العراق والتحرر من الحرس الثوري - حامد الكيلاني

mainThumb

15-04-2019 01:48 PM

 صرح المرشد الإيراني، علي خامنئي، بأن الولايات المتحدة لن تتجرأ على شن هجمات ضد الحرس الثوري، متجاهلاً أن الهجمات بدأت عملياً في إعلان الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، ثم دخول العقوبات الاقتصادية حيز التنفيذ رغم الاستثناءات المؤقتة لبعض الدول ومنها العراق.

 
الرئيس الإيراني حسن روحاني سبق وأن رد سبب إخفاقات حكومته إلى وجود حكومة أخرى يقودها حراس الثورة بما يمتلكونه من قوة وسلاح ونفوذ اقتصادي وسيطرة على الإعلام. بمعنى أن العقوبات كانت خطوة لتصعيد مرتقب في متناول الإدارة الأميركية باتجاه أدوات الإرهاب للنظام استجابة لما تتعرض له الشعوب الإيرانية في الداخل أو في تداعيات الدول التي امتدت إليها أذرع الحرس الثوري بصفة ميليشيات منفردة أو جماعات مسلحة تحت عناوين الأحزاب والعمل السياسي.
 
قرار الرئيس دونالد ترامب إدراج الحرس الثوري على لائحة المنظمات الإرهابية كان حاضرا في رؤية المجتمع الدولي منذ سنوات، وفي ذهن الباحثين بالشأن الإيراني خاصة من الإيرانيين الذين كانوا جزءاً من نظام ولاية الفقيه واكتشفوا الكارثة مبكراً بما ذهبت إليه إيران في حرب الثماني سنوات ثم المنطقة بأسرها بعد الاحتلال الأميركي للعراق بما نتج عن تهور الإرهاب الإيراني إثر توقيع الاتفاق النووي في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما.
 
منذ 40 سنة جربت الشعوب الإيرانية إرهاب نظامها، يوم زج الحرس الثوري بالفتيان من طلاب المدارس، ليفتح بهم حقول الألغام على جبهات الحرب مع العراق، ومعهم راكبي الدراجات النارية، مقابل وعود الخميني بمفاتيح جنة المشروع الطائفي المتطرف الذي تجرع فيه النظام الإيراني السم، ولم يتحقق إلا بخدمات الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003.
 
الحرس الثوري الإيراني تأسس في أبريل 1979 بعد ثلاثة أشهر فقط من تسلم الخميني للسلطة، وسرعان ما تحول من واجبات حماية النظام إلى تصدير الثورة في بدائل تجارية ومالية ومشاريع اقتصادية متنوعة ساهمت في التربح على حساب الشركات الصغيرة والكبيرة بامتهان المقاولات وامتلاك المطارات السرية وأرصفة الموانئ وغيرها، بما مكنه من تدريب العناصر الإرهابية في معسكرات خاصة إضافة إلى تمويل نشاطات تلك العناصر في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا اللاتينية.
 
العراقيون يلتفتون وراءهم متطلعين إلى 16 سنة من سنوات الاحتلال من دون أن يتمكنوا من تشخيص نوعية النظام السياسي الذي يتحكم بمصائرهم ومواردهم، إذ ليس للنظام رأس ليتوجهوا إليه بالاحتجاجات في عرض مطالبهم كما حدث مع انتفاضة الشعوب الإيرانية المستمرة منذ ديسمبر عام 2017 وهي الانتفاضة التي ساهمت في تأسيس قواعد لمواقف دولية تدعم حق التظاهر وحق الشعوب في الحياة الحرة، ومن تلك الانتفاضة تطور موقف الدولة العظمى والتحالف الدولي في الحرب على الإرهاب باعتبار إيران الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم.
 
لذلك فإن ما يحصل في بعض الدول العربية من متغيرات مصدرها الاحتجاجات والإصرار على استمرارها وتصاعدها، يثير التساؤل في تطلعات أهل العراق وحيرتهم من أمر هوية نظامهم السياسي، لهذا تتسم احتجاجاتهم بالتظاهر ضد نظام مجهول رغم أن بيده السلاح والعنف والقمع والكواتم والمال.
 
الواقع أن الاحتجاجات في العراق لا يرادُ لها أن تشير إلى الاحتلال الإيراني ودور الحرس الثوري الواضح من خلال تصريحات الميليشيات واستنفارها السياسي والأمني والإعلامي ضد قرار إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية.
 
جملة من الولاءات يبدو أنها تورطت في مستنقع الإرهاب الإيراني حيث لا رجعة، وهي بهذا تكون قد وضعت نفسها على جدول الحساب بالعقوبات التصاعدية بما ينذر بالأسوأ من وضع دماء العراقيين بعد اقتصادهم في خدمة ولاية الفقيه.
 
العد التنازلي لخاتمة الفصل الأخير من مشروع الإرهاب الإيراني حصل منذ اليوم الأول للانتفاضة الإيرانية، وما تعرضت له من قمع في التوقيت الخطأ لتغير إستراتيجيات السياسة الخارجية للولايات المتحدة بعد مجيء إدارة الرئيس دونالد ترامب، بما يُلزم حكام العراق الالتفات إلى ما ينتظرهم من مواقف دولية أو من ردات فعل شعب العراق الماثلة في المطالبة بالأقاليم وغيرها من أزمات مقبلة، بعيداً عن استجابتهم السريعة لتحقيق أمنية حسن روحاني بإقامة وحدة إقليمية ضد العقوبات.
 
مدى تأثير قرار إدراج الحرس الثوري كمنظمة إرهابية على العراق يدركه العراقيون، لكن لأسباب غير مجهولة يحاول زعماء العملية السياسية وأحزابها عدم الإصغاء لصوت المجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب، مكتفين بتطبيقات المحور الإيراني لفكرة النأي بالعراق عن الصراعات وعدم تحويله منصة لأي هجمات على نظام ولاية الفقيه، دون أن يتجرأ أحدهم ليطلب من ولاية الفقيه أن تكف حرسها الثوري وأذرعه الميليشياوية عن استباحة العراق الذي صنعت منه منصة إطلاق لإرهابها ونفوذها لزحزحة استقرار المنطقة.
 
اجتزاء الأزمات والتصدي لها على طريقة إنشاء مجلس أعلى لمكافحة الفساد لن يساهما في التخفيف من مأساة العراق، لأن من جاء بالمحتل الأميركي أو جاء معه ارتضى قبل ذلك وبعده أن يحمل بندقية الحرس الثوري ليطلق نيرانها على أبناء جلدته من خارج الحدود ثم من داخلها.
 
عند المفاضلة في تقييم الأداء الحكومي يكون ما يعرف بالفساد شيئا يسيرا مقارنة بجريمة الاحتلال وما جرته من ويلات على العراق وعروبة شعبه الذي يرنو ببصره وبصيرته وبصرته وبغداده ومدنه إلى يوم الخلاص من حرس الاحتلال بصفعة واحدة.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد