الأمية في الأردن: حقائق صادمة - شروق جعفر طومار

mainThumb

17-09-2019 04:02 PM

أحيا العالم مطلع الأسبوع الماضي اليوم العالمي لمحو الأمية، وفي تلك المناسبة احتفل الأردن بانخفاض نسبة الأمية بين الأردنيين على مستوى المملكة من 5.2 % إلى 5.1 %، وهو أمر بالتأكيد يستحق الاحتفال، فأي تراجع في هذه النسبة مهما كان طفيفاً هو شيء إيجابي ويعني بأننا نسير نحو مجتمع أكثر تعليما.
 
لكننا إذا ما ذهبنا بشيء من التعمق نحو التفاصيل، سنكتشف بأن الواقع ليس بهذه الإيجابية وبأن أجزاء الصورة ليست بتلك البهجة التي تبديها الصورة العامة، فالبيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة على مستوى محافظات المملكة وبتصنيف أفراد العينات إلى إناث وذكور، تكشف حقائق صادمة، بل ومفزعة في بعض منها.
 
أول ما يمكن ملاحظته من الجداول الإحصائية، هو الارتفاع الصارخ في نسب الأمية بين الإناث فس المخافظات حيث زادت في جميع محافظات المملكة، بما فيها العاصمة، عن النسبة العامة البالغة5.1 % لمن تزيد أعمارهم على 15 سنة، وبلغت 18 % في معان، واقتربت أو زادت على 10 % في ست محافظات إذ تراوحت ما بين 9.7 % و12 % في البلقاء، مادبا، المفرق، الكرك والطفيلة.
 
الأمر الثاني والملحوظ بشدة هو “الأمية المؤنثة”، والتي تظهر جلية من الارتفاع الكبير في نسب أمية الإناث بالمقارنة مع الذكور، حيث أن نسبة الأمية بين الإناث أكثر من ضعف النسبة بين الذكور في جميع المحافظات، وتصل إلى نحو ثلاثة أضعاف في محافظات جرش، عجلون، الكرك، الطفيلة، ومعان.
 
أما الملاحظة الثالثة، والمؤسفة للغاية، فهي زيادة نسبة الأمية في العام 2018 مقارنة مع العام 2017 في عدد من المحافظات، حيث ارتفعت نسبة أمية الذكور في ست محافظات وهي عمان، مادبا، إربد، المفرق، عجلون، والطفيلة، فيما زادت للإناث في أربع محافظات وهي مادبا، عجلون، الطفيلة، ومعان.
 
الزيادة في نسب الأمية في عدد من المحافظات لكلا الجنسين يعني بأن أعداداً من أبناء الأجيال الجديدة التي تدخل في عملية التعداد، هي خارج التعليم، أو أنها خرجت منه، كما أن الكثير من المحافظات التي انخفضت فيها النسب بقيت مرتفعة جداً، وهذا يعني بأن لدينا مشكلة حقيقية في هذه المحافظات علينا التنبه إليها، وبأن السياسات والخطط الإجرائية بعيدة المدى التي قالت وزارة التربية بأنها نفذتها وتوسعت بها وأدت إلى انخفاض نسبة الأمية العامة، لم تستهدف هذه المناطق.
 
ومن الواضح أيضاً بأن هذه المحافظات تقع خارج نطاق التغطية الحقيقية والفاعلة لمشاريع التنمية باتجاهاتها المختلفة، حيث تؤشر نسب أمية الإناث المرتفعة على وجود دور كبير لعوامل ثقافية واجتماعية، إضافة إلى ارتفاع نسب البطالة والفقر في هذه المحافظات والتي يرجح وجود ارتباط مباشر بينها وبين الأمية.
 
البحث بجدية عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلف هذه النسب والعمل الحثيث والفوري على إيجاد حلول لها أمر يجب أن يوضع على رأس سلم أولوياتنا في الخطط قصيرة ومتوسطة المدى، فالصورة المشرقة التي نتباهى بها، تتضمن في تفاصيلها الكثير من الجوانب القاتمة التي لم تعد تحتمل أي تأخير أو تأجيل.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد