الحاجة سعاد وتغريدة منتهى الرمحي

mainThumb

26-03-2019 01:22 PM

 الحاجة سعاد: هي سيدة أردنية. توجهت إلى نيوزلندا، للمشاركة في تشييع جثمان إبنها كمال درويش، وإلقاء نظرة الوداع الاخيرة عليه، وهو الذى قضى بحادث المسجد هناك، من قبل متطرف حاقد على الإسلام، مع خمسين آخرين.

 
الحاجة سعاد، وصلت إلى هناك، وألقت النظرة الأخيرة على فلذة كبدها، وما أصعبها من نظرة، ثم شاركت بتشييع جثمانه، واستودعته الله الذي لا تضيع ودائعه ، ثم أودعته التراب. بغصة لا يمكن لأحد من وصفها، إلا من أم عانت مثلها بفقد إبنها.
 
لم تمر ساعات قليلة حتى أصيبت الحاجة سعاد، بنوبة قلبية حادة نتيجة حزنها الشديد على إبنها، وفارقت الحياة على أثرها لتلحق بإبنها.
 
كم أشفق على الأم التي يموت إبنها قبلها، وأي حياة لها ستكون بعده؛ وما أنا متأكد منه أن قلبها يُصبح فارغاً إلا منه حتى أم موسى عليه السلام أصابها ما أصاب كل الأمهات حين طُلب منها أن تلقيه في النهر، وهي تعلم علم اليقين أنه بحفظ الله سبحانه وتعالى ورعايته، ولقد صور الله هذا الشعور، باجمل تصوير في القرآن الكريم (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
 
أكثر من يقوم بالكذب من البشر: هي الأم، فهي تكذب حين تقول لك: أنها بخير وتكذب حين تقول لك: أنها بصحة جيدة ولا تتألم وتكذب حين تقول لك: أنها لا تحب الهدية؛ مراعاة لظروفك وتكذب حين تقول لك: أنها لا تحب اللحم؛ وتؤلمها أسنانها من تناوله، لتضعه أمامك، وتحرم نفسها منه وتكذب حين تقول لك: أنها لا ترغب بالإقامة عندك وأنها لا ترتاح إلا في بيتها وتكذب حين تقول لك: أنك لبيتك ولزوجتك ولأبنائك؛ وهم أحق بك مني.
 
لا أحد ينازع، الأم في حبها لإبنها وكل ما تقوله لك وتكذب عليك به هو لأنها تحبك، لأنك إبنها وألمها اللذيذ الجميل، فهي من تهبك الحياة من عمرها، وكم سمعت عن أمهات فقدن حياتهن؛ أثناء إنجابهن لأبنائهن.
 
تابعت تغريدة، مذيعة قناة العربية السيدة منتهى الرمحي وقرأتها عدة مرات، وتابعت كمية الهجوم غير المبرر عليها لأقول هنا: هي تكلمت بغريزتها، وعاطفة الأمومة في داخلها، وكل من هاجمها وزاود عليها بالوطنية، وإتهمها بقلة الإنتماء للأرض، ذلك لأنه خارج اللعبة، ولأن النار لم تقترب من ثيابه وبيته وأولاده، والفرصة سانحة له في أي وقت، لتقديم إبنه شهيداً في سبيل القضية الفلسطينية.
 
والله ثم والله ثم والله ثلاثاً، بٍكسر الهاء، إن أي أم لا ترغب بموت إبنها، وحتى إن أتت به من علاقة، غير شرعية، أو حتى وإن كان عاقاً لها، ويؤذيها، أو حتى وإن أخبرها الوحي، أن مكانه الفردوس الأعلى؛ وفي جوار الرحمن، فلا تحملوا الأمهات؛ ممن فقدن أبنائهن، أكثر مما يستطعن تحمله؛ من كلمات المجاملة والإنشاء، وجبر الخواطر، ودعوهن لحزنهن، فما أصعب أن تفقد الأم إبنها أو إبنتها.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد