سِيَاسَة فَتْح أو إِغْلاَق الأَبْوَاب لِلْمَسْؤُول الأَوَل فِي أَي مُؤَسَسَة

mainThumb

30-11-2020 02:55 PM

 تعتبر سياسة الأبواب المغلقة التي يتخذها بعض المسؤولين في بعض مؤسساتنا العامة أو الخاصة من السياسات الفاشلة في الإدارة، والكثير من خبراء الإدارة في العالم يعتبرونها سياسة الضعفاء وعديمي الثقة بالنفس والذين يعانون من فوبيا مقابلة الأشخاص الأكفأ منهم على كل المستويات. وأصحاب هذه السياسة ييررون ذلك بإنشغالهم الدائم وعدم توفر الوقت لديهم لإستقبال ومقابلة موظفين المؤسسة أو المراجعين وجهاً لوجه، وبالتالي تجعلهم سياستهم هذه يقبعون في مكاتبهم خلف الأبواب المغلقة. علماً بأن المراجعين للمؤسسة وللمسؤول الأول إذا لزم الأمر يمثلون الشريان أو الشريانات الرئيسية داخل كافة الوزارات والمؤسسات والهيئات (الجهات الرسمية والخاصة) التي تمد دوائر المؤسسة المختلفة بالدم وتزودها بالأكسجين وتخلصها من ثاني أكسيد الكربون. وبالتالي فإن التعامل مع جميع شرائح المجتمع داخل المؤسسات الخدمية يتطلب عادةً مجهوداً كبيراً من المسؤول الأول فيها حتى يشعر المراجع بحالة من الرضا عن الخدمات المقدمة له، وهذا بالتأكيد يتطلب تطوير المهارات الشخصية والوظيفية ومهارات الإتصال للمسؤول الأول وفريق عمله داخل الجهات المعنية. ومن الممكن أن تبرر سياسة الأبواب المغلقة في بعض الحالات النادرة جداً نوعاً ما في بعض المؤسسات الخدمية التي يكون فيها المراجعون مزعجون جداً وللغاية وبالخصوص عندما تؤدي مراجعة بعض المراجعين لرأس الهرم مضيعة للوقت وهدر للطاقات والإمكانات. ولكن إغلاق أبواب المسؤول الأول في المؤسسات بشكل عام لا مبرر لها وخصوصاً في المؤسسات الأكاديمية لأن معظم المراجعين من أعضاء هيئة التدريس في الكليات أو الجامعات وهم على علم بأن وقت المسؤول الأول ثمين ويجب مراجعته في القضايا التي لا يمكن حلها من قبل المسؤولين الذين في مستويات تليه في الإدارة. الأمر الغريب جداً أننا قمنا بعد ظهر هذا اليوم الأربعاء الموافق 18/11/2020 بزيارة لإحدى الوزارات في أردننا العزيز. فقابلنا عطوفة الأمين العام للوزارة بكل أريحية وكان لطيفاً جداً ولم نأخذ من وقته أكثر من ثلاثة دقائق: سلَّمْنا عليه وباركنا له (في المنصب ولو كان ذلك متأخراً نوعاً ما) وأوضحنا له وجهة نظرنا في إحدى القضايا الأكاديمية وودعناه ومن ثم غادرنا مكتبه.

 
ولكن الأمر الذي صعقنا بالفعل هو أننا عندما حاولنا إستخدام المصعد للدور الموجود فيه مكتب معالي وزير تلك الوزارة كان المصعد مبرمجاً بعدم الصعود لذلك الدور والخاص بمكتب الوزير. وعندما حاولنا فتح باب الخشب الموضوع على الدرج المؤدي للدور نفسه، وجدنا الباب مغلقاً بالمفتاح (علماً بأننا زرنا هذه الوزارة من قبل فترة وصعدنا بالمصعد لمكتب الوزير ولم يكن هناك باباً على الدرج المؤدي للدور نفسه ولم يكن المصعد مبرمجاً بعدم الصعود لدور مكتب معالي الوزير، ولكن لا ندري أي معالي وزير فعل ذلك؟ هل الحالي أم أحد الذين من قبله حتى لا نظلم أحداً؟، ولكن إذا لم يكن الحالي، لماذا لم يأمر الحالي بإلغائها؟). فعدنا وسألنا السيد مدير مكتب عطوفة الأمين العام للوزارة كيف يمكننا الوصول إلى مكتب معالي الوزير؟ فقال لي يجب أن نستأذن أولاً فقلنا له: يا ريت تتكرم علينا وتستأذن لنا ففعل وأعطي الموافقه لفتح الباب المغلق على الدرج فصعدنا للدور المعني وقابلنا مدير مكتب الوزير وكان لطيفاً جداً وطلبت منه الإستئذان لي أن أقابل معالي الوزير للمباركة له والسلام عليه. فبعد قليلاً من الإنتظار، قال لي تفضل ولكن معاليه عنده إجتماع على الساعة الواحدة والربع وعندما نظرت للساعة كانت تشير عقارب الساعة إلى الواحدة وثلاثة عشرة دقيقة (01:15 – 01:13 = 2 دقيقة)، هذا يعني أنني معي فقط أقل من دقيقتين فإبتسمت وقلت له توكل على الله سيكون لقائي مع معاليه أقل من دقيقتين. فدخلت فوجدت عند معاليه أمين سر مجلس الوزارة، علماً أن معاليه يعرفني وقد كنت أحد المؤازرين والداعمين والمساندين له خلال فترة توليه رئاسة الجامعة التي أعمل بها، فباركت له وسلَّمت عليه وأوضحت له سبب زيارتي وودعته وكان ذلك فعلاً في حدود دقيقتين ليس أكثر. وعندما نزلت في المصعد (كان المصعد يسمح بالنزول ولا يسمح بالصعود لدور معالي الوزير). وجدت أمين سر مجلس الوزارة أمامي خارج باب المصعد وقد سبقني في النزول (لأنني تكلمت مع مدير مكتب الوزير قليلاً قبل المغادرة) وكنت أعرفه منذ سنين فذهبت معه لمكتبه وجلست عنده بعض الوقت، وقد إتضح لي أن معاليه لم يكن عنده إجتماع (ما أجمل الصدق، وما أجمل حفظ المعروف بين الناس وعدم نكرانه). فنعتقد أن بعض الأشخاص قبل أن يتولوا مناصب قيادية في الدولة يجب أن يجتازوا إمتحان نسميه إمتحان قوة الشخصية والدبلوماسية وحسن التصرف ومهارات الإتصال. ونتساءل ألم يحلف أي معالي وزير من وزراءئنا القسم التالي: أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة (أليس المقصود بالأمة هي الأمة في الأردن أولاً) وأن أقوم بواجباتي الموكولة إلي بأمانة؟!. نسأل الله أن يولي أمورنا خيارنا ومن يخافون الله في أنفسهم وفي غيرهم ولا يغلقون المصاعد التي تؤدي إلى دور مكاتبهم ولا يضعون أبواب خشب مغلقة على الأدراج (السلالم) التي تؤدي إلى أدوار مكاتبهم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد