نافذة على الدراما المحلية

mainThumb

12-11-2018 02:57 PM

كنا ولفترة ليست بالبعيدة لانعرف التلفاز اذ كان المذياع هو الطاغي على كل شي في حياتنا الاجتماعية وذلك لانشغال العرب في تلك الحقبة بالنظال  في فلسطين فتجد في القرية الواحدة مذياعا من الحجم الكبير ويكون هذا المذياع عادة في بيت المختار وعند الساعة التاسعة مساء يجتمع الكبار من المهتمين بالشان النظالي ومن المتحمسين في بيت المختار او بيت احد كبار الفلاحين من اجل الاستماع للنشرة الاخبارية كي يجدوا زادا لحديثهم في اليوم التالي فنراهم يتذاكرون وكل واحد فيهم يعمل محللا حسب مفهومه لما ورد في النشرة الاخبارية بيد ان هذه الامور تغيرت بطريقه دراماتيكية عندما غزت الشاشة الفضية الكثير من المنازل فاستطاع المواطن العربي ان يشاهد على ارض الواقع مايحدث بالصوت والصورة ,صحيح ان الصورة كانت بالابيض والاسود لكنها كانت كافيه للقضاء على كثير من المهاترات الشعبية فيما يخص الخبر ففي زمن الراديو كان احدهم اذا اراد مجادلة اخر يقول(انت ماسمعت باذنك)اما في عصر التلفزيون اصبح يقول(انت ماشفت بعينك) فالشهادة السمعية مجروحه اما البصرية فهي اصدق واعم واشمل ومن هنا اصبحت الحاجه للصورة ضرورة ملحة ولما كانت الاخبار وحدها لاتفي بالمطلوب بدا البحث عن فن جديد ونقله عبر التلفاز كما هو معمول به في السينما التي بدات بالظهور والتي كان الاساس لظهورها مسرح الظل واول ماظهرت السينما في مصر.
 
ومن هنا بدات الانطلاقه في تاليف وانتاج اعمال تلفزيونية تحاكي ماهو معمول به في السينما فكان البحث عن الممثل في تلك الحقبه اشبه بالحفر في الصخر وذلك بسبب التشنج المجتمعي في تلك الحقبه خاصه تجاه العنصر النسائي ولعل ماقامت به نادين طوقان في الاردن عام 1957 يعد انجازا عظميا حيث اعادت خلق السنما في الاردن من خلال فيلم صراع في جرش الذي تم تمويله من خلال زمره شبابيه كان احدهم مخرج العمل  واصف الشيخ ووصف الفيلم وقتها بانه فيلم عصابات وفيلم ترويجي سياحي, ولما كان لكل مجتمع طريقة تفكيرة فيما يخص الدراما التلفزيونية فقد كان توجه المجتمع الاردني نحو نوعين من الدراما مع وجود بعض التداخلات وكان الحضور فيها للكاتبين وقتها الاستاذ محمود الزيودي واحمد عويدي فتم انتاج اعمال ريفيه مثل بير الطي وقرية بلا سقوف وشمس الاغوار وصقور الصحراء ووضحا وابن عجلان وغريسه وقام بانتاج هذه الاعمال عدد من المنتجين المحليين منهم على سبيل المثال لاالحصر الاستاذ عبد الرحمن العقرباوي وفهاد العقرباوي مع طاقم اخراج امثال الاستاذ حسن ابو شعيره ومحمد العوالي وماجد مسيب وسعود الفياض الخليفات واحمد دعيبس واخرون لايحضرني ذكرهم جميعا.
 
وقد ساعد انشاء الشركة الاردنية للانتاج التلفزيوني على تصوير العديد من المسلسلات ايضا ساهم التلفزيون ايامها رغم محدودية الامكانات في خلق مناخ محترم للدراما.لكن في بداية التسعينيات ومع حرب الخليج الاولى تراجعت الاماكانات الفنية في الاردن وذلك لتاثرنا بما يحدث في العراق هذا الوضع ساعد على ظهور الدراما السورية التي ركزت في بدايتها على الصورة لاعلى مضمون العمل وقد لاقى هذا النوع من الدراما قبولا في الخليج العربي كمجتمع متعطش للعنصر النسائي ثم عادت الدراما الاردنية من جديد من خلال المركز العربي الذي ساهم مساهمه فعاله في نشر الكثير من الاعمال الدرامية علاوة على بعض مؤسسات الانتاج بيد ان ذلك تراجع بسبب جشع بعض المنتجين وتلاعبهم بالصورة الدرامية فانتجوا اعمالا لاتستحق الذكر وقاموا بتعهير العمل البدوي واخراج المراة البدوية كراقصة بيليه او نادلة في حانة ليلية ومن هنا بدا الانحطاط في العمل الدرامي الاردني فالنص هزيل والمنتج جشع يريد ان يصل للربح من اقصر الطرق ومخرجون ضعاف وانتاج رديْ ورغم المحاولات التي يبذلها التلفزيون الاردني من اجل اعادة حصان الدراما الاردنية الى ميدان السبق مرة اخرى الا ان طريقة الغالبية من الفنانين الاردنيين تتصف بالفزعه فليس هناك جهود منصبه على عمل تلفزيوني ضخم والاكتفاء به بل كل فنان يسعى للحصول على عمل ينتجه هو وليس بالضرورة ان يحاكي الواقع ويعالج المشاكل والهموم المحلية تماما كمجموعه  من الركاب تتزاحم على حافلة وكل واحد يريد ان يحصل على مقعد له ماشكل ضغطا كبيرا على ادارة التلفزيون التي وجدت نفسها محتارة بين ارضاء اصحاب النصوص الممتازة واصحاب نصوص(الو) وانا هنا انوه انه لايجوز لاي شخصيه ثقافيه او وزير ان يؤثر على عمل التلفزيون في هذا المجال وعليه تحفظت الادارة على كثير من النصوص التي لاترتقي للمستوى الذي تغامر معه الادارة لانتاج عمل(يبيض الوجه) لكن ماهو مطلوب من اجل النهوض بالدراما تقنين الاعمال واعتماد النقابه على امكانات ماليه او مخصصات ثابته لانتاج مثل هذه الاعمال وشراء النصوص من كتاب معروفين لامتدربين او متسلقين علاوة على طواقم اخراجية واعية واعتقد انه يتوفر لدينا جيل من الشباب الممتاز في هذا المجال وتسليم ادارة الانتاج لاشخاص اصحاب خبرة وبشكل عام على الجميع ان يعمل بروح الفريق الواحد كي نفتح نافذتنا مجددا على الشارع الدرامي في الاردن وعلى الكاتب الالتزام بدوره وايضا المخرج وكذلك الممثل فما نراه ان المخرج يمثل والممثل يكتب والكاتب يخرج فكما يقال هيصة وهيص ياولد.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد