وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ (سيدنا يوسف وزليخا، ج6 من 10)ِ.

mainThumb

31-12-2019 11:03 AM

 إستكمالاً لما جاء في الجزء الخامس من مقالتي السابقة والتي ناقشت الآيتين رقم 28 ورقم 29 من سورة يوسف، نتابع في هذه المقالة أحداث الآية (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (يوسف: 30))، وأحداث الآية (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ  (يوسف:31)). من الملاحظ والجميل جداً أن الله كان ساتراً على يوسف وزليخا من الآية رقم 23 وحتى الآية رقم 29 من سورة يوسف والكلمات التي أستخدمت في تلك الآيات: التي ... هي ... هو ... وفي بيتها لم يذكر إسم يوسف أو زليخا ولا حتى إمرأة العزيز. ولقد هَمَّت به ... (من هي؟ مبهمة) ... وهَمَّ بها ... ( من هو؟ مبهم) حتى جاءت هذه الآية رقم 30 لتظهر لنا ان الذين فضحوا أمر زليخا هم صديقاتها وزوجات المسؤولين من أعوان العزيز من الوزراء وغيرهم النسوة المقربات منها ... إلخ). وقالوا بصريح العبارة ... إمرأة العزيز أي زليخا تراود فتاها عن نفسه (وبالطبع جميع المقربين من العزيز وزوجاتهم سمعوا وعرفوا بأن العزيز وزوجته تبنيا يوسف ليكون ولداً لهما. وربما لم يروه بإستمرار لخوف زليخا عليه منهن لحسنه وجماله الفائقين، فأخفته عن الأنظار قدر ما إستطاعت). وقالوا أيضاً: قد شغفها حباً ويا لها من فضيحة وإننا نراها بهذا العمل قد ضلت طريقها بشكل واضح وفاضح.

 
وكما نوهنا في مقالاتنا السابقة أن ما حدث من مشهد عظيم أمام آخر باب في القصر من مقر زليخا وزوجها والذي يقود لغرفة نوم زليخا حضره من كان موجوداً مع العزيز من أقارب زليخا وما رافقه من خدم وحشم في القصر. فإن كتم يوسف الخبر كما طُلِبَ منه فهل تكتمه ألسنة باقي الحضور؟!، وكما يقال إن سمع الخبر أكثر من إثنين إنتشر، وهكذا إنتشر الخبر في القصر أولاً بين المقربين من العزيز وبما أنه سمع الخبر نساء منذ البداية وخصوصاً أم الطفل الشاهد ومن معها من نساء اخريات من أقارب زليخا والذين جاءوا لزيارتها ومن مرافقات للعزيز والضيوف ممن يعملن في القصر وصل الخبر إلى النساء المقربات من زليخا ممن خارج القصر. واخذن يتحدثن عما حدث بين زليخا ويوسف من بيت لبيت ومن مكان لآخر وعادة ناقل الخبر لا ينقله كما هو بل يزيد عليه ويغير ويبدل حتى وصل أمرهن ومكرهن بزليخا إليها. فبدأت تفكر بالكيد لهن، فدعتهن لبيتها وأعدت لهن جلسة متميزة للجلوس في أريحية تامه ... إلخ. وقد أمعنت زليخا التفكير فيما ستقدمه لهن من طعام لتكيد لهن والواضح من الآية أن الطعام كان فاكهة من نوع خاص يتطلب أكله إستخدام السكاكين الحادة. وبعد أن قدمت لهن الفاكهة مع السكاكين طلبت زليخا من يوسف بعد أن أمرته أن يلبس أفضل ما عنده من ثياب ويتزين حتى يظهر بأبهى صوره (وهو جميل جداً لا يحتاج إلى تزيين) وقالت له: أخرج عليهن.
 
وقد سمعن النسوة بجماله لكن لم يرونه ويتمعن برؤيته عن قرب واخذ يوسف يمر أمامهن ذهاباً وإياباً، والنسوة بإحدى أيديهن سكيناً حادة وباليد الأخرى حبة الفاكهة، فقد سلب جماله وحسنه الخلاَّب عقولهن، وبدلاً من أن يقشرن ويُقَطِعْنَ حبة الفاكهة قطعن أيديهن ونزفت دماءً كثيرة على ثيابهن ربما البيضاء اللون الجميلة وعادة ما ترتدي النساء أفضل ما عندهن من الثياب في الحفلات. وقد تلطخت ثيابهن بدمائهن بشكل ملفت للنظر، وحتى يبررن ما حدث معهن قلن لزليخا ولبعضهن البعض: ما هذا بشراً إنما هو ملك من الملائكة وليس أي ملك (لما عنده من الجمال والحسن الفائقين الذي سلب عقولهن)، إنما هو ملك كريم. وبهذا الكلام إعتذرن لزليخا بشكل غير مباشر عن لومهن لها بقولهن عنها ... إمرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً ... إلخ، وبتقطيع أيديهن وتلطيخ ثيابهن الجميلة بدمائهن إنتقمت زليخا منهن لنفسها وأجبرتهن على قولهن لزليخا أنت معذورة ولا نلومك على مراودتك ليوسف. فكيف نلومك؟ وأنت ربيته وتشاهدين جماله ليلاً نهاراً وخلال السنين الطويله ونحن لم نره إلا بعض دقائق وفعلن بأنفسنا ما فعلناه. وبالفعل زليخا إنتزعت منهن الإعتذار لها والإعتراف لها بأنهن أخطأن بحقها وأعطين المبرر والدليل القاطع فما فعلن بأنفسهن لله درك يا زليخا ما أدهاك.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد