رميات العرب نحو القمر - عبدالله العلمي

mainThumb

23-01-2019 03:57 PM

 في كل قمة عربية، يؤكد المتحدثون على أن العرب “بحاجة إلى القضاء على الفقر، والمضي قدما في طريق التنمية”. والخطب العصماء في القمة العربية الاقتصادية ببيروت هذا الأسبوع لم تختلف كثيرا عن هذه المقولة المأثورة العتيدة.

 
يمرّ العالم العربي اليوم بحالة شبه مستعصية من الهشاشة الاقتصادية، معدلات نمو الاقتصاد الوطني منخفضة، وملايين الشباب يبحثون عن العمل.
 
الاقتصاد العربي يعاني من أعلى نسبة بطالة في العالم، إذ وصلت هذه النسبة إلى 10.6 بالمئة، وهي تقترب من ضعف متوسط نسبة البطالة العالمية.
 
الأسباب واضحة؛ وربما من أهمها أن العالم العربي أصبح أكثر تقلبا سياسيا، تزامنا مع النزوح البشري، ووقوفنا في الصفوف الخلفية في مسار تمكين المرأة واستخدام التقنية.
 
ليس سرا أن المخاطر المحدقة بالاقتصاديات العربية في ازدياد متسارع، فقد تأخرنا كثيرا في التغلب على المعوقات في التجارة العربية، بل تزايدت حالات التوتر والنزاعات في التجارة بين الدول العربية.
 
ذُكر في المؤتمر أن الاقتصاديات العربية تحتاج إلى تمويل يصل حدّه الأدنى إلى 230 مليار دولار سنويا، للإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
 
إضافة إلى ما سبق، فقد تمّ تداول ثلاث إحصائيات مفجعة في القمة الاقتصادية العربية.
 
الأولى أن تكلفة الخسائر في النشاط الاقتصادي بسبب الحروب والصراعات تُقدّر بما يزيد على 900 مليار دولار، لتضيف عبئا على أعباء تراكمت من تراجع في النمو والتنمية الشاملة بالبلدان العربية.
 
الإحصائية الثانية أن نسبة من يعانون من الفقر المُدقع زادت عربيا إلى الضعف من 2.6 بالمئة إلى 5 بالمئة في الفترة من 2013 وحتى 2015، حسب آخر إحصاء للبنك الدولي في عام 2018.
 
أما الإحصائية المفجعة الثالثة فهي أن الاقتصاد العربي يحتاج توليد 10 ملايين فرصة عمل جديدة كل عام حتى يتصدى لمعضلة البطالة.
 
المستقبل القريب قد لا يكون أكثر إيجابية. هناك احتمالات عديدة يجب الاستعداد لها مثل ارتفاع تكلفة الاقتراض، وانفلات الإنفاق العام، وارتفاع معدلات التضخم والغلاء.
 
ولكن لكي نكون واقعيين، العرب ليسوا وحدهم يتعرضون للأزمات الاقتصادية. موجات نزوح البشر ترتفع في معظم دول العالم الثالث تقريبا، وأغلب الدول القريبة والبعيدة تعاني من أزمتين محددتين: ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة. أما الطلب على الكهرباء في المنطقة العربية فسوف يزيد بنسبة 84 بالمئة في عام 2020، فهل نحن مستعدون لذلك؟
 
الصورة ليست كلها قاتمة. الدول العربية اجتازت امتحانا هاما بإنشاء منطقة التجارة الحرة العربية التي تضم 18 دولة عربية. كذلك بدأ العالم العربي (وخاصة بعض دول مجلس التعاون الخليجي ومصر) بتطبيق أنظمة التجارة العالمية وأخذ بعض الأمكنة في الصفوف المتقدمة اقتصاديا.
 
كما أن بعض الدول العربية تعمل جاهدة لتطوير رأس المال البشري. من الأمثلة الناجحة، زيادة تعزيز فرص مشاركة النساء في سوق العمل والتمكين الاقتصادي للمرأة في السعودية. هذا تقدم جيد، ولكن هناك حاجة إلى المزيد.
 
علينا في العالم العربي تمكين المرأة وإتاحة فرص العمل والاستثمار وريادة الأعمال للنساء من خلال تمويل حكومي قوي ومؤسسات أهلية متخصصة ومُخْلِصة.
 
الصورة الإيجابية الأخرى أن عشر دول عربية تقدمت بخططها الطوعية لبرامجها التنموية في إطار المنتدى السياسي رفيع المستوى للمنظمة الأممية، وستتبعها 6 دول أخرى في يوليو 2019.
 
سأل الدكتور محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولي، في كلمته في القمة الاقتصادية “كم يحتاج العرب من رميات موفقة نحو أقمار التقدم والتنمية المستدامة والقضاء على الفقر والارتقاء بنوعية الحياة؟”. أترك الإجابة لكم.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد