انتخابات ٢٠٢٠ وتجمهرات غير مشروعة

mainThumb

12-11-2020 04:12 PM

شهد الشارع الأردني خلال الأيام الماضية إجراء الانتخابات النيابية وإعلان نتائجها، ولما ينطوي على هذا الحدث من أهمية سياسية في الدولة الأردنية، فقد رافق إعلان نتائج الانتخابات احتفالات عمت كافة أنحاء المملكة، إلا أن هذه الاحتفالات خرجت عن حدودها المشروعة، وانطوت بعض الأفعال على مخالفة صريحة لقانون العقوبات من حيث التجمعات التي حصلت وما رافقها من إطلاق عيارات نارية، فهل يشكل قيام الأفراد بالتجمع للاحتفال بنتائج الانتخابات جرم التجمهر غير المشروع.
 
نصت المادة 164 من قانون العقوبات على أنه (1 - اذا تجمهر سبعة أشخاص فأكثر بقصد ارتكاب جرم ، أو كانوا مجتمعين بقصد تحقيق غاية مشتركة فيما بينهم ، وتصرفوا تصرفا من شأنه أن يحمل من في ذلك الجوار على أن يتوقعوا - ضمن دائرة المعقول - أنهم سيخلون بالأمن العام او أنهم بتجمهرهم هذا سيستفزون بدون ضرورة أو سبب معقول أشخاصا آخرين للإخلال بالأمن العام اعتبر تجمهرهم هذا تجمهرا غير مشروع . 
 
2 - إذا شرع المتجمهرون تجمهرا غير مشروع في تحقيق الغاية التي اجتمعوا من أجلها للإخلال بالأمن العام بصورة مرعبة للأهالي أطلق على هذا التجمهر ( شغب )، يلاحظ من هذا النص أن جريمة التجمهر غير المشروع هي من الجرائم الشكلية التي جرمها المشرع بمجرد حصول هذا التجمع بالشكل الذي اشترطه القانون، ويلاحظ أيضا أن المشرع لم يشترط لتحقق هذه الجريمة أن يتحقق القصد الخاص الذي وضعه المشرع لها وهو ( ارتكاب جرم) بل يكفي أن تكون الظروف والوقائع المحيطة بهذا التجمهردالة دلالة مؤكدة على أن غاية هذا التجمهر هو ارتكاب جرم، كما يلاحظ أن المشرع لم يحدد نوع الجرم أو وصفه الجرمي وبالتالي فإن هذه الجريمة تتحقق سواء أكانت الجريمة من نوع الجناية أو الجنحة أو المخالفة، إلا أن المشرع في الفقرة الثانية من ذات المادة جاء بحكم إضافي واعتبر أن قيام هذا التجمهر بالبدء بتنفيذ مشروعهم الإجرامي يشكل ما يسمى بأعمال ( الشغب)، أما بالنسبة للعقوبة المفروضة على هذا الجرم فقد جاءت بها المادة 165 من قانون العقوبات، فإذا كان الجاني قد اشترك بعملية التجمهر غير المشروع.
 
عوقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بغرامة لا تزيد على خمسة وعشرين دينارا او بكلتا العقوبتين، ويلاحظ أن عقوبة الغرامة المفروضة على هذه الجريمة تقع ضمن حدود المخالفة إلا أن الوصف الجرمي لهذه الجريمة "جنحة" لأن عقوبة الحبس التي فرضها المشرع على هذه الجريمة أتت ضمن الحد القانوني للجنح، أما إذا اشترك في أعمال شغب فأنه يعاقب  بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بغرامة لا تزيد على خمسين دينارا او بكلتا العقوبتين معا، ولكن السؤال الذي يثور هنا من الذي يحاسب على أعمال الشغب، هل هو الشخص الذي قام بالمشروع الإجرامي فقط أم كل من اشترك بالتجمهر غير المشروع، بالرجوع إلى النص القانوني وبتفحص المصطلحات اللغوية التي استخدمها المشرع في هذه المادة ودلالاتها نجد أن المشرع عندما عاقب على التجمهر غير المشروع في الفقرة أ من هذه المادة قد أورد لفظ ( كل من) وأن لهذا اللفظ دلالاته اللغوية الخاصة والتي تدل على التبعيض وليس العموم وبالتالي فإنه حتى يعاقب الجاني على جريمة التجمهر غير المشروع فإنه يشترط بأن يشترك بهذا التجمهر بالفعل بأن يكون متواجدا بذات المحيط الذي حصل فيه التجمهر، وكذلك فعل المشرع أيضا عندما أورد عقوبة جريمة ( إلحاق ضرر بمال الغير أثناء التجمهر غير المشروع) حيث أورد المشرع أيضا لفظ (كل من) فلا يعاقب على هذه الجريمة إلا من قام بها بالفعل، أما بالنسبة لجريمة الشغب فإنه بالرجوع للفقرة الثانية من المادة 165 من قانون العقوبات فنجد أن المشرع قد أورد لفظ ( مَن) وهذا اللفظ يفيد العموم وبالتالي فإن الجاني يعاقب بعقوبة أعمال الشغب أيًا كان دوره حتى ولو اقتصر دوره على التواجد في محيط التجمهر غير المشروع طالما أنه تجمعهم وحدة القصد الجرمي.
 
وتأسيساً على ما تقدم فإن قيام الأشخاص بالتجمع للاحتفال بالانتخابات وإطلاق العيارات النارية يشكل جرم التجمهر غير المشروع للقيام بأعمال الشغب لتوافر جميع أركان هذا الجرم، حيث أن الأفعال التي قاموا تشكل جرما وهو إطلاق النار دون داع.ٍ كما قد يشكل حيازة سلاح دون ترخيص بالنسبة للبعض مما يدلل على توافر القصد الخاص في هذه الجريمة، مع ملاحظة أن هذه الجرائم تدخل التكوين الجرمي لهذه الجريمة ضمن الركن المعنوي لها فلا يتم تجريمهم بهذه الجرائم بشكل مستقل.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد