لماذا تعتبر انتخابات 2020 الاكثر تميزا ؟

mainThumb

12-11-2020 05:24 PM

 رغم  الظروف السياسية والاقتصادية والوبائية  القاسية  في الاردن ودول الجوار والعالم ، اثبت  الاردنيون في الانتخابات النيابية التي جرت امس، ان الوطن اولا،  تماما كما اثبتوا  ذلك ،على مدى قرن من عمر الدولة الاردنية ، حين تمكن اباؤنا واجدادنا ، من التصدي  بنجاح  لتحديات  استراتيجة مدمرة،عجزت دول اخرى ذات  امكانيات اكبرعن مواجهتها باقتدار.
 
هكذا جسد  الاردنيون – قيادة وشعبا -  في معركتهم الانتخابية ، انهم  فعلا "اسم على مسمى"، فتطابق  اسم الاردن ( الدولة )،مع المعنى اللغوي  لكلمة "الاردن" حسب  قواميس اللغة العربية وهو  - الشدة والغلبة –  
 
فقد تمكن الاردنيون امس ، من التغلب على الشدائد السياسية، والأقتصادية ، والوبائيه والاجتماعية ، الضاغطة  عليهم ، وذلك حين شارك قرابة  30 بالمائه ممن يحق لهم  الانتخاب في  العملية الانتخابية،  وهي نسبة عالية اذا قورنت  بالأخطارالمدمرة ، التي تحيق بنا وبمن حولنا ، وفي طليعتها ااخطار ومصاعفات الانتشار الواسع لفايروس كورونا ، وتغوله  ،حتى انه  تمكن حتى  الان ، من حصد ارواح 1.25  مليونا من  البشر،واصاب 50 مليونا بالوباء، وفقد 147 مليونا وظائفهم ، وحدث تدهور اقتصادي غير مسبوق ،مما الحق  خسائر اقتصادية ضخمة ، قدرها صندوق النقد  الدولي باكثرمن  12 تريللون  دولار..
 
تحققت هذه المشاركة الشعبية  في انتخابات 2020 ، رغم ان مراكز الدراسات والاستطلاعات  المحلية والدولية  الراقية توقعت ان لاتزيد  عن  25 بالمائه   ، بسبب  التحديات  الضخمة القاتلة التي يواجهها الاردن ،وانشغال المملكة  بمضاعفات ازمة كورونا ، والتغييرات السياسيه  الانقلابية  في المنطقة ودول  الجوار، والعالم  ، وتسيد اسرائيل للمشهد السياسي الشرق اوسطي ، الا ان الشعب الاردني تجاوز بقوة كل هذه التحديات كعادته دوما في تجاوز  المحن .
 
 ومثلما تجاوزت  المشاركة  الشعبيه في انتخابات 2020 كل التوقعات ،  فانها حققت تقدما نسبيا  مقارنة  بنسبة  المشاركة في انتخابات 2016 ، والتي بلغت 37  بالمائه  ، رغم ان التحديات والاخطار المحيقة بالاردن  اليوم، اضعاف سابقتها ، بل هي الاقسى  في تاريخ  الملمكه .. مما يجعل ماتحقق امس انتصارا مقبولا مقارنة  بما تحقق عام 2016  وبما كان متوقعا تحققه .
 
 بل يمكن القول ان انتخابات 2020 تميزت عن كل  الانتخابات التي جرت في الاردن ، بان 47 حزبا سياسيا اردنيا شارك بها  ، يمثلون كل  الاطياف السياسيه  اليمنيه واليساريه والوطنية والعقائديه والدينيه ، ممايجعلها نقلة نوعيه  غير مسبوقة في تاريخ  الانتخابات البرلمانيه  الاردنيه .
 
كما تتميز انتخابات امس بانها شهدت  حضورا شبابيا  غير مسبوق ايضا  من حيث الترشيح والانتخاب على حد سواء .
 
 لقد مارس الاردنيون حقهم  الدستوري في انتخابات 2020 ، تجاوبا مع ضميرهم اولا،  واستجابة  لنداء الملك عبد الله الثاني لهم  بممارسة  هذا الحق ، ليثبت جلالته للعالم  كله ، ان  في الاردن شعب متمرس  على مواجهة الشدائد، والتغلب عليها، تماما كما يوحي اسم " الاردن"  بذلك لغويا . فانطبق المسمى  السياسي على المعنى اللغوي . 
 
وتمكن الاردن عبر انتخابات امس من ارسال رسائل  للدول  الشقيقه والصديقة، مفادها ن الاردنيين شعب قادر  على تحويل  الأزمات الى  فرص واعدة ،واستثمارها ايجابيا للارتقاء بالوطن ، وبناء الاردن الجديد  ، الذي يطمح اليه الملك وكل  الاردنيين . 
 نجح الاردنيون  امس ، وخاب امل من راهنوا  على فشلهم  في  اجراء انتخابات  نيابيه ، تماما كما فشل من راهنوا  سابقا وعلى مدى قرن من الزمان  ،  على امن واستقرار ووحدة وسلامة الاردن والاردنيين .
 
لقد اصبح  الاردنيون  خبراء في  تغيير  المعادلات  السلبية  الى ايجابيه ،  وتحويل  الألم  الى ألم ،  والترح الى   فرح ، معتمدين  على  ارادتهم  القويه ، وقيادتهم  الهاشمية ، التي خبروها منذ تاسيس هذا الحمى  العربي قبل نحو مائة عام 
 
و لأن" القائد الرائد لايكذب  اهله " فقد سار  الاردنيون  مع قيادتهم  الرائدة ،لنصرة  الملك ، والوطن ، واكدوا انهم عند حسن ظن قائدهم  ، كما كانوا دوما عند حسن ظن كل قادة بني هاشم ، الذين  اجتازوا بحكمتهم وحنكتهم ومحبة الاردنيين لهم ،كل  الصعاب والتحديات ، حتى اصبحت  المملكة – قيادة وشعبا - موضع احترام وتقدير المجتمع  الدولي .
 
لم يترك  الاردنيون الحكومه وحدها تعمل على تنفيذ  الأمر  الملكي باجراء الانتخابات  ،بل عملوا معها، ومع كل المؤسسات  الرسميه والخاصة المعنيه ،لانجاح العملية الانتخابية ،فانتشرت في شوارع وميادين وحارات المملكه  وفضائها  الاليكتروني ، عشرات الالاف من اليافطات والشعارات  الانتخابيه ، وجند الاعلام  الخاص  قبل الرسمي كل امكانياته للمشاركة في  هذا  العرس الديمقراطي ، ليكون لائقا ، رغم  اجراءات  التعامل مع  "كورونا " التي حدت من لقاءات المرشحين  بناخبيهم ، وحالت دون التماس المباشر معهم  وحالت دون حدوث الكثير من الفعاليات   الضروريه  في مثل هذه الاحوال . 
 
هكذا انتصر  الاردنيون   للدستور  الاردني،  ولقرار الملك باجراء الانتخابات في موعدها ، لانه قرارهم اولا واخيرا ، فتحابوا وتعاونوا وعملوا معا ، لانجاح العملية الانتخابية ، لثقتهم  بان  الملك  ليس ناطقا  باسمهم  فقط ، بل انهم وجلالته ، جسد واحد،  وروح واحدة ،  وقلب واحد ،شركاء   في  الألم والأمل والمستقبل ، اعتادوا على العمل معا ، ليبقى  الار دن كما اراده  الهاشميون المؤسسون الاوائل  ،رمزا للمحبة والسلام والاستقرار والازدهار والتشاركية       
                 
الكاتب : صحفي وباحث


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد