الحُب في زمن الكورونا

mainThumb

17-03-2020 11:47 PM

 هل نحتاج الكورنا الآن، أو أي وباء أو أزمة؟

 
أنا أقول وبرأيي الشخصي: نعم حتى نعود إلى رُشدنا!
 
في الموروث الشعبي يُقال: أن الضبع إذا صادف إنسان أو أحس بالخطر منه. يقوم بالتبول على ذيله ورشقه على وجهه فيصبح الإنسان أو الضحية أسيراً له، وينقاد ويسير خلفه حتى يصل به إلى الجُحر أو المغارة التي يقيم بها، وهناك يفترسه، ولكن في الغالب وقبل دخول الإنسان المغارة أو الجُحر الضيق يرتطم رأسه ببابهما، ويسيل الدم منه فيصحو من غيبوبته المؤقتة، ويقوم بقتل الضبع أو الهروب منه! أنا لا أعلم مدى صحتها، ولكنني سمعتها ممن هم أكبر مني سناَ، وقد لا أصدقها ولكن تبقى قصة رمزية أو مجازية قد نُسقطها ونستفيد منها الآن في ظل ما نعاني من أمراض النفس والتيه في جميع أمور حياتنا.
 
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على شيء إن فعلمتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. معظم التفسيرات بهذا الخصوص جاءت لتقول أن إفشاء السلام هنا هو بمعنى رد السلام أو التحية، ولكن أنا لي رأي آخر بخصوص معنى إفشاء السلام وهو: نشر المحبة، والحميمية، والطمانينة بين الناس أي أنني لا أحمل حقداً ولا حسدأ لأحد من البشر، وأن أتجاوز هفواتهم لأعيش وإياهم بسلام وأمن فلا أخافهم ولا يخافون مني.
 
في العودة إلى ما بدأت به أقول: يجب أن تتحول المحنة التي نعتبرها نحن كذلك، إلى منحة تعيد لنا بعضاً مم كنا نعيش به، ويجب أن نتحد جميعاً ونقف صفاً واحداَ لمواجهتها، وهزيمتها والنيل منها قبل أن تصرعنا من خلال ضعف المناعة الإجتماعية التي نعيش بها الآن. فننحي الطمع جانباً، ونتخلص من بعض الأمثال التي ساهمت بفرقتنا، وإلتقاء قلوبنا لسنوات طويلة ونعود للتشاركية والشعور من الآخر وإقتسام رغيف الخبز وحبة الدواء وكأس الماء فيما بيننا.
 
في هذا الوقت بالذات أحوج ما نحن بحاجته الآن هو الشعور، وهو أقوى من كل العلاقات التي تربط البشر. الشعور هو من يذيب الجليد، وهو ما يزرع القلوب بالورود ويمنعها من التصحر. في هذا الوقت ما أجمل أن يقف الإنسان مع أخيه الإنسان ولا أعني أخيه الذي يرتبط به برابطة الدم والقربى والمصاهرة، بل أخيه في الإنسانية الذي يرتبط به معها. فأمنا واحدة وأبينا واحد، والكرة الأرضية هي بيتنا جميعاً والسماء سقفه.
 
ما أجمل الإنسان في هذه الظروف الإستثنائية، أن يكون عوناً لأخيه الإنسان، ويتجاوز ويعفو عنه، وأن يجعله يشعر بذلك ويبادره بإخباره بمحبته له، وطُرق الإحسان كثيرة والحُب أولها وأهمها.
 
في ظل هذا الوباء الكئيب، وكما أجمع جميع الخبراء في الإقتصاد وسوق المال، وبأن العالم سيمر بظروف إقتصادية صعبة، وسينعكس تأثيره على الجماعات والأفراد والدول. ما أجمل أن يُبادر مالكي العقارات وخاصة ممن يؤجرون بعض المحلات والمطاعم الصغيرة والكبيرة والمقاهي ومكاتب السياحة، وممن تأثرت مصالحهم بشكل مباشر بالأزمة بتخفيض الأجرة الشهرية إلى النصف، حتى لا تزيد الكُلف والمصاريف على أصحابها فيضطرون معها إلى تسريح العمال، والموظفين بها والذي ينتظرهم عائلات وأبناء وأباء بحاجة لرواتبهم ليستطيعوا مواصلة الحياة بكرامة، وحتى لا تمتد أيديهم إلى الناس أو اللجوء إلى الإستدانة من الآخرين.
 
ما أجمل أن يتوجه الدائنين من شعبنا الطيب غداً صباحاً، إلى المحاكم وإجراء التسوية مع المدينين والمتعثرين نزلاء السجون الآن، وبوجود طرف ثالث يضمن حقوقهم من خلال ما يرونه مناسباً فيقومون بجبر خواطرهم، ونحن نعلم أن أجمل العبادات هي جبر الخواطر.
 
الله سبحانه وتعالى. موجودٌ في كل الأوقات والأزمان، وليس في رمضان فقط! فما أجمل أن يقوم الموسرين بتوزيع الطرود الغذائية الآن على الأسر المحتاجة وخاصة أننا نعلم أن الكثير من العائلات بحاجة لمن يقف بجانبها الآن وفي كل الأوقات وبلا إستعراض منهم أمام الشاشات حفظاً لكرامتهم.
 
ما أجمل أن يقف العمال والموظفين الآن، بجانب رب العمل الذي يمر يظروف صعبة، ويقبلون بنصف الراتب حتى تتحسن الأمور للأفضل وما أنا متأكد منه أن صاحب العمل لن ينسى لهم ذلك وسيعوضهم بأحسن مم قاموا به.
 
أصحاب الجامعات الخاصة، والمدارس الخاصة، والمستشفيات الخاصة، والأطباء، والمعلمون، وأصحاب المولات والمتاجر الكبيرة. والمؤسسات الخاصة. أنا أعلم أنكم تستطيعون تقديم الكثير وأنتم تعلمون وأعلم أنكم ستقفون بجانب وطنكم وإخوانكم.
 
أما الأجمل من كل ذلك فهو أن تقف الدولة بجانب المواطن، وبجانب التاجر وتلغي ضريبة المبيعات، وبعض الضرائب على المشتقات النفطية، والكهرباء وغيرها حتى تتوفر السيولة النقدية بين أيدي المواطنين فالقادم صعب ولا نعلم ما تخبئه الأيام لنا.
 
أما أنا فأحتاج إلى الكثير من العزلة، وأحتاج أن أشعر بإنتمائي لنفسي، وأحتاج أن أتعرف إلى أسرتي وأجلس معهم، وأشاركهم همومهم. وهذا الحجر الذاتي لي في بيتي فرصة لأرمم الكثير، مما تساقط من أركانه، وأعيد بناءها من جديد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد