حرب التحرير الأدومية من الاحتلال

mainThumb

18-02-2019 10:14 PM

 الحلقة الثامنة 

  وللملك اليهودي يهورام بن يهوشافاط (وهو اسم عبري معناه "يهوه مرتفع" وقد كتب يورام اختصارًا) للمملكة اليهودية في ارض كنعان، قصة مع الأدوميين وبلاد الأردن، فقد كان هذا الملك اليهودي عدوا للآدوميين، وكان في بادئ الأمر معينًا لأبيه مدة 5 سنين كما يذكر سفر الأخبار 21: 1-3). ثم ملك 7 سنين (حوالي 850-843 ق.م.)، وتزوج عثليا ابنة عمري ملك السامرة (2 سفر الملوك 8: 18). ومن أول أعماله أنه قتل أخوته الستة مع جماعة من الرؤساء (2 أخبار 21: 4). فجازاه الله بعصيان الأدوميين وتمردهم عليه. 
 
   وبعد ذلك بلغته رسالة من إيليا تنبئه بما سينزل به من مصائب بسبب خطاياه. وتم ذلك بهجوم الفلسطينيين والعرب على يهوذا، فأخذوا أمواله وبنيه ونساءه (2 أخبار 21: 16 و17 و22: 1). ومات غير مأسوف عليه بمرض أصابه في أمعائه بعد آلام مبرحة كما أنبأ بذلك إيليا (2 أخبار 21: 12-19). ولم يحتفل بجنازته كما كان يحتفل بجنازة آبائه ولم يدفن في قبور الملوك (2 أخبار 21: 19 و20). ،‏ 
 
هذا الملك الطاغية جاء  بعد الملك الأردني الأدومي المؤسس حدد بن بدد بأربعة  قرون ,  وخلال حكمه تمردت ادوم مرة أخرى وبدات الثورة وحرب التحرير ضد الاحتلال الإسرائيلي  , وتخلصت من نير يهوذا وأسست مجدداً مملكة اردنية أدومية  مستقلة خاصة بها.‏ ومع ان يهورام  ملك إسرائيل بن الملك يهو شافط ,  احرز انتصارا عسكريا على ادوم  في احدى المواجهات،‏ فقد بقي الادوميون متمردون ورافضون للهيمنة الخارجية .‏ انظر (‏٢ ملوك ٨:‏٢٠-‏٢٢؛‏ ٢ اخبار ٢١:‏٨-‏١٠‏)‏ , وفي النصف الاول من حكم الملك اليهودي امصيا (‏٨٥٨-‏٨٣٠ ق ‌م)‏،‏ شهد وادي الملح/ وادي البحر الميت  مجددا كارثة عسكرية حلّت بأدوم على ايدي ذلك الملك المجرم ؛‏عندما تم القاء اكثر من عشرة الاف ادومي من قمة اعلى صخرة في الجبال الغربية المطلة على وادي الملح .  واستولى امصيا على المدينة الأدومية الرئيسية سالع، الواقعة الى الجنوب من بصيرا عاصمة ادوم، ‏ لكن امصيا ارتد عن دينه، ووقع في شرك عبادة آلهة ادوم الوثنية واعتنقها خالعا دينه اليهودي. ‏ (‏٢ مل ١٤: ‏٧؛ ‏ ٢ اخ ٢٥: ‏١١-‏٢٠‏) ‏.
 
  لقد اتحد يهوشافاط مع اخزيا في صنع سفن في عصيون جابر الأدومية الأردنية على خليج بحر القلزم / الأحمر، غير أن السفن تكسرت حسب نبؤة اليعازر بن داود (2 أخبار 20: 35-37). ثم اتحد أيضًا مع يهورام بن آخاب ومع الأدوميين، لمهاجمة موآب. وعندما زحفوا إلى أرض موآب كاد الجيش الإسرائيلي أن يهلك لقلة الماء حتى صلى اليشع إلى الله، فأرسل الله ماء عن طريق أدوم ملأ الجباب (الاحواض والحفر) التي كان الجيش قد حفرها. وعندما أشرقت الشمس على هذه المياه، ورآها المؤابيون حمراء كالدم خيل إليهم أن الملوك انقسموا فيما بينهم، وإن ذلك دم القتلى، فأتوا إلى محلة العبرانيين لينهبوها، فاستقبلهم رجال العبرانيين ومن معهم في معركة حامية الوطيس وهزموا المؤابيين شر هزيمة. (2 مل 3: 4-27).
وكان يهوشافاط خائفًا الله ومحبًا لشريعته وميالًا للسلام، فعقد معه جيرانه صلحًا وقدموا اليه هدايا كثيرة. ومات عن عمر يناهز الستين ودفن في مدافن الملوك في مدينة داود وخلفه على العرش ابنه البكر يهورام (1 مل 22: 50)، الذي لم يتبعه في المحافظة على الدين الصحيح.
 
   وحين هاجمت ارام يهوذا خلال حكم الملك آحاز (‏٧٦١-‏٧٤٦ ق ‌م) ‏انضم الادوميون الذين تحرروا كما يتضح من هيمنة يهوذا، ‏أقول انضموا الى ملك ارام للحرب ضد يهوذا، كما انضم الادوميون الى امم اخرى بينها اشور في الاغارة على يهوذا. (٢ اخبار ٢٨: ‏١٦-‏٢٠‏) ‏.  لقد عمل الادوميون على تعزيز الجبهة الأدومية الداخلية للتخلص من الاحتلال الإسرائيلي وعقدوا تحالفات مع ملك دمشق ومع الاشوريين للقضاء على السرطان اليهودي الذي كان يباغتهم بين فينة وأخرى. 
   الشيء المحزن انه لم يُعثر على اية سجلات مكتوبة مصدرها ادومي. وبالتالي فإننا مضطرون لأخذ تاريخهم من خلال وثائق غير أدومية، ومع هذا نجد ان السجلات الدنيوية الخاصة بأمم أخرى في مصر ودمشق والرافدين والتوراة تأتي على ذكر ادوم. ‏ فهنالك بردية مصرية يُعتقد انها تعود الى الالف الثاني ق ‌م تشير الى قبائل من البدو آتية من ادوم الى منطقة الدلتا بحثا عن مراع لمواشيها. ‏
 
   كما ادّعى الفرعونان مرنبتاح (فرعون الخروج) ووالده رعمسيس الثاني (فرعون التسخير) انهما بسطا هيمنتهما على ادوم، ‏ وكذلك فعل الملك الاشوري ادد نيراري الثالث. ‏ وفي وقت ما بعد عهد هذا الملك الاشوري الاخير، ‏ تباهى خلفه تغلث فلاسر الثالث (‏معاصر لآحاز) ‏ بأخذه جزية من «قوش مَلَكو ملك ادوم»، ‏ وأدرج اسر حدون خلف سنحاريب الاسم «قوش غبري» بصفته ملكا ادوميا تابعا له. ‏ نصوص الشرق الادنى القديمة، ‏ تحرير ج.‏ پريتشارد، ‏ ١٩٧٤، ‏ ص ٢٨٢، ‏ ٢٩١. ‏
  وبذلك تبين الوثائق الاشورية أسماء جديدة للملوك الأدوميين لم تذكرهم التوراة وهم: قوش ملكو ادوم أي الملك قوش ملك ادوم، وقوش غبري ادوم: أي الملك قوش غبري ملك ادوم، وقد جاءوا بعد الملك حدد بن بدد بعدة قرون. ومن خلال الوثائق يتبين ان المملكة الأدومية قد ضعفت وتقلصت كثيرا عما كانت عليه الحال في زمن الملك حدد بن بدد. لكنها بقيت مستمرة.
 
  والحقيقة ان الفرعون رعمسيس وابنه الفرعون مرنبتاح لم يبسطا هيمنتهما عل ادوم اطلاقا، بل كانوا في تحالف وثيق مع الأدوميين، كونهما ثموديان ولهما مصالح واهداف مشتركة، اقتضت إقامة هذا التحالف، وكان يستحيل على الفرعون السيطرة على الأدوميين لأنهم شعب متمرد ومقاتل بطبعه، وارضه وعرة جدا، وقد شرحنا ذلك مطولا في هذا البحث. 
 
  ولكن الامر ليس كما ورد في الوثيقة المصرية التي تبالغ عادة بقوة الفرعون ومدى سيطرته على البلدان من حوله كما شرحنا أعلاه، ولكن الامر كان عبارة عن المشاركة في الهيمنة والسيادة بين الدولتين معا على سواحل البحر الأبيض المتوسط والجزء الشمالي من جزيرة سيناء كما شرحنا. وبذلك كان من حق الفرعون وادوم ان يدعي كل منهما انه صاحب السيادة والقيادة على سيناء وجنوب بلاد كنعان وهي سيادة مشتركة كما شرحنا، لأسباب استراتيجية اقتضتها المصالح المشتركة. 
  واستمر الصراع الدموي الأدومي الإسرائيلي لعقود طويلة، حتى ان انبياءهم تمنوا لأدوم الخراب والدمار، فصارت ادوم في النبوءات الإسرائيلية موضع السخط والدعاء عليها بالويل والثبور والهلاك: ‏ حيث أعلن النبيان يوئيل وعاموس منذ ايام الملك عزيا ادانة إلههم يهوه الاكيدة لأدوم، ‏ وذلك بسبب سخط ادوم المستمر على اسرائيل، ذلك السخط الذي عبرت عنه ادوم باستعمالها السيف بلا رحمة ضد اليهود. ‏ (قارن سفر عاموس ١: ‏٦، ‏ ١١، ‏ ١٢‏) ‏ 
   فاليهود يؤمنون انه بسبب مقاومة ادوم لما يسميه اليهود في كتبهم (شعب عهد يهوه وهو إله اليهود) مقاومة ضارية، ‏ فان ادوم تكون بذلك فقدت حقها في ملكية ارضها ووطنها التي كانت قد حصلت عليها بضمانة من الله سبحانه باعتبارهم ضمن الوهم اليهودي ان ادوم أبناء عيسو (الوهمي) ابن يعقوب وهو الاسم غير الموجود أصلا.  
 
  وبذلك يكون الادوميون (في عقيدة يهوه) قد حكموا على أنفسهم بالموت عندما اخضع البابليون يهوذا وأورشليم سنة ٦٠٧ ق ‌م.‏ فقد تجلى بغض الأدوميين لليهود بوضوح حين حرضوا محتلي اورشليم على اليهود (‏مزامير ١٣٧: ‏٧‏) ‏ وفرحوا بمأساة يهوذا، ‏ حتى انهم بسبب عدائهم ورغبتهم في الانتقام سلّموا اليهود الهاربين للبابليين ليقوموا بذبحهم. ‏ 
 
    كما انضموا (أي الادوميون) الى الشعوب المجاورة مثل العمونيين والاشوريين والاراميين في استعادة الارض وخططوا لاحتلال بلاد يهوذا وإسرائيل المهجورة، ‏ متكلمين على يهوه بتبجح. ‏ نتيجة لذلك، ‏ امر الاله يهوه انبياءه ارميا وحزقيال وعوبديا ان يؤكدوا لأدوم ان شماتتها بالإسرائيليين لن تدوم طويلا وأنها ستُعامل بنفس الطريقة التي عوملت بها يهوذا.
 
   وتضيف النبوءات اليهودية: ان ادوم كانت ستخلو من السكان الى الابد (أي ستتم إبادتهم وتبقى ادوم بلا شعب) مثل سدوم وعمورة (أي ممالك قوم لوط الهالكة لغضب الله عليهم). ‏ (قارن ‏ارمياء ٤٩: ‏٧-‏٢٢‏؛ ‏ قارن أشعياء ٣٤: ‏٩-‏١٥‏. ‏) ‏ ولأن الأدوميين استحقوا بغض يهوه، ‏ كانوا سيُدعون «اراضي الشر» و «الشعب الذي دانه يهوه ابد الدهر». ‏ (‏ملوك ١: ‏١-‏٥‏) ‏. وهكذا ترمز ادوم في عقيدة اليهود كما يتضح الى تصنيفهم انهم الاعداء الألداء الذين يكنون عداء شديدا لشعب عهد الله كما يرد في سفر أشعيا (٦٣: ‏١-‏ ٦‏.)  ‏ 
 
  ففي هذه النصوص التوراتية أعلاه، ‏فان يهوه (‏اي إله اليهود نفسه) ‏ يوصف (بضم الياء وكسر الصاد) نفسه على انه المحارب الذي تلطخت ثيابه بالدماء بعدما داس (يهوه) معصرة خمر في ادوم انتقاما لله أي لنفسه، ‏ وان يهوه آتٍ من ادوم (‏التي تعني «احمر») ‏، ‏ لا بل جاء من أبرز مدن ادوم -بصرة (أي العاصمة بصيرا) (‏ربما استُعملت هنا من باب التلاعب بالكلام لشبهها للكلمة العبرانية باصير التي تعني «قطاف العنب») ‏. ‏ —‏ قارن رؤيا ١٤: ‏١٤-‏٢٠؛ ‏ ١٩: ‏١١-‏١٦‏.
 
 ‏ومثل هذا النص يبين  ان ادوم استخرجت الخمر من عصير العنب , ذلك ان منطقة الطفيلة ومنها منطقة بصيرا كانت توصف انها ارض الكروم من عنب وفواكه وتين وزيتون , وبقيت  كذلك الى نهاية القرن العشرين الميلادي , كما سميت تاريخيا كذلك منطقة عابل ( شرحنا ذلك في مواقع  مختلفة )  أي عابل /  ابل الزيت التي ترد بهذا الاسم في كتب التاريخ الإسلامي والحديث النبوي الشريف , بسبب شهرتها بأشجار الزيتون واستخراج الزيت من خلال المعاصر الخاصة بذلك ,  مثلما كانت معاصر العنب انتشرت لاستخراج العنب والدبس ( عصير العنب الطبيعي )  وغيرها من المنتجات الصناعية الزراعية والتي بقيت الى يومنا هذا. واما قديما فكان يتم استخراج الخمر من هذه المعاصر، وهو الإنتاج الذي توقف مع الفتوحات الإسلامية.
 تحالف ملوك ادوم المعاصرين لبابل في حينه (قوش ملكو ادوم أي الملك قوش ملك ادوم، وقوش غبري أي الملك غبري) وقد جاءوا بعد الملك حدد بن بدد بستة قرون ونيف، أقول تحالفوا مع الملك نبوخذ نصر ملك بابل ضد اليهود‏ (‏ار ٢٧: ‏١-‏٧‏) ‏. وبعد دمار اورشليم سنة ٦٠٧ ق ‌م، نجد استمرار دولة ادوم الى هذا التاريخ، وعندما التجأ بعض المسبيين (السبايا) اليهود بشكل مؤقت الى ادوم. ‏ وعقب رحيل الجيوش البابلية من القدس الى بابل في بلاد الرافدين / العراق، ‏ عاد هؤلاء اللاجئون اليهود الى ارضهم في اورشليم ثم هربوا اخيرا الى مصر. ‏قارن في سفر (‏ارمياء ٤٠: ‏١١، ‏ ١٢؛ ‏ ٤٣: ‏٥-‏٧‏) ‏ وبُعيد ذلك حان الوقت لكي تشرب ادوم بكثرة من كأس خمر سخط يهوه. ‏كما ورد في سفر (‏ارمياء ٢٥: ‏١٥-‏١٧، ‏ ٢١‏) ‏ 
 
  وقد حدث ذلك نحو منتصف القرن السادس ق‌. م في زمن الملك البابلي نبو نيد. ‏ فعلى حد قول س.‏ ج.‏ ڠاد، ‏وهو عالم في الادب والتاريخ البابليين، ‏ ضمت جيوش نبو نيد جنودا من اليهود المسبيين ضمن الجيوش البابلية التي اخضعت ادوم وتيماء للسلطة البابلية بعد تمرد ادوم على سلطة بابل، ‏ وتعليقا على ذلك، ‏ كتب جون ليندساي: ‏ «بهذه الطريقة، ‏ تمت بشكل جزئي على الاقل كلمات النبي الذي دوّن قول يهوِه: ‏ ‹أصب انتقامي على ادوم بيد شعبي اسرائيل› ‏ (‏سفر حزبون ٢٥: ‏١٤‏) ‏. ‏ 
ومثل هذا التمرد الأدومي على كل من اليهود ومن ثم البابليين من بعدهم , انما  يبين طبيعة الأدوميين الأردنية الابية العصية    برفض الاحتلال واجراء التحالفات مع اطراف خارجية للتخلص من أي احتلال خارجي, وهم حريصون دائما على تحقيق الاستقلال الوطني  واستعادة الهوية والشرعية الوطنية الأردنية , حيث تحالف الادوميون  مع البابليين للتخلص من الإسرائيليين , ومن ثم تمردوا على البابليين للحصول عل الاستقلال التام لانهم لم يريدون استبدال احتلال باحتلال , بل استبدال الاحتلال بالاستقلال , فالتضحيات مستمرة ومتتابعة من اجل نيل الكرامة الوطنية وهي الاستقلال والحصول على الهوية والشرعية 
 
 ونجد في النصوص القديمة أيضا ان: نابو نيدوس يصلي إلى إله القمر (سين)، ويكتب: نَبو نيد بالبابلية المتأخرة نَبو -نا -يد Nabû -nāʾid) ملك بلاد بابل الذي تزوج من ابنة نبوخذ نصر وهي نكتوريس Nictoris مما اهله إلى حكم الامبراطورية البابلية. من بعد نبوخذ نصر، وربما لهما علاقة بعائلة أشورية غير العائلة الكلدانية.  أخذ الحكم من لبشي مردوخ الذي أزيح عن الحكم لصغر سنه (ربما اغتيل). 
 
وان عادة وراثة العرش من الملك الى زوج ابنته او حفيده من ابنته عندما لا يكون له أولاد ذكور , أقول انها عادة معروفة عند العرب في الجاهلية والإسلام , لان ابن الابنة او زوجها أولى بالعرش من ابن الأخ او ابن العم او ابن العائلة البعيد عن الخط العمودي في النسب , كما ان النسب الشريف عند العرب يعطى للابن والابنة معا كليهما على حد سواء , ملفتا النطر الى ان هناك فرق بين التسمية من حيث النسب (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (5)سورة الأحزاب  . وفي صحيح البخاري وكتاب المناقب نجد الحديث الشريف التالي:
3327 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال هل فيكم أحد من غيركم قالوا لا إلا ابن أخت لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أخت القوم منهم) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. من حديث عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيته قال: ادخلوا على ولا يدخل على إلا قرشي، فقال: هل معكم أحد غيركم؟ قالوا: (معنا ابن الأخت والمولى، قال حليف القوم منهم ومولى القوم منهم)، وأخرج أحمد نحوه من حديث أبي موسى والطبراني نحوه من حديث أبي سعيد. فهذه عادة عربية حميدة اقرها الإسلام الحنيف لتمتين الروابط الاسرية بين العشائر والناس.   ووقع في حديث أبي هريرة عند البزار مضمون الترجمة وزيادة عليها بلفظ " (مولى القوم منهم، وحليف القوم منهم، وابن أخت القوم منهم).
 
   اما مردوخ والتنين، فان مردوخ (مرْدُوك، فتعني “نمرود " باللغة العربية)، فقد كان كبير آلهة قدماء البابليين، وكان أساسًا إلهًا لمدينة بابل. وعندما أصبحت بابل أهم وأقوى مدينة في العصور القديمة، أصبح مرْدُوك أهم إله للدولة البابلية في هذه الحقبة، وقد سمَّاه أصحاب السِّيادة: المولى الأعظم، مولى السماء والأرض، وزعموا أن قوته كانت تكمن في حكمته التي كان يستخدمها لمساعدة النَّاس الأخيار على حساب معاقبة النَّاس الأشرار.
    وقد حدث ان تحقق شيء من نبؤه النبي عبوديا (احمد انبياء بني إسرائيل) الذي قال ان ‹أنصار› ادوم، اي ‏ ‹حلفاءها›، ‏ او ‹اصدقاءها الموثوق بهم› سوف ‹يخدعونها›، ‏ ‹يقوون عليها›، ‏ و ‹يضعون شركا تحتها›. ‏ فقد تكون الاشارة هنا الى البابليين، ‏ الذين رغم سماحهم للآدوميين ان يأخذوا لأنفسهم حصة من الغنائم التي كسبوها من يهوذا ايام نبوخذ نصر، الا ان البابليين عادوا وغدروا بالأدوميين، حيث ‏ كبحوا وإلى الابد مطامح ادوم التجارية في زمن نبو نيد (‏قارن عوبديا ١ و٧‏‏) ‏». ‏ وأيضا انظر مجلة استكشاف فلسطين الدورية، ‏ لندن، ‏ ١٩٧٦، ‏ ص ٣٩. ‏
 
يذكر سفر ملاخي، ‏ الذي كُتب بعد نحو ١٠٠ سنة من قيام نبو نيد بالحملة ضد ادوم، ‏ ان الله سبق وجعل «جبال [ادوم] قفرا وميراثه لبنات آوى البرية». ‏ (‏مل ١: ‏٣‏) ‏ وقد امل الادوميون ان يرجعوا ويعيدون بناء خربهم، ‏ لكنهم ما كانوا لينجحوا. ‏ —‏ ملوك ١: ‏٤‏. ‏
 
ومن خلال هذا النص والتشفي فإننا نفهم مدى حقد اليهود على ادوم ارضا وشعبا وهوية وشرعية لان ادوم اذاقت بني إسرائيل الويلات اثناء التيه وقبله، لذا نجدهم يبخسون ادوم حقها وبينوا زورا انها دولة صغيرة تمتد بين العقبة ووادي الحسا فقط وهو كلام عاري عن الصحة تماما، فالدولة الأدومية كانت امبراطورية عظمى الا ان بني إسرائيل سرقوا التاريخ واملوه انتقاما منها. لذا فان حديث انبيائهم يركز على النهاية المحزنة لأدوم وأنها ستصبح خربا الى الابد. 
 
وبحلول القرن الرابع ق.م  ظهر الانباط  وكنوا من رعايا الأدوميين مثلما كان الادوميون من رعايا الحوريين من قبل ,  وقد حل الانباط محل الأدوميين الذين نزح بعضهم الى ادوميا في جنوب بلاد كنعان وتحول الشعب من ادوميين الى انباط .‏ اما من نزح من الأدوميين فقد  أقاموا في النقب جنوب بلاد كنعان  ووصلوا شمالا الى الخليل .‏ وبات الجزء الجنوبي من فلسطين  يُعرف اخيرا باسم ادوميا .‏ ووفقا ليوسيفوس،‏ اخضع يوحنا هيركانوس الأول فلول  الأدوميين في ادوميا بين السنتين ١٣٠ و ١٢٠ ق‌ م وأجبرهم على اعتناق اليهودية.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ ١٣:‏٢٥٧،‏ ٢٥٨ [٩:‏١]؛‏ ١٥:‏٢٥٣،‏ ٢٥٤ [٧:‏٩])‏ .
 
   بعد ذلك، ‏ اندمج الادوميون الجدد في فلسطين تدريجيا في اليهود وانقطعوا عن ديارهم الاصلية في الأردن. ‏ ولم يعودوا موجودين كشعب بهذا الاسم عقب دمار اورشليم سنة ٧٠ ب‌ م على يد الرومان، ‏ وانما صاروا من بني إسرائيل بالموالاة ثم اعتبروا أنفسهم من بني إسرائيل نسبا، ونسوا اصولهم مع الزمن وصاروا يحسبون انهم من نسل الاسباط ‏ —‏ عوبديا ١٠، ‏ ١٨‏. وطهر منهم هيرودوس الذي تزوج ارملة أخيه والذي ذبح سيدنا يحي عليه الصلاة والسلام  ( وللحديث بقية )


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد