ارفعوا الفنجان .. وضعوا الميزان - د. محمود العمر العمور

mainThumb

23-05-2019 03:12 PM

 كانت ما يسمى بالجاهات والتي يُقدم فيها فنجان القهوة تكريما لهم، تسعى إلى حل المشاكل بين الناس، ونشر ثقافة التسامح وفضيلة العفو بينم، وكان معظم المشاكل تنتهي بالاستجابة للجاهة، ثم يُشرب فنجان القهوة المقدم لها إيذانا بحل المشكلة.
 
وكانت هذه العادات والتقاليد والأعراف تُستمد من الشرع القويم، ومن الأخلاق الفاضلة، ومع مرور الوقت بدأت هذه العادات والتقاليد والأعراف تأخذ منحنا بعيدا، حيث أصبحت تطغى عليها صور حب الظهور والجاه والرياء، حتى أصبحت تسعى لحل المشاكل على حساب الطرف الأضعف، بدل أن تحقق العدالة وتعطي صاحب الحق حقه وإن كان الطرف الأضعف في المعادلة.
 
ومع طغيان العصبية القبلية، وقوانينها العشائرية، وزيادة حجم العنف المجتمعي، واستمراء الظلم، وسيادة القوانين الوضعية، أصبح المعتدي يستغل كل هذه الثغرات، فيعتدي على الآخرين بالشتم أو الضرب أو القتل، ثم ينادي مستكبرا: مدّاك فنجان قهوة.
 
وللأسف يتم الضغط على المعتدى عليه من جميع الأطراف وحتى أقرب الناس إليه، حتى يتنازل عن حقه، ويفوز الشخوص الضاغطون بلقب فكاك النشب، صاحبي الجاه والوجاهات والعبايات، فيضيع الحق، ويحل مكانه الظلم، ويتمادى الظالم والمعتدي بغيّه، وتنتشر الفوضى والعنف، ويسقط الأمن المجتمعي، ناهيك عن الشعور بالظلم والعقوبة الإلهية لانتشاره.
 
  فارفعوا الفنجان الذي أصبح فنجان الجاه والرياء والظلم، وضعوا مكانه الميزان، ميزان الحق والعدل، وأخذ الحق من الظالم وإن كان قويا، وإعطائه للمظلوم وإن كان ضعيفا، وليكن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه.
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد