الطاعون وكورونا العصر

mainThumb

17-04-2020 03:10 AM

ليس من عادة صاحبي أن يسألني عمّا أقرأ ، ولذا سررت كثيرا حين سألني فقررت بيني وبين نفسي أن أثقل عليه وأتحدّث قائلا : انتهيت اليوم من قراءة الطاعون لألبير كامو .. ولم يكن من عادته الإصغاء إلاّ أنه حين سمع الطاعون مال بكلّيته إليّ وأخذ ينصت .. قلت له : صدرت رواية الطاعون هذه عام 1947م بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية إبان الإحتلال الفرنسي للجزائر وهي في مجملها تتحدّث عن عاملين في المجال الطبي يتعاونان في عملهم زمن الطاعون الذي ضرب مدينة وهران طارحة أسئلة حول ماهيّة القدر والطبيعة الإنسانية وواصفا طبيعة الجزائر وشعب الجزائر وعاداته وتقاليدهونضاله ضد الفرنسيين الذي هو أحدهم وهي من أهمّ رواياته بعد الغريب وله الطريق والسقطة والرجل الأول .. وقد أدرك كامو بأن الشرّ هو مشكلة الإنسانية وقد تفنن في وصف الهلع والحظر والعزل ساردا الأحداث بطريقة التورية والرمزيات المخبّأة بإحكام بين السطور .. ومع أن الأوبئة ضربت كثيرا من مناطق العالم كما تضرب الجائحة كورونا الآن إلاّ أنه غطّى شخصيّاته بطبقات اجتماعية مختلفة من الطبيب إلى المطلوب من العدالة ووصف بدقّة وحرفيّة وقع الوباء على الطبقة الشعبية .. وتعتبر رواية الطاعون رواية رمزية إذ يمكن أن يحدث هذا الوباء في أية بقعة من بقاع العالم وقد حدث في عمواس مثلا ..


وقد حازت روايته هذه على جائزة نوبل للآداب .. وكان البير كامو مناصرا للفقراء الذين ينتمي إليهم وكان وجوديا شأنه شأن سارتر فبعد الحرب العالمية الثانية آمن معظم المفكرين الأوربيين بعبثية الحياة واتجهوا في كتاباتهم إلى رفض الواقع فظهر كتاب اللامعقول والعبث لقد أصبح الإنسان في مفهومهم الساخط أمثال صموئيل بيكت ويوجين يونسكو وبيراندللو وغيرهم ..
قال صاحبي : وكيف مات ؟ قلت له : قيل أنه صدم سيارته بشجرة فمات منتحرا ...
فمصمص صاحبي شفتيه ممتعضا ومضى إلى حال سبيله ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد