إِنْسَانِيَةُ اَلإِسْلاَمُ فِي اَلْتَعَامُل مَعَ اَلْكُفَارِ

mainThumb

30-01-2020 09:33 AM

 الله هو خالق كل شيء (ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ  (الأنعام: 102)) وخالق المؤمن والكافر (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (التغابن: 2)) في هذا الكون. وبما أن الله هو خالق كل شيء وخالق الكافر والمؤمن فعلينا أن نتدبر كتابه بشكل ممتاز حتى نعي وندرك كيف نتعامل مع أي شيء من خلق الله في هذا الكون ومع الكفار من بني آدم. ولكن الكثير من الناس لا يتدبرون القرآن عن قصد ويتصرفون تصرفات لا ترضي رب العالمين (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (محمد: 24)). ولا يجب إكراه أيٍ من بني آدم على الدخول أو إعتناق الدين الإسلامي (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (البقرة: 256)). ولله في خلقه شؤون والله فوق سبع سموات يرى ويسمع كل ما يحدث في هذا الكون وما يقوم به كل مخلوق من مخلوقاته.

 
خلق الله مخلوقاته جميعاً وتعهد في أرزاقهم (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (هود: 6)) كما توضع الآية الكريمة انه ما من دابة تدب على الأرض من الحيوانات إلا على الله رزقها وليس على غيره من خلقه ويعلم تفاصيلها فكيف بالإنسان الذي خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحه. وكما قال الله (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (الذاريات: 22 و 23)). فرزق كل إنسان في السماء وليس في الأرض حتى لا يتحكم أحد من بني آدم برزق أحد آخر وقد أقسم الله قسماً عظيماً برب السموات والأرض هذا القسم التي تقشعر منه الأبدان أنه لحق مثل ما ننطق وليس نرى أو نسمع لأن السمع والنطق يمكن علاجه بالطب ولكن إذا تعطل النطق لا يستطيع أي طب في العالم علاجه. وعلينا أن نعلم أن هناك خلافات بين الناس والأمم حتى بين أفراد الأسرة الواحدة إلا من رحم الله وهذا شيء طبيعي كما قال الله (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (هود: 118 و 119)).
 
فعلينا أن نتعامل مع الكافرين إنسانياً وليس عقائدياً بالحسنى ولا يحق لنا أن نقول هؤلاء كفار ولا يستحقون الحياة ولا يحق لأحد منا أن يمنع عنهم الطعام أوالمال أو أي شيء آخر من أمور معيشتهم... إلخ، فالله خلقهم وتكفل برزقهم. ربما يكون رزقهم عن طريق العمل والتعامل مع غيرهم من أهل الكتاب. وأنا على يقين بأن هؤلاء الكفار إذا لقوا منَّا نحن أهل الكتاب كل تعامل إنساني وعادل سوف يتساءلون داخل أنفسهم عن سبب هذا التعامل الطيب ويدركون أنه من تعاليم الله رب هذا الكون والذي أنزل الرسالات والأديان السماوية جميعها وبالتالي يعتنقون الدين الذي يرتأون أنه مناسباً لهم. بعض الناس يتساءلون لماذا خلق الله هؤلاء الكفار؟! لقد أجاب الله سبحانه وتعالى على هذا التساؤل في الأية السابقة هود 119 وأكد على ذلك في الآية (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ  (الأعراف: 179))، وفي الآية (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (السجدة: 113)). ولا يحق لأي إنسان أن يعترض على أمر الله أو يتساءل لماذا خلق الكفار أو غيرهم لأنه يقول في كتابه العزيز (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (الأنبياء: 23)).


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد