رحلة البيغل العلمية - م. محمد فندي

mainThumb

14-07-2019 01:05 PM

ابحرت سفينة الابحاث التابعة للبحرية الملكية البريطانية بيغل بقيادة الكابتن روبرت فيتزروي من بريطانيا في اتجاه ريودي جانيرو في البرازيل في مهمتها الثانية لإجراء مسح جيوغرافي مكثف لشواطئ أمريكا الجنوبية وذلك في شهر ديسمبر من عام 1831.
 
وصلت الى ريودي جانيرو في شهر ابريل من عام 1832 بعد اربعة اشهر قاطعة مسافة تزيد على عشرة آلاف كيلومتر في المحيط الأطلسي.
 
قبل الإقلاع من بارن بول بالقرب من مدينة بلايموث احتاج القبطان روبرت فيتزروي مستشارا في العلوم الطبيعية وخاصة الجيولوجيا لفحص اليابسة على الشواطئ بعين جيولوجية فوقع الاختيار على الشاب تشارلز داروين لمرافقته في هذه المهمة الثانية لبيغل.
 
في البداية تم رفض تشارلز دارون لإعتبارات تتعلق بشكل أنفه طبقا لعلم الفيزيوجونمي السائد آنذاك اللذي يقيم شخصية الفرد بناء على مظهره الخارجي وخاصة الوجه وهو ما يقود الى العنصرية في نهاية المطاف.بعد خمس سنوات من ابحارها من بارن بول عادت السفينة بيغل الى بريطانيا في فبراير من عام 1836 مرورا بنيوزيلاندا واستراليا عابرة المحيط الهادي بعد عمل مكثف في المسح الجيوغرافي لسواحل أمريكا الجنوبية.
 
احتفظ دارون بيومياته وتجاربه طوال هذه الرحلة وجمعها في كتاب اطلق عليه صحيفة ملاحظات نشر في عام 1839، اعيد طباعة يوميات دارون عدة مرات بمسميات مختلفة الى أن اشتهرت نهائيا تحت اسم رحلة البيغل. هذه اليوميات هي اللذي طرح فيها دارون معظم افكاره التي شكلت اول تدريب له في التاريخ الطبيعي اثناء رحلته على السفينة بيغل.
 
أثناء جلوس دارون على قمة احدي تلال جبال الأنديز المطلة على المحيط الهادي شعر بهزة أرضية. الأمر الآخر المهم اللذي أشار اليه دارون أيضا وهو في ذلك المكان في جبال الأنديز هو وجود قواقع بحرية متحجرة في الصخور على هاذا الارتفاع والتي كما ذكره يفترض فيها أن تكون على الساحل او تحت سطح المياه حيث مكانها الطبيعي، فما اللذي اتى بهذه القواقع الى هاذا الأرتفاع كما اشار الى ذلك في يومياته.
 
رحلة داروين على ظهر المركب الشراعي بيغل فتحت آفاقا علمية جديدة وكشفت عن ارتباطات طبيعية حسية ومنطقية بين وجوديات العالم القديم ووجوديات العالم الجديد من منظار جيولوجي – جيوفيزيائي بحت. ما يهمنا في يوميات وملاحظات داروين قبل قرابة 190 عاما هو ما يتعلق بالعلوم الطبيعية الجيولوجية والهندسية الجيوفيزيائية دون التطرق الى اصل الأنواع.
 
علميا هناك اربعة أمور ينبغي الإشارة اليها اثنتان منها وردت في يوميات داروين.
 
أولاهما شعوره بزلازل أثناء وجوده في جبال الأنديز وثانيهما وجود قواقع بحرية على ارتفاعات كبيرة عن مستوي سطح البحر.
 
هاذا الأمر يعطي دلالة على حتمية صعود قاع المحيط بمجمل اوساطه الجيولوجية سواء الرسوبية منها او القاعدية النارية مشكلا جبال شاهقة تمتد على طول السواحل الغربية لأمريكا الجنوبية. إضافة الى ذلك لا بد من وجود قوى طبيعية تدفع بقاع المحيط للصعود للأعلى بما يؤدي إلى حدوثالزلازل.
 
الأمران الآخران وهو ما اكتشف مؤخرا  لحيتان بحرية عملاقةمتحجرة في صحراء البيرو على ارتفاعات كبيرة عن مستوي سطح البحر، وكذلك وجود حيوان اللاما المنتمي لنفس فصيلة الجمل اللذي نعرفه في عالمنا القديم.
 
وجود اللاما اللذي يتصف بخفة البنية وقدرته على الحركة في ظروف جبلية وعرة وقاسية في جبال الأنديز يشير الى تكيف هاذا الحيوان مع بيئته الجبلية بمعزل عن سليله الجمل الذي يتصف بضخامة حجمه وعدم قدرته على العيش في بيئة جبلية قاسية كالبيئة التي تكيفت معها اللاما وبما يشير أيضا الى أن امريكا الجنوبية كانت مع افريقيا يابسة واحدة انفصلتا عن بعضهما البعض الأمر اللذي أدى معه الى تكيف كل من اللاما والجمل مع البيئة التي تحيط به.
 
انفصال امريكا الجنوبية عن افريقيا بمجمل الحياة الطبيعية الموجودة على سطح كل منهما قبل قرابة 200 مليون عاميشير الى وجود قوى طبيعية باطنية أدت إلى انفصال أمريكيا الجنوبية عن أفريقيا مشكلة صفائح أرضية هي في حالة ديناميكية أبدية أو في حركة مستمرة متباعدة عن بعضهما البعض وهو ما أثبتته بالقطع العلومالجيوفيزيائية لاحقا بأن الجزء العلوي من طبقة الستار الأرضي إضافة الى القشرة الأرضية في حالة مستمرة من الحركة الأمر اللذي يتسبب في حدوث الزلازل والبراكين وبعمليتا هدم وبناء جيولوجية طويلة الأجل.
 
الدلائل سالفة الذكر اضافة الى اكتشافات التعاقبية القطبية للمجال المغناطيسي الأرضي وأبحاث واداتي المتعلقة بزاوية ميلان أعماق البؤر الزلزالية على خط مستقيم في جزيرة تونغا إضافة الى متحجرات نفس الأنواع من الكائنات الحيوانية في أمريكا الجنوبية وأفريقيا، أكدت على صحة رؤية الفريد ويغنر في نظريته انجراف القارات التي نشرها في عام 1912 لتأخذ القارات شكلها وموقعها الجغرافي الحالي آخذين بعين الإعتبار وجود صفائح أرضية محيطية اكثر كثافة من الصفائح القارية.
 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد