.
 
وأوضحت المجلة أن صواريخ “إيه آي إم-54” كانت بحاجة لأن تكون لديها قدرة التوجيه بالرادار النشط بسبب دورها الذي يمثل صواريخ جو-جو ذات مدى طويل جدًا (أكثر من 190 كيلومترًا)، وكان الهدف من صناعة هذا الصاروخ هو هزيمة أسطول المدمرات السوفيتية قبل أن تتمكن من إطلاق صواريخها المضادة للسفن باتجاه سفن البحرية الأمريكية.
 
نتيجة لذلك، احتاجت الصواريخ لجهاز تعقب موجه بالرادار النشط للحصول على دقة جيدة في إصابة الهدف في المرحلة الأخيرة (ضمن الـ19 كيلومترًا الأخيرة في رحلة الصاروخ نحو هدفه)، أي حين يكون أقرب ما يمكن لطائرات العدو، ورغم ذلك فإن تقنية الصواريخ شبه الموجهة بالرادار النشط كانت ما زالت تُستخدم لتوفير توجيه متوسط للصاروخ للإطلاق بعيد المدى، إلا أنه وللمدى القصير، كان بالإمكان إطلاق صاروخ إيه آي إم-54 بتوجيه رادار نشط منذ البداية، مما يتيح للطائرة بالمناورة والانحراف مباشرة بعد إطلاق الصاروخ الذي يعمل على توجيه نفسه بنفسه نحو الهدف.
 
وأفادت المجلة أن الصاروخ كان ملائمًا لحمل جهاز تعقب للتوجيه بالرادار النشط، حيث يتمتع بقُطر كبير ليتسع لمحرك الصاروخ كبير الحجم الذي كان ضروريًا لتحريك الصاروخ لمسافات بعيدة، بالإضافة إلى الرأس الحربية الثقيلة اللازمة لتدمير القاذفات السوفيتية.
 
استخدام الصاروخ المطوّر على أرض الواقع
 
وبكل الأحوال، ولأن الحرب الباردة بقيت باردة على حد تعبير المجلة، لم يتمكن إيه آي إم-54 أبدًا من أداء الدور الذي صٌنع من أجله في القتال. وتم إطلاق عدد قليل من هذه الصواريخ ضمن عملية المراقبة الجنوبية (1992 -2003)، ولكنها أخطأت أهدافها بسبب قِدمها واستخدامها ضد أهداف كانت عبارة عن طائرات مقاتلة تكتيكية وليست القاذفات الروسية التي كانت مصممة لتدميرها.
 
وكشفت المجلة الأمريكية أنه تم تزويد إيران بصواريخ إيه آي إم-54 مع مقاتلات إف-14 إيه قبل الثورة الإسلامية عام 1979، واستنادًا إلى التقارير الإيرانية التي تخص استخدام هذه الصواريخ، فقد كانت صواريخ إيه آي إم-54 فعالة في إسقاط القاذفات العراقية وبعض الطائرات المقاتلة ضمن مجال بعيد نسبيًا.
 
ورغم نجاح صاروخ إيه آي إم-54 بشكل عام، إلا أنه يبقى صاروخًا ثقيل الوزن ومصممًا لتدمير أهداف غير قادرة على المناورة، بحسب المجلة.
 
أما أول صاروخ موجه بالرادار النشط نجح حقًا فقد جاء بعد 15 عامًا، وكان اسمه إيه آي إم-120، وهو صاروخ جو-جو متطور متوسط المدى (سمّي اختصارًا: أمرام).
 
وأفادت “ناشونال إنترست” أنه تمت صناعة إيه آي إم-120 ليحل مكان إيه آي إم-7 سبارو بأداء أعلى وأحدث.
 
وبسبب تطور التقنيات الإلكترونية فقد بات بالإمكان صنع جهاز تعقب صغير بما يكفي لوضعه في صواريخ أصغر حجمًا، ولكن، حتى مع الإلكترونيات الجديدة، فإن تطوير مثل هذه الصواريخ المتقدمة كان يواجه مشاكل الإجراءات الطويلة: كان الصاروخ في طور ما قبل الإنتاج عام 1984، ولكنه وصل إلى طور الإنتاج المنخفض عام 1988 والقدرة التشغيلية الأولية كانت عام 1991.
 
وقالت المجلة “أخيرًا كان ظهور صاروخ أمرام لأول مرة في القتال ضمن عملية المراقبة الجنوبية، حيث عمل على إسقاط مقاتلة ميغ-25 عراقية”، ومنذ ذلك الحين، بدأ يُستخدم بشكل كبير في العمليات ضد يوغسلافيا سابقًا، العراق وسوريا (عام 2017).
 
الجدير بالذكر، أنه في العمليات السورية، “كانت الصواريخ الموجهة بالرادار الفعال قادرة على الإحكام على الهدف وتدميره ، في حين لم تنجح صواريخ إيه آي إم-9 إكس الموجهة بالأشعة تحت الحمراء في تعقب وتدمير أهدافها”.
 
وبيّنت المجلة أنه تم تعديل جهاز التعقب الصغير الخاص بالصاروخ للاستخدامات البرية والبحرية، حيث تمت إضافته إلى صواريخ ناسامس النرويجية/ الأمريكية أرض-جو وصواريخ إس إم-6 البحرية متعددة الاستخدامات، وبهذا أصبحت جميعها تتمتع بميزة الإصابة الدقيقة للهدف بفضل التوجيه بالرادار النشط.
 
ما التالي بالنسبة لأمرام والتوجيه بالرادار النشط؟
 
أفادت المجلة أن التحديثات الأخيرة لصاروخ أمرام أعطته قدرات أكبر لتبادل البيانات، مما يسمح بشكل أكبر للطائرات بإرسال واستقبال البيانات من جهاز التعقب ليعطي لمنصة الإطلاق والطائرة معلومات عمّا يراه أمامه.
 
وأضافت المجلة أن الرادار الخاص بالصواريخ الموجهة بالرادار النشط شهد تحديثات أيضًا. حيث كان صاروخ إيه إيه إم-4 بي الياباني الموجه بالرادار النشط هو أول صاروخ من نوعه في العالم مزود بجهاز تعقب مصفوفة المسح الإلكتروني النشط، والذي يمكنه زيادة مجال رؤية الرادار (معدل الإنحراف)، مما يتيح له بأن يكون أكثر قوة ويعمل على تعقب الأهداف بشكل أسرع.
 
وكشفت “ناشونال إنترست” عن ابتكار آخر يجعل الصواريخ الموجهة بالرادار النشط أكثر تدميرًا، وهو استخدام المحركات النفاثة لتوفير قوة دفع مستمرة خلال طيران الصاروخ. وتعتبر إحدى أهم مزايا الصواريخ الموجهة بالرادار النشط هي أن آلية الإحكام على الهدف تميل لأن تصبح أكثر دقة كلما اقترب الصاروخ من هدفه، وذلك عكس محركات الصواريخ التقليدية التي تميل نحو تقليل الصاروخ من قدرته على الانحراف والمناورة مع اقترابه من الهدف.
 
وأكدت المجلة أن المزاوجة بين المحرك النفاث والتوجيه بالرادار الفعال كما تم في صاروخ ميتيور الذي أنتجته شركة إم بي دي إيه، يمكن له أن يكون مزيجًا قاتلًا له مميزات التقنيتين معًا.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد