زمن المخاتير الغابر

mainThumb

25-01-2019 08:53 PM

قبل أيام ارتفعت بعض الأصوات التي تنادي بتفعيل قانون المخاتير، معتمدين على مادة في القانون تحمل الرقم"9" من قانون المخاتير لعام 1958، والتي تنص على: (يعتبر المختار في حكم الموظف لغايات تطبيق أحكام قانون العقوبات، كما يحق للمخاتير المنتخبين بمقتضى أحكام هذا القانون: أن يتقاضوا الرسوم أو الرواتب التي يقررها وزير الداخلية بنظام استنادا للمادة 12 من قانون المخاتير، بالإضافة الى الرسوم التي قد يكون من حقهم استيفاؤها بمقتضى أي تشريع).
 
هذا النداء الذي أطلقه بعض المخاتير، يسلط دائرة الضوء على هذه الفئة من الموظفين أو المساعدين للحكام الإداريين، وهل وجودهم ضروري، وهل الحكومة تحتاج لهم وتعتمد عليهم في تسيير أمور المواطنين الإدارية، في تجمعاتهم السكانية، أم أن التقدم الانساني الذي حدث وأوصل الطرق الى كل مكان، وانتشار وسائل الاتصال، ووصول دوائر الأحوال المدنية الى المواطن أينما كانوا، أضعفت الحاجة اليهم، إذ كان الواقع الذي أدى الى وجودهم قد انتهى الى غير رجعة؟.
 
المختار ويضاف اليه ما يسمى ب"الشيخ"، كانوا يتبعون الى واقع كانت فيه الحياة القبلية منتشرة، والتواصل مع الحواضر ضعيف، واعتماد الناس في القرى والبوادي على الزراعة والرعي، وليس كل شخص يتسنى له أن يتابع أموره التي تتعلق بالدولة كتسجيل المواليد، والوفاة، وبعض الأمور الأمنية التي يحتاجها المجتمع البسيط كتسليم مطلوب، أو فض النزاعات، وأمور الطابو وغيرها.
 
لكن المواطن قد فقد ذاك الواقع، و تغير نمط عيش المجتمع فالزراعة تكاد تختفي، والرعي كذلك، وتحول معظم الناس الى وظائف الحكومة، وغير محتاجين للمختار أو للشيخ لينوب عنهم في تسيير معاملاتهم، وبذلك لم يبق لهذين المسميين إلا القشرة الخارجية، أو متابعة، الشؤون التي حورها المجتمع لهما (كالجاهات والصلحات، وأحيانا تقمص دور المخبر..) ليبقى نمطهما موجودا في مجتمعات تصر الحكومات والدول المتولية عليها أن تمارس النوم ولا تتقدم أبدا!!
 
الدولة التي عندها دستور، وقانون، ويوجد جهات منفذة وتستطيع أن تصل الى جميع الناس، ثم تصر على وجود هذين الشكلين في مجتمعاتها، هي دولة لا تريد لشعبها أن يتقدم ولا تريد أن يكون الجميع سواء أمام القانون.. وعلى المجتمعات أن تحاول التحرر من هذا النمط المقصورة عليه قصرا لتبقى متأخرة ومسلوبة الإرادة والحقوق..


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد