التغيير من الأساس

mainThumb

26-07-2020 02:04 AM

سعدنا جداً بالقرارات الأخيرة والمتعلقة بإعادة هيكلة إدارة حماية الأسرة ،وتوسيع اختصاصها ، ولكن حماية الأسرة والطفل يجب أن تكون من الأساس أي قبل تكوين العائلة وإنجاب الأطفال، فالمسؤولية تقع على عاتق العديد من المؤسسات والجهات وليست فقط على حماية الأسرة، لذا يجب التفكير بعمق أكبر ، ودراسة المشكلة من كافة جوانبها.


قبل إتخاذ قرار الزواج يجب المرور بالعديد من الخطوات الاستباقية للتأكد من سلامة الزوجين الصحية والنفسية، حيث إن زواج أشخاص غير مدركين حجم المسؤولية التي تنتظرهم ،وغير مطلعين على الحقوق والواجبات المترتبة عليهم، ولاتوجد لديهم أدنى حس بالمسؤولية اتجاه عائلتهم، ومبنية منذ البداية على النزاعات والمشاكل، وتنمر الزوج على الزوجة أو العكس، سينتج عنها الكوارث التي قد تنتهي بالتشرد، والتفكك، والتعاطي، والإنحلال الإخلاقي ...إلى أن تصل إلى القتل، وينتهي بناء هذه العائلة، فالزرع الذي ينبت في تربة غير صالحة لن نتوقع أن يثمر ثماراً طيبة .


فالحادثة الأخيرة " صرخات أحلام " والتي انتهت بقتلها بدم بارد، ليست الحادثة الأولى من نوعها ، وإنما هي حالة مكررة لقتل النساء ، ولطالما نتحدث عن المشاكل التي من هذا النوع بشكل سطحي، دون البحث عن الأسباب التي دفعت القاتل اللجوء إلى هذه الطريقة الوحشية للتعامل مع ابنته.


تساؤلات عديدة حول ما كانت تعيشه أحلام في السابق ، وماعاشته فعلاً أي كيف كانت تربية وتنشئة أحلام منذ الصغر ، كيف تلقت تعليمها، لماذا وصلت إلى طريق مسدود مع عائلتها بالرغم من أنها فتاة أربعينية ، الآن رحلت أحلام "ولترقد روحها بسلام "ماذا عن الضحايا القادمة ، كيف سنحميهم ؟؟ ونعالج المشكلة قبل أن تتطور وتنتهي بالقتل.


إذن يجب العمل إلى جانب حماية الأسرة ، والبحث عن حلول جذرية ، نصل بها إلى تغيير الفكر، وزيادة الوعي، ورفع مستوى الثقافة لدى المقبلين على الزواج :


أولاً: يجب إخضاع المقبلين على الزواج إلى جلسات نفسية للتأكد من سلامة الزوجين نفسياً، بالتعاون مع الجهات والمراكز النفسية، على أن يقدم الأطباء النفسيين خدمات تطوعية لأبناء مجتمعهم ،وأن يعززوا مفهوم " لا صحة جسدية دون صحة نفسية "، فكما يخضع المقبلين على الزواج إلى فحص الوراثة والذي يعد شرطاً أساسياً من شروط عقد الزواج، يجب أن يكون الفحص النفسي شرطاً أساسياً أيضاً، أعتقد أن هذه الخطوة أساسية لمنع الكثير من المشاكل الأسرية مستقبلاً.


ثانياً: إذ تجاوز المقبلين على الزواج الفحص النفسي والجسدي، يجب إخضاعهم إلى دورات تثقيفية وتوعوية فيما يخص الحياة الزوجية، وكيفية بناء عائلة سعيدة، وطرق التعامل مع الأطفال فيما بعد، وكيفية تنشئبة الأطفال على الأخلاق والمبادىء التي تتناسب مع ديينا، وأعرافنا، وعاداتنا وتقاليدنا.


ثالثاً: يجب أن يتم استحداث مساق ضمن المنهج الدراسي ، يحمل مفاهيم تبين للطفل الحقوق والواجبات المترتبة عليه أسرياً، وتدعو إلى تعزيز مفهوم أن يحمي الطالب نفسه إذ تعرض إلى أى عنف أو تنمر من قبل عائلته،مجتمه، أصدقائة، وتفعيل دور المرشد النفسي في المدارس، والسعي إلى توظيف حاملي الشهادات والخبرات في مجال الإرشاد النفسي في المدارس ، ليكونوا مجموعات إرشادية تسعى إلى تشجيع الطالب للحديث عن مشاكله، والعمل على معالجتها قبل أن تتطور وتصبح معضلة يصعب حلها.


رابعاً: على المؤسسات والمنظمات المعنية بحقوق المرأة والطفل ، تأسيس مجموعات فيسبوكية تعنى بالمرأة ، تسمح لهن بالفضفضة داخل هذه المجموعات ، وتمكنهن من تبادل الخبرات مع نساء أخريات عشن نفس الظروف، حيث أن المنصات الإلكترونية يمكنها أن تساعد الكثيرات على كسر حاجز الصمت، والبوح بالمشاكل الذي يعانن منها، على أن تقوم الجهات المعنية فيما بعد بمتابعة القضايا التي تدعو إلى تدخل سريع وبشكل سري.


خامساً: إعادة النظر في التشريعات والقوانين المتعلقة بارتكاب جرائم والتي تعرف " بجرائم الشرف" ، ومراجعة كافة البنود الخاصة بقانون العقوبات ، على أن تكون العقوبات المقلبة رادعة أكثر " فمن أمن العقوبة أساء الأدب".


هناك العديد من الحلول والقرارات التي يجب إتخاذها بأقصى سرعة ممكنة من قبل الجهات المعنية بحقوق المرأة والطفل ، يمكنها أن تمنع مثل هذه الحوادث المشؤومة على المدى البعيد، فالاقتراحات المقدمة ليست بالصعبة أو المستحيلة، وإنما يجب أن يبدأ التغيير من الأساس ،وأن تتعاون كافة الجهات لتنفيذها فالواقع الذي نعيشه أصبح مخيفاً ، ومحملاً بالمفاجآت الدامية ، لنعمل معاً لوقف العنف ضد المرأة و القتل بداعي الشرف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد