ضبط المثبطات الدماغية

mainThumb

30-10-2020 06:22 PM

ما يزال الدماغ يحمل أسرارا وعلوما خفية، وقدرات عظيمة غير مستغلة، يتحكم فيه غرائز تنتقل عبر الشفيرات الوراثية، موروثة عبر ألاف السنين، متغيرة عبر طفرات تحدث بين الفينة والأخرى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى سلوكيات وعلوم مكتسبة من البيئة المحيطة.

ومن سلوكيات الدماغ عند التركيز على شيء معين، عمل تثبيط للأشياء الأخرى، حتى تصل إلى درجة تعطيل الإشارات القادمة من الحواس، فمثلا؛ عند قيادة السيارة فإن الدماغ يثبط الصوت القادم من المحرك، فتقود السيارة من غير أن تسمع صوت المحرك إلا إذا حدث فيه صوت غريب.

وفي مثال آخر أكثر وضوحا؛ إذا دخلت الغابة للبحث عن فطر مثلا، فإن الدماغ يبدأ بتثبيط ما حولك من أصوات معتاد أن تسمعها في الغابة، كصوت الطيور والماء والهواء مثلا، ويثبط رؤيتك لكثير من محتويات الغابة للتركيز على ايجاد الفطر، ولن ينتبه إلا إذا حدث صوت غريب ككسر غصن شجرة مثلا، فإن الدماغ يلغي تثبيطه للأشياء الأخرى، ليعود الانتباه كاملا.

فلو استطاع الإنسان جدلا من السيطرة على هذه العملية(التثبيط الدماغي) وضبطها، والإبقاء على يقظته وانتباهه، واستقباله لكل اشارات الحواس، فإنه ومع الزمن والتدريب يخرج الإنسان من دوائره المغلقة بكل ألوانها وأطيافها إلى فضاء واسع رحب من التفكير، وبالتالي من العمل والإبداع، فقد استطاع الإنسان من عمل العكس، وهو فصل الدماغ عن كل المؤثرات الداخلية والخارجية، مثال ذلك جلسات التأمل عند الكهنة البوذيين، وهي جلسات تعطيل للدماغ، والخروج من العالم المحيط، إلى عالم التثبيط التام.

فالإنسان محكوم بغرائز موروثة، وسلوكيات وعادات مكتسبة، والدماغ يثبط أي حقائق أخرى لم يرثها أو يكتسبها الإنسان، فضبط هذه المثبطات والسيطرة عليها، وإطلاق العنان له ليعمل بكل طاقاته، ومشغلا كل الحواس، بالتأكيد سيمنح صاحبه قدرة عجيبة على التفكير والاستنباط والتميز، والخروج من الدوائر المغلقة، والكينونات الضيقة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد