مؤسسات المكارم .. !!‎

mainThumb

08-02-2019 10:07 PM

 الناظر الى مؤسساتنا كبرت أو صغرت، من خلال محطات إذاعاتنا، لا يجد أنها تقوم بواجبها على أكمل وجه، فكل صباح تسمع صرخات المواطنين، وأنين المكلومين الضارعين الى المسؤولين، ليتفضلوا عليهم ويعطوهم، شيئا بسيطا من حقوقهم الضائعة في أروقة مؤسساتهم التي تدار -أغلبها حسب ما نسمع- بلا  قانون ولا خطط، بل "بالمكارم" والتفضّل والمحسوبيات، والجاهات، والمفاتيح البشرية، وكأن المسؤول شيخ عرب.

 
هناك صنفان من الشاغلين للمناصب العليا في بلادنا.. الصنف الأول.. وصل للمنصب عن طريق التعيين، وهذا التعيين له عدة أشكال، القليل منها يكون عن جدارة واستحقاق.. اما الصنف الثاني يأتي عن طريق الانتخاب في المؤسسات الخدمية او التشريعية.. وهؤلاء الواصلون الى المناصب، يغيب عن أذهانهم تماما ان المؤسسة التي يشغلونها وضعت لخدمة المواطن حسب القانون، لكن صاحبنا يكون قراره مرتبطا بمن عينه أو بمن انتخبه او بدائرة المؤثرين المحيطة به.. وغالبا ما يحصل المواطن على الخدمة من أي مؤسسة خدمية بطريقة "المكرمة" ويكون قد وسّط لها كل "اللي يمونوا على المسؤول"، حتى يشعر المواطن أن الموظف، ومن توسط عنده قد تفضل عليه واعطاه ما لا يستحق من خدمة، التي من واجب المؤسسة أن تقدمها.. او كأنه يطلب خدمة من مؤسسة في بلد آخر غير بلده، وتلقاه هذا الموظف النبيل وخدمه وهو غير مضطر لذلك .
 
وكثيرا ما ترى في مجتمعاتنا عبارات.. مثلا.. من لا يشكر الناس لا يشكر الله.. او ترى بعضهم يكتب في الصحف اعلانات يشكر بها فريقا طبيا قدم له الخدمة في المستشفى، وكأن الفريق هذا كان يلعب كرة قدم، وفجأة ظهر المريض فأوقف الفريق لعبه، وقدم الخدمة الطبية للمريض وتكرم عليه وهي في الأصل ليست من مهامه.. فاحتاج الى الشكر..والتكريم لتفضله، وتكرمه على المواطن المسكون بالضعف أمام مؤسسات الدولة. 
 
ونفس الشيء عندما نشعر ان الشرطي الذي يقوم بواجبه في أوقات قاسية، أنه تفضل وتكرم علينا "نحن الشعب غير الرسمي"، وعلينا ان نشكره، لأنه تكرم علينا، مع أن البعض يراه قيدا في رقابنا!! 
 
حتى أن من يحسبون أنفسهم كبراءنا، يظهرون الخضوع امام المسؤول، إذا جاءوا يتسولون "مكرمة منه"،  وكأنهم سجناء عنده!! وأن أي شيء تقدمه المؤسسة ما هو إلا "مكرمة" وليست حقا لنا على المسؤول وواجبا يجب ان يقوم به..
 
اما المسؤول المنتخب فلا تعمل مؤسسته في الغالب الا لمن انتخبوه، وان حدث وقدمت مؤسسته خدمة لشخص لم ينتخبه، تكون هذه الخدمة "مكرمة" من المسؤول يستحق عليها الاطراء والمدح، ويرى الناس أن من حقه ان يحجب الخدمة عن المواطن المارق الذي لم ينتخبه، وتزيد مأساة المواطن اذا تحدث للملأ عن خدمة لم يحصل عليها، من المؤسسة التي يتصرف بها مسؤول منتخب، عندها سيفقد حقه من كل خدمة تقدمها المؤسسة الى ان تحدث معجزة..
 
إنه من المؤسف لا يمكن أن يحصل المواطن على حقوقه من مؤسسات بلده على شكل مكارم!! لذلك يجب أن يصل المواطن الى ثقافة أن المسؤول خادم للشعب وما دام أنه تعرض للعمل العام عليه أن يكون خادما للمواطن، وليس جبارا، يعز من يشاء ويذل من يشاء!!!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد