الكد على العيال

mainThumb

03-01-2020 11:17 PM

لا يعرف الابناء قدر ابائهم وامهاتهم في تفانيهم للبحث عن لقمة عيش، تسد رمقهم وتعينهم على الحياة وصعوباتها، حتى يشبوا معتمدين على انفسهم مطمئنين على مستقبلهم، فربما لا يتبادر الى اذهان الابناء المعاناة التي يتجرعها الاباء والامهات، لاجل ان يروا ابنائهم يعيشون حياة هانئة سعيدة، مترفعين عن حاجة الناس.

 
فالاب الذي يخرج من الصباح حتى المساء لالتقاط رزقه وتامين متطلبات اسرته، انما هو اب مجاهد مكافح يكد ويتعب لاجل اولاده، فمسئولياته كبيرة والثقل على ظهره ازدادت حمولته و الانهاك اخذ ماخذه منه، والعرق يتصبب على جبينه، من اجل ماذا؟ من اجل رغيف خبز يطعمه لابنائه، ولاجل ادخار مالا لحفظ ماء وجههم امام الناس. ان سر الطمانينة التي يشعر بها الابناء انما منبعه التعب الذي يتعرض له الوالدين، حتى يروا ابنائهم في سعادة وراحة دائمة، ولكن هل يقدر الابناء تعب ابائهم وامهاتهم جيدا؟! فكم عانى الاباء من عدم تقدير ابنائهم لتضحياتهم واوجاعهم، وكم تنكر ابناء لابائهم لمجرد سوء تفاهم بينهم، وان كانت حالات نادرة في بعض المجتمعات الاسلامية، الا ان  الاجر والثواب عند الله لا يعادله اجر، لانهم كدوا وتعبوا  وذاقوا الامرين ليشب ابنائهم اقوياء معتمدين على انفسهم.
 
لن يضيع الجهد والمشقة التي واجهها الاباء في سبيل رعاية ابنائهم، وانتشالهم من شبح الفقر والحاجة، لن يضيع ابدا بل سيردها الابناء الصالحين ويتعبوا عليهم كما تعبوا وعانوا لاجلهم، لانهم لم يقصروا معهم في يوم من الايام، واجهوا اصنافا من البشر ربما تعرضوا لمهانة او كلمة نابية من هنا او هناك، لكنهم صبروا وتحملوا، لانهم يتخيلون ابنائهم امامهم فليس بمقدورهم، الا ان يحافظوا على مصدر رزقهم ويعضوا عليه بالنواجد، كي لا يبيت ابناؤهم يتوسلون نظرة شفقة من هذا او ذاك، او نظرة عطف من جار او قريب، الرزق على الله هذا اكيد، ولكن الرزق يحتاج الى سعي وكد وجهد وعرق، فليس لديهم خيار سوى الصبر وتحمل عناء العمل وقساوته، كي لا يضطر ابناؤهم العمل في سن مبكرة، ويتعرضون لمصاعب ومشاق هم في غنى عنها.
 
ان الكد على العيال اجره عظيم عند الله، فالاب الذي يكافح ويعمل ليل نهار، والام التي تتحمل الكثير لاجل تربية ابنائها، لن يضيع تعبهما سدى وسيثيبهما الله، لانهما لا يطلبان اجرا من ابن، بل يعرفان ان اجر تعبهما مدخر عند الله، ولا يضيع اجر احد عنده،  بل يبغيان البر والرعاية من ابنائهم ولو بكلمة طيبة او نظرة حانية، واليكم هذا الحديث الذي هو بمثابة بشرى للاباء والامهات في مجتمعاتنا الاسلامية، الذين يكدون ويتعبون على ابنائهم، ولكل من ينفق على الاهل والعيال مبتغين وجه الله، فعن ابي هريرة قال: (قال الرسول صلى الله عليه وسلم: دينار انفقته في سبيل الله، ودينار انفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار انفقته على اهلك، اعظمها اجرا الذي انفقته على اهلك) اخرجه مسلم في الصحيح
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد