2020 تقلب الموازيين

mainThumb

17-08-2020 02:37 AM

تعتبر مرحلة الثانوية العامة من المراحل الفاصلة في حياة الطالب الأردني ، فهي التي تحدد مصيره التعليمي، وترسم طموحاته القادمة، وتسهم في بناء شخصيته ، وتؤهله لدخول سوق العمل، فاجتياز هذه المرحلة قبل عام 2020 كانت حلم للكثيرين، وخاصة طلبة الفرع العلمي الذين كانوا يعانون من زخم المواد العلمية وصعوبتها، ودقة الأسئلة وشموليتها.


توجيهي 2020 قلب الموازيين ، فمنذ إعلان نتائج الثانوية العامة والمجتمع الأردني في حالة من الذهول والاستغراب بسبب النتائج غير المسبوقة، وحصول 71 طالباً في الفرع العلمي على درجة 100%، فانهالت التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحمل السخرية والتشكيك بالنتائج، وطُرحت تساؤلات عديدة من قبل والصحفيين والأكاديميين والمدونيين حول مصير التعليم في الأردن.


وبالرغم من الفرحة التي عمت أرجاء الأردن ، إلا أن العديد من الأهالي مازالوا يرفضون فكرة التعليم الالكتروني، معبرين عن قلقهم من استمرارية تلقي أبنائهم الدروس عن بعد، متحدثين عن الفكرة بشكل سلبي متجاهلين إيجابية مواكبة التكنولوجيا ،ومجاراة التعليم الرقمي .


جميعنا نعلم بأن التعليم الرقمي جاء في ظرف استثنائي بسبب" جائحة كورونا" وقرار فرض الحظر الذي ألزم الأردنيين جميعا بيوتهم، فالتجربة جديدة وفريدة، لا نستطيع أن ننكر إيجابياتها ،من وجهة نظري استطاع الحجر والتعليم الرقمي منح طالب الثانوية العامة وقتاً إضافياً للدراسة ، فإدراة الوقت هي التحدي الأساسي لطالب الثانوية العامة.


حيث ان توفر الدروس عبر المنصات الالكترونية المختلفة ، وإذاعتها عبر القنوات التلفزيونية، أتاحت للطلبة إمكانية الرجوع للدرس وإعادته أكثر من مرة، بالإضافة إلى تنظيم وقته بما يناسبه، في السابق كانت العملية التعليمية وخاصة لطلبة التوجيهي مضنية ومرهقة ، فالاستيقاظ باكراً، واستخدام المواصلات للوصول إلى المدرسة، ومتابعة الحصص المدرسية مع المعلم لمدة 5 ساعات تقريباً ، وتلقي الدروس الخصوصية في المراكز، والسهر ليلاً، جميعها مقيدة لوقت وراحة الطالب.


أتسائل ما الذي يمنعنا كشعب أردني أن ننظر للأمور بإيجابية أكثر؟ لماذا نعطي هذه المرحلة قيمة أكبر من المراحل القادمة؟ إلى متى ستبقى مرحلة الثانوية العامة تحديد مصير أبدي ؟ فالمراحل القادمة من وجهة نظري أهم بكثير من مرحلة التوجيهي، فكم من طالب حاصل على درجة مرتفعة في التوجيهي أخفق في مرحلة البكالوريوس ، وكم من طالب حصل على درجة منخفضة أستطاع أن يثبت تميزه وأبداعه لاحقاً، فمعركة النجاح الحقيقة تبدأ بعد التوجيهي، وحسن اختيار التخصص وبما يتناسب مع ميول وإمكانات الطالب وحاجات سوق العمل .


ومما يثير الاستغراب ماتحدث به أحد الخبراء التربويين في اتصال هاتفي لإحدى القنوات التلفزيونية، حيث أبدى إنزعاجه من النتائج ، ومن ضياع هيبة التوجيهي، وكأنه يشجع على أن تبقى هذه المرحلة رعب للجميع، وحلم يصعب الوصول إليه، بدلاً من التشجيع على التعرف على ميول الطلبة منذ المراحل الإعدادية، واكتشاف المواهب والقدرات الكامنة بداخلهم، والعمل على تعزيز فكرة التخصصية منذ المرحلة الثانوية.


المرحلة المقبلة تتطلب تغييراً جذرياً فيما يتعلق بالنظام التعليم في الأردن، وعلى المسؤولين المعنيين بإدارة العملية التعليمية التوجه نحو إلغاء التوجيهي، والعمل على استحداث مساقات مهنية وتقنية ورقمية وإدراجها ضمن المناهج الدراسية، والتعرف على ميول الطلبة في المراحل الإعدادية، والعمل على استمرارية التعليم الرقمي وخاصة للطلبة في المرحلة الثانوية، واختيار التخصص الجامعي بحسب ميول الطالب وقدراته وإمكاناته، وحاجة سوق العمل الأردني.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد