الأقلام المَأجورة بين اغتيال الشخصية وتلميعها

mainThumb

18-10-2020 12:32 PM

للأسف لقد كثُر في الآونة الأخيرة، وخصوصًا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وكثرة المواقع الالكترونية، المُنافقون من المدّاحين والهجّاءين، ويندرج تحت هذا ما يُسمى بـ "اغتيال الشخصية" والذي يهدف إلى تصفية شخص ما اجتماعيًا وسياسيًا، وذلك باستخدام الاكاذيب والاشاعات وتصيد الاخطاء والروايات التي يصعب اثباتها أو حتى نفيها، وذلك بقصد تصفيته وتشويه صورته بين الناس، وضرب مصداقيته وتقليل تأثيره السياسي والاجتماعي مما يؤدي إلى إبعاده عن الساحة، ورغم خطورة اغتيال الشخصية إلا أن الضرر يقتصر غالبًا على الصعيد الشخصي (العائلي)، بينما تلميع الشخصية إعلاميًا فهو أشد ضررًا على الصعيد العام، فقد يأتي بشخص غير منُاسب، مما يتسبب بضرر للمكان الذي جاء اليه والمجتمع عامة.
.. الابطال المعتادون لمثل هاتين العمليتين (الاغتيال والتلميع) هم عادة بعض الكُتَّاب والكتَبَة المأجورين، وبعض المواقع المأجورة، من الذين باعوا ضمائرهم بثمن بخس دنانير معدودة، ليقتاتوا على مُعاناة غيرهم، وذلك بتأجير أقلامهم وتوجيهها لخدمة هدف ما أو فئة مُعينة أو شخص معيَّن مقابل مردود مادِّيّ قد يكون مدفوع مُسبقًا، أو الوعد لاحقًا بمنصب أو منفعة ما، وذلك من خلال استخدام أقلامهم للهجوم أو الدفاع (الهجوم المُضاد) عن جهة مُعينة بأسلوب يفتقد غالبًا للمصداقية والشفافية والموضوعية، وبعضهم يتفنن بالمبالغة والتضليل والإشاعة وكيل الاتهامات حتى التي تتعلق بالنزاهة والأخلاق والسلوك للشخص المُستهدف، خاصة إذا رافق ذلك الحسد والغيرة والبُغض، وتصفية الحسابات ! فالبعض لا يتورع أن يتهم الآخر بالفساد لمجرد أن ينتقم منه، أو ليُثبت وجهة نظره، أو يُقصيه من طريقه، وكل ذلك من أجل تصفية الحسابات ونيل المُكتسبات، لدرجة أصبح فيها حتى الفاسد يجد من يُدافع عنه.
.. ويبقى أسواء هؤلاء، وأكثرهم نفاقًا من يُصْبِحُ مداحًا وَيُمْسِي هجّاءً، أو يُمْسِي مداحًا وَيُصْبِحُ هجّاءً، يتحول بلمح البصر من تلميع الشخصية إلى اغتيالها (أو العكس)، يبيع قيمَهُ ومبادئه من أجل منفعة، ليدفع له من يبتغي التطهير والشهرة وحب الظهور، بهدف اظهاره بأجمل صورة (غسيل رِجال !) ليظهر بصورة مُغايرة للواقع، ومنهم من يتحول بين عشية وضحاها من مدافع عن المؤسسة التي يعمل بها، إلى عدو لها لمُجرد أنه تم الاستغناء عن خدماته، لا يهمه إن كان ما يقوله حقيقة أو كذب وتزوير للحقيقة، لدرجة أنه قد يُفشي أسرارًا أؤتمن عليها بموجب عمله، وهناك من يهجو بلا سبب أملًا في أن يتم تسكيته بمنصب أو موقع، أو يمدح غيره بلا سبب للغاية ذاتها.
.. للأسف لقد غيَّبَت المعاناة والضنك والإقصاء والقهر الحقيقة عن الأغلبية، أو حتى مُجرد البحث عنها؛ يُثيرها خبر بوسائل التواصل الاجتماعي لا تعرف مدى صحته، لتبدأ معركة انتقام أو "فشة غُل" ليس لها نتيجة إلا ضياع الحق وتغييب الحقيقة، وزيادة البُغض والحقد، والإضرار بسمعة الأشخاص والمؤسسات، حتى امتلئ فضاء التواصل الاجتماعي بالضباب والسراب، وتصغير الحجوم وتكبيرها، وتنكر فيه الخطأ في ثوب الصواب، ولاذت الحقيقة وراء الخطأ.
.. رغم كل هذا فنحن مع حرية الأعلام المسؤولة المستندة الى الحقائق، القائمة على النقد الجريء البنّاء، الذي يُعطي الحياة معناها الحقيقي، وهذا بلا شك من مهام أهل الفكر والعلم، وأصحاب الأقلام والمواقع الحُرة، الذين يقع على عاتقهم المسؤوليةٌ الكبرى والعظيمة للمساهمة في الإصلاح ونشر الوعي والثقافة، من خلال التحليل والنقد البنّاء لكل ما نراه ونشهده من مواقف وأقوال وأفعال وردود أفعال، وتسليط الأضواء على الواقع، بدون تعصّب أو تحيّز أو مُحاباة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد