الاحتجاجات والتوجيه الديمقراطي‎

mainThumb

03-02-2019 04:26 PM

 هناك مقولة تُنسَب الى سياسيين "براغماتيين"، تُلخص العلاقة بين الدولة الحديثة التي تسمي نفسها ديمقراطية، وبين الشعب، أو ما يفرزه الشعب من قيادات وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني، وهذه المؤسسات في الوضع الصحيح تكون جزءا من الحكم الديمقراطي، بمعنى أن المعارضة تدعم الحكم وتعطيه التوازن ليبقى الشعب متقبلا لتولي الدولة عليه..(بالمناسبة كثير ممن يتعاطى السياسة، مخدوع بالديمقراطية أو الرؤية عنده غائمة كليا فيما يتعلق بمفهوم الديمقراطية وتطبيقاتها الفكرية والسياسية يظنها انتخابات فقط).

 
هذه المقولة رددها أناس كثير وفي مناسبات سياسية كثيرة أو في مواجهات بين الحكومة والمعارضة  ملخصها يقول: "انتقد الكأس الذي أمامك كيف شئت ومتى شئت، صف قذارته واتساخ الماء فيه ونقصانه، وغير ذلك، لكن إياك أن تحاول تغييره، عندها ستحاربك كل أجهزة الدولة العسكرية والمدنية" لذلك تغول الدولة هو جزء من الفكر الديمقراطي الذي ورثته الدولة الحديثة من نظام الإقطاع في القرون الوسطى.
 
المعنى: هو أن ما يحصل من احتجاجات ومظاهرات واعتصامات، تبقى مقبولة إن كانت تتكلم عن حالة الكأس وما وصلت اليه من اتساخ وإهمال ولم تتقدم لتحاول أخذ الكأس وتنظيفه وإعادة اللمعان والألق له، وإن حاولت فعل ذلك ستتقدم مؤسسات الدولة لقمع كل من يحاول فعل ذلك.. ولذلك إذا أرادت أجهزة الدولة انهاء حالة الاحتجاج لأي سبب، وضعت في وسط المحتجين من ينادي يتنظيف الكأس أو تحريكه من مكانه، أو استبداله، فتخلق المبرر أمام الرأي العام الدولي لقمع المحتجين وإيقاف نشاطهم، لأنهم تجاوزوا القول الى العمل، وإن كانوا على حق أو يدافعون عن حقوقهم.!
 
ثم أمر آخر يقلق الدولة وهو اشتراك جزء من معارضة الدولة مع المحتجين، لأنهم ببساطة تخلوا عن لعبة الحكم وأخلّوا بالتوازن داخل الدولة، بإضفائهم الشرعية على الإحتجاجات.. وأمر آخر وهو المهم والأهم والذي تتحرك الدولة سريعا لمقع أي احتجاج يتجه نحوه، وهو القيادة النظيفة للاحتجاج، لأنها تعرف أن مجرد التفاف  المحتجين حول قيادة يعني نجاح الاحتجاج والاطاحة بالحكم..، لذلك اذا سئمت الدولة من الاحتجاجات، قد تنشئ قيادة من عملائها لتخلق المبرر للإطاحة بالاحتجاجات لانها تعدت الخطوط الحمراء وصارت تشكل خطرا على الدولة!!
 
أما ما عدا ذلك فهي مستعدة أن تنشئ مكانا مخصصا للاحجاج، وتدعم محتجين على مواقع التواصل، يشغلون الشباب بالمعارضة الافتراضية التي تبدأ بتشغيل جهاز الحاسوب وتنتهي بإغلاقه!! أو تبدأ بنشوة الخروج بين جموع المحتجين، وتنتهي بالملل وعدم وجود جدوى من الاحتجاج، لأنه غير مثمر لعدم وجود قيادة تحمل رؤية للتغيير، تحرك الوضع الجامد.
 
هذه الأمور السابقة تمارسها دول ديمقراطية بناء على دراسات وأبحاث في سلوك الحشود وقد تطبقها على الدول الشمولية التابعة لسلتها، فما بالكم بممارسات الدول الشمولية ذات الأيقونة الصافية التي لا يصل اليها الباطل من جهاتها الأربع؟!!!.  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد