مارد كورونا يعري الدول العظمى

mainThumb

24-03-2020 08:01 PM

لطالما سمعتم بالدول العظمى،  حتى باتت تلك الدول اشبه بــ  " اسطورة" ، إلى ان خرج  مارد كورونا  الذي يرقص رقصة الدراقون،  بمشهد مفاجئ ليلتهم أبطالها وعظمائها.
 
البطل الأول الصين: القوه العظمى الثانية بالعالم  وبعد تعب وجهد سبعين عاماً انتقلت الصين من الفقر إلى حلم يوشك ان يتحقق بأن تحتل المركز الأول كقوة عظمى.
 
بلحظه ينقلب حلمها لكابوس فقد خرج لها مارد كورونا ليلتهم أحلامها  و يقابله عجز عقول علماءها المبدعة عن إيجاد مخرج. فتلتزم الصمت أمام العالم عن تلك الكارثة لشهور. 
 
وبمشهد يخلو من الإنسانية تصدر الوباء للعالم الخارجي  سواء بقصد ام لا فينهار اقتصادها ركيزتها الأولى على يدي مارد هزم الصين والآن يوشك أن يلتهم  اقتصاد العالم تباعا. 
 
البطل الثاني :الولايات المتحدة الامريكية القوه العظمى الاولى التي طالما تباهت بقوتها وجبروتها ومناداتها للمساواة والسلام الانسانية. 
 
  يتسرب لحدودها مارد كورونا العدو فيلقبه الرئيس ترامب بالفيروس الصيني. 
 
وكالعادة عدو امريكا حتى لو كان فيروس لا يتعدى حجمه النانوميتر الا انه عدو، وسيتم تمييزه  على اساس عرقي وطالما ليس بالامكان الصاقه بالدين ونعته بالارهاب فليكن صيني اذن. 
 
وخلال هذا المشهد تتراشق كل من الصين والولايات المتحدة التهم من هو المسؤول عن هذا المارد. 
 
ومن جهه آخرى تقف ألولايات المتحدة بترساناتها وقوتها عاجزة عن قذفه برشاش كمشهد بأحد افلام الأكشن ليخلص الشعب الأمريكي منه .
 
 فها هو ينتقل من ولايه لأخرى وينشر العدوى والوباء أينما حل. ومرة أخرى نجد أن المارد قد عرى معنى القوى العظمى الأولى وعرى استراتيجيتها بالتصدي للفيروس وتمييزها العنصري. 
 
البطل الثالث بريطانيا العظمى : لطالما تغنت بريطانيا بحقوق الإنسان  والتي تولي اهتماما كبيراً بهذا الموضوع في المنطقة العربية وتضع توصيات عدة للبلاد العربية وحكامها وتلزمهم بالالتزام بقوانين حقوق الإنسان. 
 
لنجد بالمقابل خبر لتقارير بريطانيه تقول : " أن المكتب البريطاني لحقوق الإنسان يوجه رسالة استغاثة للسياسيين البريطانيين، تطالب بانقاذها من نوايا الحكومة البريطانية وحزب المحافظين على وجه الخصوص الداعية إلى سن قوانين خاصة بالمملكة المتحدة لتخرج بها من مظلة منظمة حقوق الإنسان العالمية ومحكمتها وقوانينها".
 
ان مارد  كورونا قد عرى المملكه المتحدة أمام شعبها والعالم أجمع حيث اختارت بريطانيا تكنيك قليل التكلفه يسمى " مناعة القطيع "  وسمحت للفيروس بأن يغزو اطبائها و كبارها وصغارها. 
 
و كان قد طلب رئيس وزراءها بأول خطاب له بعد أزمة كورونا "ان يستعد الشعب البريطاني لمفارقة أحبابه" . 
 
واتضح الآن إن هذا التكتيك (مناعة القطيع) غير فعّال حيث أن العدوى بدأت تنتشر على نطاق واسع جدا. وللآن لم تتخذ بريطانيا إجراءات جادة وقوية لمجابهة المارد مما عرض رئيس الوزراء للكثير من الانتقادات سواء  من منظمة الصحة العالمية ومن الشعب البريطاني وغيره ناهيك عن نفاذ المعقمات والاقنعة الطبية والكحول الطبية وبعض المستلزمات من الأسواق منذ بداية الازمة. 
 
وبهذا نرى ان المارد  قد  عرى أيضا شعارات  التغني بحقوق الأنسان ببريطانيا العظمى وحال لسان شعوبها تقول لا اريد لأحبتي ان يفقدوني بل اريد  فقط..... "ان اعيش". 
 
اما بطلي الأخير فهو الاتحاد الأوروبي: إن أول تصريح لترامب ببداية أزمة كورونا كان السماح للطائرات القادمة من بريطانيا لتحط على الأراضي الامريكية بينما لا يسمح لطائرات الاتحاد الأوروبي، وهذا برأيي مؤشر مزعج للاتحاد الأوروبي خاصة بعد خروج بريطانيا حديثا من هذا الاتحاد. 
 
وكما نشرت TRT العربية "بان تفشي وباء كورونا في أوروبا  أظهر الكثير من الحقائق حول هشاشة العلاقة بين الدول الأوروبية التي يربطها اتحاد لم يقدم الكثير للحد من انتشار الوباء. وعندما طالبت إيطاليا بمساعدات من الاتحاد الأوروبي للحصول على معدات طبية لمواجهة الأزمة، احتفظت كل دولة بمخزونها لنفسها، بالإضافة إلى القرارات التي اتخذت لمواجهة التداعيات الاقتصادية، اتخذت كل دولة أوروبية إجراءات خاصة بها.
 
 ولم يكن السياسيين الاوروبيين مدركين مدى خطورة مارد كورونا فتأخروا ولم يكونو جديين بالاستجابة لمنع انتشار الفيروس وكانت نتيجته انتشار بالغ الخطورة  كما حدث بايطاليا وأعداد الموتى التي ضاهت اعدادها اقل الدول تقدما ونموا.
 
ناهيك عن حاله الخوف والهلع وشح المواد التموينية والطبية وهذا أيضا عرى  الاتحاد وأظهر مدى هشاشته. 
 
كانت تلك الدول العظمى  تمارس شعاراتها الرنانة  الى ان هاجمها مارد الكورونا ببؤر قوتها ليعريها تماما .
 
 وليكتشف للعالم أن استراتيجياتها لم تتهيأ  ليوم لتكون ضحيه غزو خارجي وان لم يكن عدوا حقيقيا. 
 
ومن المواجهه الأولى  فقدت السيطرة وتعرت أمام شعوبها ولم تستطع ان تلبي أبسط  حاجاتهم الصحية والطبية ومستلزماتهم الاساسية فهل نتوقع   لهذه الشعوب أن تقف صامتة أمام المآسي التي شهدتها وتسمع مؤسساتها تتغنى بالديمقراطيه؟
 
 مارد روايتي الاسطورية كورونا  سيموت حتما لكن بعد أن يضع بوصلة جديدة للعالم المستقبلي.
 
 
 
* ماجستير الإدارة الصحيه /RCSI
 مستشاره بشؤون المرأه العربيه.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد