بين موسكو وانقرة .. ألغام أمريكية سياسية و عسكرية - ربى يوسف شاهين

mainThumb

15-04-2019 03:28 PM

 مفرزات كثيرة أوجدتها الحرب السورية على صعيد العلاقات الدولية بين كثير من الأطراف الفاعلة في الشأن السوري، لتأخذ العلاقة الروسية التركية مفصلا مهما في كثير من القضايا وأهمها الحرب السورية، ففي قمة موسكو بين الرئيسين بوتين و أردوغان 8/4/2019، لم تكن سوريا هي الحاضرة فقط بينهما، بل تعدتها إلى أمور الشراكة والتعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية والامنية، وخصوصا صفقة S-400 والتي سيتم وصولها الى تركيا في حزيران المقبل.

سوريا وقمة موسكو
 
التصعيد الأمريكي الخطير في سوريا عبر تصريحات ترامب، بدءً من قرار الانسحاب للقوات الأمريكية من سوريا، وصولا إلى اعتراف الرئيس الأمريكي بضم الجولان إلى اسرائيل، والذي يُشكل نسفاً للقرارات الأممية، كان من الملفات الهامة التي نوقشت وتم رفضها من قبل بوتين و أردوغان و تأكيدهما على ضرورة تطبيق القرارات الأممية، فأمريكا وعبر سياستها الخبيثة أرادت خلق نوع من إملاء الشروط لتنفيذ مخططها الذي أتت لأجله إلى سوريا، منتهكة بذلك كل الأعراف والمواثيق الدولية و مقدمة لإسرائيل الجولان السوري بوثيقة اعتراف تُمثل في العرف الدولي انتهاكا للقيم الأممية كافة.
 
 ملفات كثيرة تخص الشأن السوري، فمسالة إدلب والتي تشكل المعقل الأخير للتنظيمات الإرهابية، والتي لم توفي تركيا بوعودها تجاهها وكذلك مناطق خفض التصعيد والتي تشكل خروقات التنظيمات الإرهابية أكبر دليل على ذلك، حيث أن أردوغان ابدى للرئيس بوتين ضرورة الخلاص من المجموعات الإرهابية المتمثلة ليس فقط بـ داعش و أيضا  وحدات حماية الشعب الكردية، وحزب الاتحاد الديمقراطي، وانهما يشكلان خطراً على تركيا وسوريا، فـ محاولة أردوغان اللعب على حبال الملف الكردي لتأخير الحل السياسي في إدلب بات معروفا،  وهذا ما أشار إليه الرئيس بوتين في اللقاء الصحفي الذي جمع الرئيسين حيث قال《 مشكلة إدلب حادة ولم نستطع حتى الآن التوصل إلى تلك المستويات التي اتفقنا عليها》، و عليه بات واضحا أن توجه أردوغان الحالي و مناوراته السياسية التي يسعى من خلالها إلى سيناريو مشابه لعمليتي غصن الزيتون و درع الفرات، أملا في تطبيقه في إدلب و منبج على السواء.
 
امريكا في سوريا لعرقلة الحل السياسي
 
ما دأبت عليه واشنطن خلال الحرب السورية هي محاولتها فرض أمر واقع من خلال زعمها محاربة داعش والإرهاب، والتي حاولت التمكين لهم عبر إقامة قواعد لها لتأمين التغطية لهم، فبعد مرور السنوات الثمان اصبح جلياً ان ما تحاول واشنطن العمل عليه، هو التباطؤ في الحل للحرب السورية، والإثبات على ذلك تصريحاتها المتناقضة منذ قرار الانسحاب من سوريا وعدم تنفيذها له، وعبر قرار ضم الحولان السوري المحتل لإسرائيل، كل هذه التصريحات تصب في مصلحة الكيان الغاصب لاستكمال بنود المؤامرة الكبرى لتتبعها قرارات بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، فالذي لم تستطع تحقيقه على الارض تحققه عبر تصريحات سياسية للنيل من كل ما يعرقل مخططها الإرهابي، ضمن هذه المعطيات، و بصرف النظر عن عقلية ترامب السياسية، يبدو أن هذه القرارات موجهة في العمق لكل من روسيا و تركيا، و هذه محاولة ترامبية للعب بالأوراق السياسية، و العبث بجزئيات العلاقة الروسية و التركية، و بالتالي يحاول ترامب وضع ألغام سياسية قابلة للانفجار بتوقيت أمريكي اسرائيلي مفاجئ.
 
موسكو وأنقرة ارتقاء المصالح
 
ضمن ما سبق من معطيات و من جهة سياسية أخرى، اللافت في مفرزات هذه الحرب السورية تمتين العلاقة الروسية التركية، ليس فقط من اجل إيجاد الحل لإنهاء الحرب، ولكن ايضا في مسائل تتعلق بالدفاع العسكري و الأمني و العلاقات الاقتصادية،  بدءً من منظومة الصواريخ S-400،  إلى مشاريع اقتصادية هامة كـ محطة اكويو الكهروذرية وانبوب إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا (السيل التركي)، فضلا عن إمكانية استخدام العملات الوطنية بين البلدين في التبادلات التجارية الثنائية في اسرع وقت، على الرغم من توتر العلاقات التركية الامريكية من تنفيذ صفقة S-400 وما قد ينتج عنها من إقصاء تركيا من حلف الناتو والذي اشار إليه مسؤولون في الولايات المتحدة، بالإضافة الى فرض عقوبات اقتصادية جديدة على تركيا، بالرغم من ان الرئيس التركي اعلن ان صفقة الF35 للطائرات قد تمت وان الضباط الاتراك يتلقون تدريبات عليها في امريكا، بالتالي و انطلاقا من التقارب بين روسيا و تركيا، هناك محاولات أمريكية واضحة للعبث مع طرفي استانا، هي محاولات ظهرت جلياً في تصريحات الرئيسين عُقب القمة التي جمعت بوتين و أردوغان في موسكو مؤخرا، حيث الاتفاق السياسي شيء، و العمل على تطبيقه شيء أخر.
 
تناقض كبير في تصريحات الرؤساء و على ما يبدو أن ما يحدث تحت الطاولة مغاير للذي يحدث فوقها، لكن ضمن هذه التناقضات و التعقيدات التي تعصف بالحل السياسي في سوريا، هناك وضوح لدى القيادة السورية لجهة الاستمرار بالعمل مع الشركاء السياسيين، لكن يبقى العمل العسكري أولوية و سيتم عبرها الانقضاض مجدداً على الخطط الأمريكية و المناورات التركية في إدلب و شرق الفرات.
 
كاتبة سورية
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد