نكهتكَ الفريدة

mainThumb

10-11-2020 12:15 AM

كم تأسرني الشخصيات المتميزة وكم أحب مجالستها.. فلا أجمل من التميّز والتفرد عن الآخرين..

 
ولا يكون هذا بالغنى المادي ولا يكون بجمال الشكل فهناك دائمًا من هو أغنى وهناك دائمًا من هو أجمل أو أكثر وسامةً، كما أن هاتين الصفتين كلتاهما خاضعتان للتغير وهما عرضةٌ للنقصان.. والجمال في النهايةً هبةٌ من الخالق إسهامنا فيها قليلٌ ويكاد يكون معدومًا..
 
إنما يكون التميز في صفاتٍ لا تتشابه في نوعها ومزيجها عند غيرك وهي في غالبيتها نتاج تفكُّرٍ وتعلُّمٍ وجهدٍ جسدي وتجارب حياتية وإعمالٍ للعقل.. كما أنها غالبًا في زيادةٍ ولا تنقص
 
والأعظم أن تجتمع عدة جوانب للتميز .. فكلما تعددت جوانب التميز لديك كلما كانت نكهتك أقوى وتأثيرك وجاذبيتك أكبر ..
 
والجانب الجميل أيضًا في التميز هو أنه مؤثرٌ في الغير وملهِم ومُعدي.. لذا وجب تخيّر من نقضي وقتنا بصحبتهم والحديث معهم أو مشاهدتهم والاستماع إليهم.. لأننا بالضرورة سنصاب مع الوقت ببعضٍ من جاذبيتهم..
 
وللتميُّز أنواع ووجوه متعددة، فهناك:
 التميز بجاذبية الشخصية والذكاء الاجتماعي
 
التميز في الأخلاق والمبادئ
 
التميز بالحكمة
 
التميز في المنجزات
 
التميز في خدمة الإنسانية
 
 التميز في خفة الظل والحضور الإيجابي المبهج
 
التميز بالعلم والثقافة
 
التميز الروحاني
 
التميز الرياضي
 
التميز في مقدار التأثير الإيجابي على الغير
 
التميز في القيادة
 
التميز في الحب
 
والتميز مُنتجٌ لا يتوفر بكثرة ولا يكسد أو يقل الطلب عليه… مجال التنافس فيه مفتوح لا ينتهي وسوقه لا يُشبّع.. على أن الوصول إليه أمرٌ في متناول الجميع لا يحتاج إلى رأسمالٍ أو مقومات جسدية أو عقلية وإنما يحتاج إرادةً قوية وقدرًا كبيرًا من العمل والتحمل والالتزام… وتحديدًا للهدف والمسار اللازم لتحقيقه … ومغالبةٌ للنفس والأهواء..
 
والتميز الحقيقي صفةٌ هادئة تتكامل وتتعاظم مع الوقت.. وتبرز دون تعمّد أو تكلّف ودونما حاجةٍ إلى الإبهار والحملات الدعائية على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي (التي كثيرًا ما تسوّق لتميزٍ مزيف هش مآله أن ينكشف).. وتبرز صفة التميّز أحيانًا حتى رغم عدم محاولة صاحبها الظهور.. فنجالس أحيانًا أشخاص لا يلفتنا مظهرهم ولا حركات جسدٍ متصنعة تنمُّ عن تباهٍ ولا يتعمدون لفت الأنظار.. لننبهر بعدها بشخصيتهم أو بمنجزاتهم أو قيمتهم الفكرية أو الإنسانية..
 
والتميز يشترط العشق لذاته والإخلاص له وصدق النوايا.. فلا يقبل سعيًا مقترنًا بتطلُّعٍ لشهرة أو نفعٍ مادي أو مصلحة.. كما لا يقبل إلا  طهارة الوسيلة والأدوات .. فكم نعرف من شخصيات شهيرة ظنناها في غاية التميز وعظم المنجزات لنكتشف فيما بعد قذارة وظلم سبل  الوصول إلى هذه الصورة المزيفة.. التي تتحطم على خلفية الوسائل التي استخدموها للوصول إلى الغايات..
 
والمتميزون دائمًا أشخاصٌ متواضعون.. لأن وصولهم للتميّز لم يكن سريعًا، وإنما مرّ بمسيرةٍ من الجهد والالتزام والآلام جعلتهم يدركون قيمته ومعناه وغايته.. إن كانوا مشهورين فقد جاءت شهرتهم عرضية غير مقصودة ولا مشتراة…
 
والمتميِّزون هم أيضًا أشخاصٌ ضنينون بوقتهم.. فلا يمنحونه إلا لما ولمن يستحق.. ولما ولمن يضيف لهم قيمةً فكرية أو معنوية أو نفسية .. 
 
 عزيزي الإنسان… تميَّز في جميع الجوانب التي تستطيع التميُّز بها… وتعلَّم كل ما يمكنك تعلمه
 
لا تجعل ذكراك تنتهي بقراءة الفاتحة أو بدعوة “فليكن ذكره مؤبدًا” بعد أن تُوارى الثرى..
 
لا تكن مثل الوجبات الباهتة لا طعم لها وإنما هي لملء فراغٍ في المعدة.. فلتأت بنكهةٍ مميزة.. نكهةٍ تترك في النفس أثرًا وفي المجلس حضورًا لافتًا.. حتى يصبح وجودك فيه مطلبًا ومكسبًا وتطلُّعًا….
 
 اجعل نكهتك مرفقة بتنبيهٍ يحذِّر خطورة الإدمان .. ولا تسمح بأن يكون حضورك وغيابك سيان…   
 
نعم، الوسامة أو الأناقة أو الجسم الرياضي أو المكانة الاجتماعية المرموقة أو الغنى المادي جميعها أمورٌ محمودة وإيجابية لا ننكر إغراءها.. لكن إن كان ذلك هو كل ما لديك لتقدمه للحياة والبشرية.. فلا فكرٌ ولا تميّز شخصية ولا معايير أخلاقية ومبادئ عالية ولا أثرٌ في البشرية أو في حياة من حولك….
 
فاقترابك عزيزي هو أشبه ما يكون بابتعادك ..       


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد