فن التحكم بالآخر

mainThumb

27-09-2020 01:38 AM

عندما يزورك صديقًا لك في بيتك، وتبادر الى إكرامه فتسأله: "أتشرب شايًا أم قهوة ؟" هنا يستحيل أن يخطر بباله أن يطلب منك شرب العصير، وسيضطر إلى إختار أحد الأمرين وإن كان لا يفضل أيا منهما او حتى يرغب بإختيار آخر.

هذا تحديدا ما يسمى بـ "أسلوب التأطير"، وهو أسلوب يقودك الى إختيارات بعيدة كل البعد عن ارادتك وشخصيتك بناء على طلبك، ومنع عقلك من البحث عن إختيارات أخرى متاحة تناسبك أكثر!

البعض يمارس ذلك تلقائيا وبدون إدراك، والبعض يفعله بفطنة وذكاء!!


والقوة الحقيقية تكمن عندما تمارس هذا الأسلوب بدهاء "أي عندما أجعلك تختار ما أريد وأنت تظن أنه ما تريد !" بدون شجار وصدام وحتى بدون خسائر.


مثلا ...الأم تقول لطفلها: " بدك تنام الساعة الثامنة ولا التاسعة ..شو بتحب؟" بالطبع وبدون تفكير سيختار الطفل الساعة التاسعة وهو سعيد، معتقدا أنه الإختيار الأفضل بالنسبة اليه، ولكن الحقيقة أن اختياره جاء تحقيقا لرغبة الأم الخفية، التي دفعته لتنفيذها دون أن يشعر أنه مجبر لفعل ذلك بل يشعر أنه هو من قام بالاختيار، تفاديا لبكاءه او اعتراضه !

 

وهذا هو أسلوب الإعلام الموجه تحديدا! الذي يقود الرأي العام إلى ما يريد وهو يوحي للعامة بأن كل ما ينشره او يتداوله عبر محطته هو بناء على رغبتة وتحقيقا لطلباته، بينما الحقيقة مغايرة تماما، أذ أن جميع البرامج والأخبار تم إعدادها مسبقا لقيادة هذا الجمهور الى طريق واحد مرسوم مسبقا يتناسب مع توجهات ومصالح أصحاب المحطة والقناة.

 

بهذه الطريقة وهذا الأسلوب يسيطر البعض " الدهاة" على الآخر "الجهلة"، ليصل الجاهل في النهاية إلى نتيجة مفادها بأنه حر نفسه وسيد قراره وأن كل أفعاله كانت بمحض إختياره، حتى وهو يرى نفسه ينحدر من القمة نحو القاع، بينما يجلس الداهية بعيدا سعيدا بنجاح خطته التي رسمها لهذا الشخص.

 

 


* حقوقية متخصصة بقضايا المرأة والطفل
  خبيرة الإصلاح الأسري



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد